يشعر الفنان المبدع منذ بداية تكوّن وعيه بأنه مختلف عن باقي الناس بخصوصية نظرته للحياة واختلاف إحساسه بها، وحتى متطلباته منها. فالمبدع الحقيقي الناضج يعيش في دوامة الإنجازات الإبداعية والمكتسبات المعرفية واكتشاف مصادر الإلهام المختلفة والتواجد في الأماكن التي يكثر فيها الفنانون الكبار ليقتبس من نفحات إبداعهم وخبراتهم وحتى آرائهم وأفكارهم. الشخص العادي هو شخص متكرر يسعى دوماً للحفاظ على هيكلية الروتين اليومي الخاصة به من الخدوش أو الكدمات، هو شخص مريض بمتلازمة اللون الواحد والظرف الواحد والمزاج الواحد، كما أن مناعته ضد الإحباط ضعيفة جداً فقد تدفعه أي كلمة جارحة للغرق في متاهات الاكتئاب التي لا تنتهي، هو بكل بساطة شخص على قيد الحياة ولكن ملخص ما يفعله في حياته هو انتظار نهايتها. المبدع بفطرته مشحون بطاقة إيجابية مستمرة تختلف في مساراتها وتأثيراتها على صاحبها لكنها في كل الأحوال تحافظ على فوران كريات دمه في منظومة حركة لا تهدأ. مما يميّز الفنان المبدع خصوصاً في بداياته شعور خاص يجتاح فكره وعقله وروحه عندما يكون حاضراً في إحدى المناسبات التي يتم خلالها تكريم الفائزين بحدثٍ ما. يشعر بنوعٍ إيجابي من الغيرة يغلي في دواخله وينتقل عفوياً للتركيز على مسببات النجاح والتميز لدى الفائزين مع رغبة داخلية عارمة لا يُمكن معاندتها باتخاذ قرار صارم بالفوز. قد تشعرون بالدهشة وببعض الاستنكار لفكرة "قرار الفوز" لكن الحقيقة أن أغلب قصص النجاح الشهيرة تحوي قراراتٍ مشابهة لذلك، كما أن كل الناجحين بلا استثناء يؤكدون استحالة الفوز بطريق المصادفة أو الحظ، وهذا ليس بالأمر الغريب فالمبدعون يعشقون العمل وبذل الجهد وصناعة الإنجاز وليس فقط نتائج ذلك. هم يستمتعون بما يفعلونه يومياً وبكل تفاصيل نتاجهم على اختلاف مستوى الجودة فيه لكن مع ذلك فهم يسعدون بالتقدير ويفرحون بحصول بعض أعمالهم على جوائز ويطربون حينما ينتشر أحد إنجازاتهم الإبداعية في المجتمع ويصبح "حديث الناس". الفوز أكسير سحري يغسل تعب الروح ويسكّن آلام المعاناة ويعيد الحياة لكل خلية في العقل أنهكها الجهد المتواصل، كما أنه خزان طاقة هائل يمنح صاحبه القدرة على اكتشاف حجم الموهبة الحقيقي لديه والنبش في خبايا الذات عن ميزات ومواهب مدفونة. الفوز كما يقول خبراء صناعة النجاح هو "أفضل عادة يمكن التعوّد عليها" وهنا يكمن الفرق بين الفنان المحدود وغير المحدود. فهناك من أهّلته إبداعاته للفوز مرة لكنه لم يفهم رسالة الفوز فغطّ في نومٍ عميق، بينما الفنان الحقيقي هو من يقرّبه كل فوز من الفوز التالي. فلاش: هل تؤمن بإبداعك حقاً ؟ لا تتواضع .. امنح اسمك لقب "فائز"