أسعف الدكتور عبده علي عثمان قبل أيام إلى إحدى مستشفيات بيروت نتمنى له من كل قلوبنا الشفاء العاجل. وقد أحسنت صنعاً الأستاذة أروى عبده عثمان، عندما كتبت عن حالة الدكتور وما يعانيه بهذه الصحيفة الفتية “الجمهورية” والتي باتت مثلاً أصلاً لحرية الرأي والرأي الآخر، وتجلى هذا المنبر أكثر ما يكون صراحة وحيادة، وأمانة في أعقاب ثورة الشباب الأخيرة عام 2011م, وأما عن الأستاذ العزيز عبده علي فإن موضوع الأستاذة أروى عنه كان قد أثار في نفسي ووجداني سلسلة طويلة من شريط ذكرياتي لعام 1955م ، وإلى مدينة “التواهي” والطالب النشط النجيب مع ثلة من زملائه طلبة المدرسة الأهلية، وعلى ما أذكر منهم: عثمان عبدالجبار، وقاسم سلام، وسعيد عبدالجبار، وآخرين لم تسعفنيِ الذاكرة بإيراد أسمائهم.. ففي هذا التاريخ كان كاتب هذه السطور قد أجمع على اختياره مجموعة من الشباب وترشيحه لرئاسة جمعية الإخاء والتعاون التي كان مقرها بمدينة التواهي، وهذه الجمعية كان معظم أعضائها من أبناء الشمال اليمني، إلى جانب أنها كانت تضم بين أعضائها أعداداً من أقطار عربية مختلفة وأعضاء من مدينة عدن وغيرها من أبناء اليمن.. وعلى أثر ذلك الزخم الهادر لثورة 23يوليو المصرية، وما جاءت به من أفكار وشعارات قومية ووطنية.. وما تلا ذلك من تطورات تحررية بأرجاء الوطن العربي.. وكان يقتصر دور تلك الجمعيات حتى ذلك الحين على أن تكون ملاذاً لأعضائها أي كسكن وموئل لجمع شملهم ، لا سيما وأنه كان ينظر إليهم كوافدين أجانب إلا أن رؤية الناس بعد ثورة مصر تغيرت ونظرتهم اكتسبت أفقاً جديدة. وعقب الانتخابات السنوية للجمعية ونجاح كاتب هذه السطور كرئيس لها مع عدد من الشباب كأعضاء بالهيئة الإدارية عقب كل ذلك أخذ دور تلك الجمعية يتضاعف نشاطه وتم فتح علاقات واسعة بمختلف الهيئات والنوادي وأبرز تلك العلاقات كانت مع الاتحاد اليمني للأحرار وهذه كانت في نظر القوى التقليدية خطوة خطيرة خاصة عندما أخذنا ندعو العديد من أعضاء الاتحاد اليمني لألقي محاضرات عامة بمقر الجمعية وأذكر منهم الأستاذ المرحوم: محمد أحمد نعمان والأستاذ محمد عبدالله الفسيل والأستاذ علي عبدالعزيز نصر وآخرين ..بهذه الأثناء انبرى الإخوة عبده علي ،وعثمان عبدالجبار وقاسم سلام، وآخرون فأسسوا ما سمي: (بالندوة الثقافية للشباب العربي) في إطار جمعية الإخاء والتعاون المشار إليها آنفاً.. فقد أرادوا أن يكون لهم وضع مميز، عن الجمعية وتم لهم ذلك. وفكرة الندوة قد كانت بعد مجيء المرحوم الأديب الشاعر: عبدالله سلام ناجي من القاهرة في إجازته الصيفية وبتوجيه من الأخوين أحمد حيدر، وصالح الحبشي، وكان من بين الطلبة الأكثر نشاطاً ونباهة وحضوراً عبده علي عثمان.. هذا ملخص مختصر لفترة من فترات أيام خلت في مدينة عدن.. أما فترة عمل الأستاذ عبده علي عثمان في شمال الوطن، فقد كانت أكثر معاناة من سابقاتها.. وفي موضوع الأستاذة أروى عبده عثمان المنشور بصحيفة الجمهورية قبل أيام، ورد في سياق الموضوع باللقب الذي أطلق عليه واشتهر به بين صفوف رفاقه ومعارفه، وهو (بغاندي) فهذا اللقب أو التوصيف لم يأت اعتباطاً أو مزحة، وإنما أطلق عليه لزهده وإيثاره وسلوكه اليومي المتمثل بتصرفاته وعلاقاته مع الآخرين ..وقد تمثل هذ السلوك إبان الفترة التي تعين فيها وزيراً في فترة من فترات رئاسة محسن العيني للحكومة ففي هذه الفترة لم تغير الوزارة من طباع وسلوك الأستاذ عبده علي أي شيء وإنما زادته الوزارة وزادت طباعه وسلوكه صلابة وثباتاً وقوة على ما كان عليه سابقاً.. فتح باب منزله على مصراعيه لكل من يقصده وكانت مائدة الطعام لكل من هو بحاجة إليه.. فكان معظم العاطلين عن العمل يؤمون منزله بدون حرج أو تردد لأنهم يعرفون من هو عبده علي ويدركون طيبة نفسه وكرمه.. وهذه الخصال النبيلة والسمات السمحة والكبيرة تجعلني استحضر روح تلك العلاقات الودودة التي كانت تسود الناس في مدينة عدن في فترات بداية خمسينيات وستينيات القرن المنصرم حيث كان المرء العائش بدون عمل بمعنى عاطل عن العمل فإنه لا يلقي بالاً أو هماً لفطوره أو غدائه أو عشائه وإنما فقط أن يحضر وقت تناول الطعام في أي مكان كان له معاريف بالنادي أو المبرز الخ... فقد كانت تسود الناس حالة من الإحساس بالمودة الحميمة والشعور بعدم الاغتراب تجاه الآخر.. وعبده علي عثمان كان خير من جسد تلك المعاني طبعاً هناك الكثيرون من هذه الشاكلة التي على شاكلة عبده علي من أقرانه وأصدقائه الذين ما يزالون على صداقتهم له حتى اليوم إلا أننا نحن هنا في مدينة تعز ربما أن بعد المسافة قد كانت سبباً من أسباب القطيعة بيننا وبينه ..وفي ختام هذه الدردشة أو الخربشة على الورق، لا يسعني إلا أن أرجو له الشفاء العاجل والعودة بسلامة الله وحفظه. رابط المقال على الفيس بوك