يتعامل البعض مع من حوله بازدراء وتعالٍ وأنانية وكأنه خلق (بضم الخاء) ليكون ملكاً والناس من حوله عبيد ولدتهم أمهاتهم مكبلين بقيود الطاعة والخضوع بينما يحمل على رأسه تاج الفخر والكبرياء وهو لا يستحق أن يكتب التاريخ اسمه مع من صنعوا مجداً أو خلفوا أثراً سامق النجوم وصافح الثريا أولئك هم الطبول الفارغة التي لا تخبئ في أحشائها إلا الخواء ولا تحمل على ظهورها إلا الصدى. من الناس من يرى الحياة فرصة لفرض وجوده بالقوة وغنيمة للنيل من حقوق الآخرين، يراها لعبة محسومة وحلبة لا يقف عليها إلا هو ، لا يعرف من الكلام إلا أقساه ولا يفهم من المفردات إلا أكثرها شراسة ولا ينطق من الكلمات إلا أشدها ضراوة. الناس أمامه بعض شيء، صفة بلا موصوف، اسم بلا مسمى وربما لم ير أمامه إلا نفسه فقط. هو الآمر فلا يعلو على صوته أصوات وهو الناهي فلا يمنع ولا يقطع إلا هو جهلاً بأن يرتدي حلة التأليه وهو أقذر ما يكون.. يدفعه إلى ذلك انقطاع الخيط بينه وبين خالقه وعجزه عن إدراك الغاية من وجوده وعدم تقديره لتلك اللحظة الزمنية بالغة التناهي والتي تفصل بين حياته الدنيا وحياته الآخرة إنه يرى الحياة من خلال روحه الباطشة ويستشعر القوة من ذاته التي تصم أذنيها عن صوت الضمير وتغمض عينها عن شعاع الحقيقة، روح عاصية، متجبرة، جاحدة لربها، تسير بلا خطامٍ وتتيه بلا وجهة وتموت بلا خاتمة وكأنها خلقت من عدمٍ إلى عدم. صنف من الناس يحب أن يأمر فيطاع والناس من حوله بين أتباع وأشباه اتباع، من حقه أن يقول وعلى الناس أن تسمع حتى لو لم يكن في حديثه بعض فائدة، لا يسبق حديثه مع الآخرين بود ولا يلحقه برجاء وتختلط أمام عينيه وبين يديه معاني الاحترام والتقديس والذل والخضوع والتواضع واللين وكأنه لا يحمل عقلاً مميزاً ولا إدراكاً حياً وتجده شاهراً عصا الولاء والاستسلام في أعين الناس سواءً كانوا تحت إمرته أولم يكونوا وسواءً كان هو صاحب الفضل عليهم أو لم يكن. يعيش وحيداً فالناس من حوله أضداد لا تناسبه وصفات لا تلائمه ومواقف يراها بعين طبعه فلا يقبلها ولا يرضاها. عزلته تزيد من بشاعة خلقه وتشجع الأنا الغامضة التي تسكنه على التقوقع أكثر كما لو أن المجتمع عالم وهو بحد ذاته عالم آخر إنسان ترعرع في كنف الجحود وشرب ماء التعالي واستوت كل نواياه على صخرة الغرور فيرى نفسه المبدع والمبتكر والناس من حوله بين غبي ومعتوه وحتى مجنون ومذبوح بسكين الجهل، وحده الحاذق ووحده المتمكن ووحده من يستطيع، ولو أنه فقه الأمور كما ينبغي لقرأ الشفقة في أعين الناس من حوله وللمس بين أيديهم اليأس منه أنه الإنسان الذي وظف كل حواسه لخدمة ذاته التي لا ترى الآخرين من حوله فهي كالمرآة التي لا تعكس إلا وجه طالبها، حين يقف المرء منا أمام أحد هؤلاء الجبابرة من حولهم ويبقون فرادى تلفهم حيرة الاختيار بين العودة إلى فراغ الداخل أو الوقوع في فراغ الخارج، إنها تلك اللحظة التي يكتشف فيها هؤلاء عجزهم التام أمام ذات لم تعد تأتمر لهم وجسد يرفض أن يحتوي ذاتاً تمردت عليه وبين هذا وذاك تبقى أرواحهم معلقة في حبال العظمة المفقودة. رابط المقال على الفيس بوك