التحولات السياسية التي شهدتها المنطقة العربية خلال العامين الماضيين فيما بات يسمى بثورات الربيع العربي ، قد منح جماعة الإخوان المسلمين فرصة ليكونوا حكاماً في أكثر من دولة عربية وليقدموا مشروعهم الأمثل في الحكم والإدارة والاقتصاد ويظهروا أفضل ما عندهم كأحزاب حاكمة.. ويقولوا للجميع إنهم قادرون على تحمل أعباء السلطة وإدارة شئون البلاد والعباد على بينة وبكل إخلاص وأمانة. كما أنهم أكثر انفتاحاً على غيرهم وأفضل ألف مرة من الأنظمة السابقة في ترجمة آمال الشعب وطموحاته، وسرعان ماسيدرك المشككون بقدرة وكفاءة الإخوان المسلمين أنهم كانوا على خطأ وسيرون بأعينهم الفرق الشاسع بين حكم الإخوان وحكم من كانوا قبلهم من الأحزاب والحكام بمختلف اتجاهاتهم. واليوم الإخوان المسلمون في مصر هم أصحاب الحل والعقد وهم الحاكم والسلطة وبيدهم أدوات التغيير وهم أصحاب القرار ولاصوت يعلو فوق صوتهم وعليهم تقع مسئولية أمن البلاد واستقرار وحماية الشعب وحقوقه وممتلكاته ،والأهم من هذا عليهم تقع مسئولية تطبيق كل المبادرات والمشاريع والمقترحات التي كانوا ينادون بها ويمنون الشعب المصري حين كانوا في صفوف المعارضة وبعيدين عن السلطة ومصدر القرار. فهل نجح مرسي وجماعته في تقديم مشروع حكم إخواني نموذجي يمكن الاستشهاد به كتجربة لحكم الإخوان قابلة للاستنساخ أيضاً؟! وهل صدق الرئيس مرسي وعده وأقنع شعبه بأنه الأفضل وأن أحلام المصريين العريضة في الديمقراطية والحرية والعيش الكريم والمواطنة المتساوية والرخاء والأمن والاستقرار وسيادة النظام والقانون لن تكون مجرد أضغاث أحلام سقطت برحيل مبارك وجلوس محمد مرسي مكانه؟؟! المشهد السياسي في مصر وحالة الغليان الذي يعيشه الشارع المصري لايدعو للتفاؤل، وأن حكم الإخوان لايسير في الاتجاه الصحيح ،فالأحداث الدامية التي عاشتها مصر أثارت مخاوف المصريين وألقت بظلالها على مستقبل حكم الإخوان.. فالشعب المصري وجد نفسه أمام حكم استبدادي وسلطة قمعية محاطة بتيار ديني متطرف يرى البطش والتنكيل والعنف وسيلة لفرض هيبة الدولة ويعتبر أي معارضة له هو خروج عن الشريعة وتمرد على الشرعية والموت دون المساس بكرسي السلطة مهما كانت التضحيات. عشرات القتلى ومئات الجرحى والمعتقلين هي حصيلة أيام قلائل في أول اختبار لحكم الإخوان وديمقراطيتهم وتعاملهم مع الطرف الآخر المعارض لهم.. هذا العنف الذي تعاملت به السلطة مع الاحتجاجات شكل صدمة للشعب المصري الذي وجد نفسه أمام خيارين، إما القيام بثورة جديدة لاستعادة ثورته المسلوبة.. وإما الرضوخ والاستسلام والقبول بحكم الإخوان وهيمنتهم وانتظار ما ستؤول إليه هذه التجربة التي ربما تكون بداية النهاية لحكم الإخوان ، ليس في مصر وحدها وإنما في بقية الدول العربية التي يسعى الإخوان إلى الاستحواذ على السلطة فيها. رابط المقال على الفيس بوك