شدة الحاجة مع شدة الجهل تجعل صاحبها موضعاً للاستغلال، هذه سُنة إلهية في الأنفس والمجتمعات يذكرها الدكتور عبدالكريم بكار في كتابه الماتع: هي هكذا. الفقر والجهل ثنائي مرعب لا يجتمعان في مجتمع إلا ويعطيان نتائج سيئة جداً وقد اجتمعا للأسف في شريحة واسعة في بلدنا الحزين ونعيش نتائجهما يومياً بمزيد من القتل والتخلف والتراجع والتدهور السياسي والاقتصادي وتفكك الوحدة الوطنية. أنا لا أتحدث هنا عن أمير الحرب الذي دشَّن حروبه تحت لافتات ظاهرها الخير والصلاح، ولاعن موبوء فكرياً يُفتي على هواه وعلى ما أملتْه عليه مصالحه، ولا عن غيرهم ممن يشبههم، هؤلاء قد منحوا ضمائرهم إجازات مفتوحة لا أظنها تنتهي، ولكن أتحدث عن ذلك الجاهل الذي صدَّق كذبات هؤلاء ببراءة كبيرة تصل حد السذاجة أو ذلك الفقير الذي اضطر للانضمام لكتائب الموت مقابل الغذاء. الجاهل الفقير قدراته العقلية والتفكيرية محدودة جداً وليس لديه ما يخسره وبالتالي فمن غير المنطقي أن تطالبه بالتعقل تجاه الكم الهائل من الخُطَّب الرنانة التي يصبّها خطباء الحرب على أذنيه تحت عناوين المظلومية وأخذ الحق والعيش الكريم، وهنا يأتي دور الدولة بمؤسساتها المختلفة، هل ثمة برامج لتقليص بؤر الجهل وتحجيمها؟! . مؤلمٌ أن تكون الإجابة ب (لا) حتى الآن، وهنا أحب التنويه إلى الإحصاءات التي تقول أن فئة الشباب هي الفئة الأكبر داخل مجتمعنا اليمني، هذا العدد الهائل البائس اليائس من الشباب أين سيذهبون إن لم تكن هناك برامج حقيقة لاستيعابهم، لاشك أن بؤسهم سيجعل منهم حتماً مشاريع موت أو قطيع من الجهلة يقودهم أمراء الحروب كلما لاحت لهم مصلحة جديدة ويجتاحون خوض حرب جديدة من أجلها. قد يفهم القارئ من السطور السابقة أني أبرر للملتحق لجماعات الموت والتخريب، وهذا في الحقيقة ليس تبريراً بقدر ما هو على ما أظن وضع الأصبع على الجرح وقد قيل: عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه وهنا يصبح واجباً على الدولة وضع برامج وخطط لاستيعاب الشباب وتنمية مهاراتهم ووضع خطط حقيقية للقضاء على الفقر وقد قرأت لشاهد عيان على نهضة ماليزيا بأن التعليم والعدالة والقضاء على الفقر أهم ركائز نهضة كثير من الدول، وأكرر ما قلته في مقال سابق بأني مثالي في مطالبي إلى حد ما مع هذه الأجواء المشحونة بجنون الحرب وفي وطن مليء بالأوغاد يبعونه ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً، إلا أن الأمل بالله وبالشرفاء كبير وكبير جداً، وجميل هنا أن نُذَكِّر من استغل جهل وفقر ابن وطنه في مشاريعه الرخيصة ببيت رائع للثائر الزبيري، قال: الشعبُ أعظم بطشاً يوم صحوته من قاتليه وأدهى من دواهيهِ [email protected]