ولقد أتت زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلي مصر, علي رأس وفد رفيع المستوي, التي اختتمها أمس, تأكيدا للقواسم المشتركة, وتتويجا للعلاقة الراسخة, في سبيل رفعة البلدين, وإعطاء نموذج رفيع في العمل لصالح الشعوب, واستجابة لتطلعاتها المشروعة. فعلي صعيد القضايا الإقليمية تتفق رؤية البلدين في العمل علي استتباب السلم الإقليمي, بتشجيع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في التخلص من الاحتلال الإسرائيلي البغيض, وتنسيق الجهود لوقف العدوان الإسرائيلي الأخير علي غزة, ومساندة الشعب السوري الشجاع في ثورته العادلة للانعتاق من ربقة النظام العنصري لبشار الأسد, والتصدي لمخططات الهيمنة الأمريكية علي مقدرات العراق, التي تستهدف فصله عن جسده العربي. وفي مجال التقارب الشعبي, شهدت الزيارة توقيع27 اتفاقية للتعاون الثنائي بين البلدين في مجالات عدة, وتم وضع آليات لتعزيز الاستثمارات المشتركة بينهما, إذ تقرر ضخ استثمارات تركية جديدة في مصر, ودخول تركيا إلي أسواق السودان وأفريقيا عبر الأراضي المصرية, وافتتاح أول مكتب تمثيل لبنك مصري في تركيا, مما ييسر انسياب حركة التجارة, وتحويلات المصريين المقيمين بتركيا, فضلا عن إسهام المستثمرين الأتراك في المشروع العملاق الذي تنوي مصر تنفيذه في محور قناة السويس, ومشروع شرق التفريعة. كما شهدت الزيارة تدشينا لمرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي بين البلدين, واتفاقا علي أن تصبح مصر بوابة للمنتجات التركية في الأسواق العربية والأفريقية, وأن تصبح تركيا بوابة للمنتجات المصرية في السوق الأوروبية, وكذلك توقيع خط ائتماني بمليار دولار, ودخول منطقة التجارة الحرة بين البلدين في حيز التنفيذ, بهدف زيادة التبادل التجاري بينهما, الذي لا تبلغ قيمته حاليا سوي خمسة مليارات دولار فقط. لقد عاشت تركيا الظروف والآلام نفسها التي عاشتها مصر خلال الفترة الماضية, كما قال رئيس الوزراء التركي خلال منتدي الأعمال المصري-التركي أمس الأول. وقد حان الوقت أن يولد من رحم التعاون المصري-التركي المتزايد عملاق يقود المنطقة سياسيا, ويحقق تنميتها الاقتصادية. ولعل زيارة أردوغان المشار إليها خطوة أولي ممنهجة في هذا الطريق الصاعد نحو المجد.