الحب ياصاحبي قيمة ثمينة.. بحضورها يحضر خير الدنيا والآخرة.. وبغيابها يغيب الخير.. الحضارة الإنسانية تقوم على الحب فتثمر عمراناً في المدن وفي النفوس .. مهمة الإنسان أن يتعامل مع الحياة والإحياء بدافع الحب . الحب هنا ليس المعنى المحدود المشاع بين الناس والمرتبط بحب الرجل للمرأة والفتى للفتاة وإن كان جزءاً منه في أطره المشروعة، بل هو أسمى وأشمل ليشمل حب الإنسان أياً كان هذا الإنسان قريباً أوبعيداً، وحب الحيوان والطير وحب القيم الفاضلة كحب النظافة في الجسد وفي البيت والملبس والمأكل والمشرب وفي الشارع . من يحب النظافة في بيته يحب النظافة في الشارع، والتناقض هنا يوضح الخلل القائم بين التعامل مع الخاص والعام .. الأمة المتخلفة يحب أفرادها بصورة أنانية يحبّ نفسه ومصلحته دون حب الناس والمصلحة العامة ، ولهذا تجد من يحرص على قارورة الماء التي بين يديه ويحبها، لكنه لا يحب ولا يحرص على البير الذي يجلب منها قارورته الخاصة ولايهمه تدمير مشروع الماء.. مثلاً هذ الخلل بين التعامل بين العام والخاص هو خلل حضاري يقف وراء كثير من مظاهر التخلف. فالمجتمع الأناني مجتمع ينتشر فيه الشر، بينما المجتمع الذي يحبّ بالمعنى العام والشامل يشعّ فيه نور الإيثار والنصيحة والحرص على مصلحة الآخر، وهنا يصنع هذا النوع من الحب مجتمعاً متماسكاً «كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» أوكما قال عليه الصلاة والسلام وهو حب حي عام ينتج قيماً حضارية تبني ولاتدمر. أعتقد أن الحب ليس أمراً هامشياً، بل من صميم ديننا ومن مقومات وطنيتنا..يقول «صلى الله عليه وسلم» :«لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا ». نحن بحاجة إلى نشر ثقافة السلام والحب، ليس من أجل التعايش فحسب، بل من أجل البناء الحضاري والفوز بالدنيا والآخرة. أعتقد أن الحب الصادق بين الناس سيبني أفراداً مبدعين وأذكياء وأقوياء أيضاً، فالأنانية ضعف وشر، بينما الحب إيثار وقوة وإبداع ونباهة. كم نحن بحاجة إلى النابهين والمبدعين الأقوياء، وهذا لا يتأتى إلا في إصلاح النفسيات ومعالجة الحالات المريضة بالوهم والكراهية إلى رحاب اليقين وقوة الروح والحب والسلام والايجابية المنتجة والسوية التي تتعامل مع شُعب الإيمان بحب وإخلاص وتفانٍ من لا إله الا الله إلى إماطة الأذى عن الطريق وإفشاء السلام لمن تعرف ومن لاتعرف . وجمعتكم مباركة. [email protected]