شهدت الأسواق المالية تقلبات قوية خلال الأسبوع الماضي، انعكست إيجاباً وبقوة على الدولار، كان أبرزها التحول في سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إزاء التيسير الكمي، فيما تراجع الذهب في ظل تحول نظرة الأسواق عن التوتر الجيوسياسي بين روسيا وأوكرانيا، لتتجه نحو سياسة الفيدرالي. وتمكن مؤشر الدولار الأميركي، الذي يقيس قوة الدولار مقابل سلة العملات الأجنبية الرئيسة، من تسجيل أرباح بلغت نسبتها 0.9% خلال الأسبوع المنقضي ليغلق عند مستوى 80.13. وعزا محللون ارتفاع الدولار وتراجع الذهب إلى رد فعل الأسواق على تصريحات رئيسة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جانيت يلين، الأربعاء الماضي، التي أظهرت مؤشرات إلى توجه الفيدرالي لرفع معدلات الفائدة الأميركية خلال ستة أشهر. التيسير الكمي تماسك الذهب توقع المدير في شركة «آي سي إم كابيتال» البريطانية، شعيب عابدي، أن تبقى التراجعات في الذهب محدودة، على الرغم من عمليات جني الأرباح التي تمت خلال الأسبوع الماضي، نتيجة بقاء المخاوف من تطورات جيوسياسية في الأزمة الأوكرانية، وهو الأمر الذي يجعل النظرة الحالية نحو تماسك الذهب ضمن مستويات ما بين 1308 دولارات للأونصة، التي تشكل مستوى دعم مهماً في الفترة الحالية، ومستوى 1354 الذي يشكل مستوى مقاومة مهماً أيضاً. النظرة إلى الدولار قال مدير منطقة الشرق الأوسط في شركة «أكتيف تريدس» البريطانية، جورج البتروني، إن «النظرة الفنية للدولار الأميركي على المدى الطويل تبقى مرهونة فعلياً بتخطي مستوى المقاومة المهم عند 81.39، الذي من شأنه أن يمنح النظرة الإيجابية مزيداً من القوة، وأن نشهد المزيد من الارتفاعات للدولار»، وتابع: «حتى يتمكن الدولار من تجاوز هذه المقاومة قد يستمر في التحرك ضمن نطاق تداول محدود أو التداول ضمن ما يعرف فنياً ب(القناة الأفقية)». وقال مدير منطقة الشرق الأوسط في شركة «أكتيف تريدس» البريطانية، جورج البتروني، إن «تصريحات يلين كانت مفاجئة للأسواق، إذ أظهرت نظرة واضحة إلى توجهات الفيدرالي لرفع الفائدة بعد انتهائه من تقليص برنامج التيسير الكمي بعد ستة أشهر». يشار إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قلص برنامج التيسير الكمي بمقدار 10 مليارات دولار، خلال اجتماعه يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، ليصبح حجم البرنامج 55 مليار دولار، علماً بأنه بدأ عملية التقليص منذ بداية العام، وقلص خلال ثلاثة أشهر قيمة البرنامج بمعدل 10 مليارات دولار شهرياً (من ضمنها التقليص الأخير) من قيمته البالغة 85 مليار دولار في بداية العام. وأشار البتروني في تصريح ل«الإمارات اليوم» إلى أن «تقليص برنامج التيسير الكمي جاء كما كان متوقعاً، لكن الأسواق تفاعلت مع تصريحات يلين في المؤتمر الصحافي الذي جاء بعد الإعلان عن نتائج الاجتماع، فقد كان واضحاً من حديث يلين أن الفيدرالي قلل من أهمية بعض البيانات السلبية التي شهدناها في الفترة الماضية، وأصبحت نظرته أن التعافي في الاقتصاد الأميركي أصبح أكثر استقراراً». وأوضح أن «البطالة لم تعد نقطة تركيز الفيدرالي في الفترة الحالية، وهو الأمر الذي عكسته تصريحات يلين، التي عزت التراجع في بعض البيانات الأخرى إلى الأحوال الجوية التي مرت بها الولاياتالمتحدة خلال الفترة الماضية». تذبذب الدولار وأوضح البتروني أن «التطورات الحالية من شأنها أن تمنح الأسواق الجديد لتبني عليه توجهاتها خلال الفترة المقبلة، وأتوقع أن نرى مزيداً من المضاربات على رفع الفائدة الأميركية، الأمر الذي يعني زيادة التذبذب على الدولار الأميركي». وأضاف: «الفترة الحالية أعادت الدولار إلى توجهاته التي كان بدأها بداية العام الجاري، والتي شهدنا خلالها ارتفاعات للدولار خلال يناير، والتي لم تتمكن من الصمود خلال فبراير ومنتصف مارس الجاري، لكن المرحلة الحالية تمكنت من تقديم الدعم للدولار ومنحته فرصة للعودة للارتفاعات». وأفاد بأن «النظرة الفنية للدولار كانت تشير إلى مستوى مهم يفصل مؤشر الدولار عن هبوط قوي، إذ شهدنا تشكل نموذج فني يعرف باسم المثلث المتناقص ضمن اتجاه هابط، وكان حد الدعم عند مستوى 79.28 مهماً للدولار، وكان من الممكن أن يدفع به إلى الانخفاض بقوة كبيرة في حال الهبوط إلى مستويات أدنى منه، لكن تصريحات يلين مثلت نقطة تحول للدولار ودفعت به للعودة إلى الارتفاع على المدى المتوسط». ومع قوة الدولار شهدنا تراجعاً في أسعار صرف العملات الأجنبية الرئيسة، إذ تراجع سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة (اليورو)، لينخفض بنسبة 1.6% وليغلق عند مستوى 1.3793 دولار لكل يورو (5.06 دراهم لكل يورو)، فيما تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني مقابل الدولار بنسبة 1.6% أيضاً، ليغلق عند مستوى 1.6486 دولار لكل جنيه إسترليني ( 6.05 دراهم لكل جنيه إسترليني). الذهب من جانب آخر، خسرت أونصة الذهب نحو 48 دولاراً، خلال الأسبوع المنقضي، لتغلق عند مستوى 1334 دولاراً للأونصة، بتراجع قدره 3.5% مقارنة مع بداية تداولات الأسبوع المنقضي. وفي هذا السياق، أشار المدير في شركة «آي سي إم كابيتال» البريطانية، شعيب عابدي، إلى أن «هذه التراجعات جاءت نتيجة عاملين رئيسين، إذ إن العامل الأول جاء مع بداية الأسبوع، الذي قللت الأسواق فيه من أهمية العقوبات التي تم فرضها على روسيا كونها طالت شخصيات، إذ لم تكن هناك فعلياً عقوبات يمكن أن تؤثر في الاقتصاد الروسي فعلياً أو تفاعله مع الاقتصاد العالمي والاقتصاد الأوروبي بشكل خاص». وكان الذهب ارتفع في بداية التداولات خلال الأسبوع المنقضي ليصل إلى أعلى مستوياته عند 1392 دولاراً للأونصة، تفاعلاً مع نتائج التصويت في شبه جزيرة القرم، وهي المستويات الأعلى له منذ سبتمبر 2013، إلا أنه سرعان ما تخلى عن هذه الأرباح، وشهدنا موجة من التراجعات القوية للذهب التي اشتدت وتيرتها يوم الأربعاء بعد الإعلان عن نتائج اجتماع الاحتياطي الفيدرالي. وأوضح عابدي ل«الإمارات اليوم» أن «الذهب يعد الملاذ الآمن التقليدي في حالات الأزمات السياسية والاقتصادية، وهو ما يدفع المستثمرين إلى شراء الذهب في حالات التوتر السياسي، الأمر الذي دفع بالذهب للارتفاع خلال الأسابيع الماضية نتيجة المخاوف من تطور الأزمة الأوكرانية نحو مواجهة عسكرية أو عقوبات اقتصادية قد تؤثر في الاقتصاد العالمي، لكن الأسواق احتوت بالفعل تأثير الأزمة وبدأت عمليات جني الأرباح، إضافة إلى توجه الأسواق إلى التفاعل مع العامل الثاني». وأضاف أن «العامل الثاني تمثل في القوة التي حصل عليها الدولار الأميركي بعد اجتماع الفيدرالي الأربعاء الماضي، إذ من المعروف العلاقة العكسية القوية التي تربط أسعار الذهب بالدولار الأميركي». وأوضح أن «الذهب يتم تسعيره عالمياً بالدولار الأميركي، وارتفاع الدولار عادة ما يدفع بالذهب إلى التراجع، فيما يعد تراجع الدولار فرصة للذهب للارتفاع، وعلى الرغم من أن هذه العلاقة ليس من الضرورة أن نراها في كل الأوقات، إلا أنها حصلت على قوة كبيرة خلال الأسبوع الماضي مدعومة بعمليات جني أرباح، الأمر الذي دفع بالذهب لهذه الخسائر القوية». الامارات اليوم