نهاية الانقلاب الحوثي تقترب.. حدثان مفصليان من مارب وعدن وترتيبات حاسمة لقلب الطاولة على المليشيات    الأحزاب والمكونات السياسية بتعز تطالب بتسريع عملية التحرير واستعادة مؤسسات الدولة    لحظة إصابة سفينة "سيكلاديز" اليونانية في البحر الأحمر بطائرة مسيرة حوثية (فيديو)    شركة شحن حاويات تتحدى الحوثيين: توقع انتهاء أزمة البحر الأحمر رغم هجماتهم"    وزير المالية يصدر عدة قرارات تعيين لمدراء الإدارات المالية والحسابات بالمؤسسة العامة لمطابع الكتاب المدرسي    الوزير الزعوري يهنئ العمال بعيدهم العالمي الأول من مايو    توجيهات واحصائية".. اكثر من 40 ألف إصابة بالسرطان في اليمن و7 محافظات الاكثر تضررا    بالفيديو.. عالم آثار مصري: لم نعثر على أي دليل علمي يشير إلى تواجد الأنبياء موسى وإبراهيم ويوسف في مصر    يوم تاريخي.. مصور يمني يفوز بالمركز الأول عالميا بجوائز الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية في برشلونة (شاهد اللقطة)    تشافي لا يريد جواو فيليكس    مركز الملك سلمان يمكن اقتصاديا 50 أسرة نازحة فقدت معيلها في الجوف    تفجير ات في مأرب لا تقتل ولا تجرح كما يحصل في الجنوب العربي يوميا    للزنداني 8 أبناء لم يستشهد أو يجرح أحد منهم في جبهات الجهاد التي أشعلها    عودة الكهرباء تدريجياً إلى مارب عقب ساعات من التوقف بسبب عمل تخريبي    برشلونة يستعيد التوازن ويتقدم للمركز الثاني بفوزه على فالنسيا برباعية    تراجع أسعار الذهب إلى 2320.54 دولار للأوقية    اختتام برنامج إعداد الخطة التشغيلية للقيادات الادارية في «كاك بنك»    تنفيذية انتقالي لحج تعقد اجتماعها الدوري الثاني لشهر ابريل    هجوم جديد على سفينة قبالة جزيرة سقطرى اليمنية بالمحيط الهندي    رئيس جامعة إب يطالب الأكاديميين الدفع بأبنائهم إلى دورات طائفية ويهدد الرافضين    نابولي يصدّ محاولات برشلونة لضم كفاراتسخيليا    البكري يجتمع ب "اللجنة الوزارية" المكلفة بحل مشكلة أندية عدن واتحاد القدم    عقب العثور على الجثة .. شرطة حضرموت تكشف تفاصيل جريمة قتل بشعة بعد ضبط متهمين جدد .. وتحدد هوية الضحية (الاسم)    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    اتحاد كرة القدم يعلن عن إقامة معسكر داخلي للمنتخب الأول في سيئون    شاهد.. مقتل وإصابة أكثر من 20 شخصًا في حادث بشع بعمران .. الجثث ملقاة على الأرض والضحايا يصرخون (فيديو)    وزارة الداخلية تعلن ضبط متهم بمقاومة السلطات شرقي البلاد    يجب طردهم من ألمانيا إلى بلدانهم الإسلامية لإقامة دولة خلافتهم    ماذا لو أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال ضد قادة إسرائيل؟    السامعي: مجلس النواب خاطب رئيس المجلس السياسي الاعلى بشأن ايقاف وزير الصناعة    بينها الكريمي.. بنوك رئيسية ترفض نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن وتوجه ردًا حاسمًا للبنك المركزي (الأسماء)    قيادي حوثي يذبح زوجته بعد رفضها السماح لأطفاله بالذهاب للمراكز الصيفية في الجوف    استشهاد وإصابة أكثر من 100 فلسطيني بمجازر جديدة للاحتلال وسط غزة    انهيار كارثي للريال اليمني.. والعملات الأجنبية تكسر كل الحواجز وتصل إلى مستوى قياسي    ماذا يجري في الجامعات الأمريكية؟    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    تعليق على مقال زميلي "سعيد القروة" عن أحلاف قبائل شبوة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    البخيتي يتبرّع بعشرة ألف دولار لسداد أموال المساهمين في شركة الزناني (توثيق)    لماذا نقرأ سورة الإخلاص والكافرون في الفجر؟.. أسرار عظيمة يغفل عنها كثيرون    فشل العليمي في الجنوب يجعل ذهابه إلى مأرب الأنسب لتواجده    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    مدرب بايرن ميونيخ: جاهزون لبيلينغهام ليلة الثلاثاء    لأول مرة.. مصر تتخذ قرارا غير مسبوق اقتصاديا    الكشف عن الفئة الأكثر سخطًا وغضبًا وشوقًا للخروج على جماعة الحوثي    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    حاصل على شريعة وقانون .. شاهد .. لحظة ضبط شاب متلبسا أثناء قيامه بهذا الأمر الصادم    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    ليفربول يوقع عقود مدربه الجديد    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    ريمة سَّكاب اليمن !    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا رحب أهل الموصل بداعش؟
نشر في الخبر يوم 24 - 06 - 2014

الشوارع مكتظة بالمشاة والسيارات. اسواق الملابس والحاجيات المنزلية ودكاكين الخضروات والفاكهة مفتوحة. رائحة الخبز الطازج تفوح من المخابز. نساء يتسوقن. رجال يتوجهون الى اعمالهم. هناك احساس غريب بالزمان والمكان. غاب التأخر عن العمل بسبب نقاط التفتيش والسيطرات العسكرية الخانقة للناس والمدينة منذ أحد عشر عاما. الاحساس الغريب يتجلى في حيرة المعتقل الذي اطلق سراحه لتوه.
يخطو خطواته الاولى خارج جدران السجن. كيف يتحرك المرء في مدينته بلا سيطرات عسكرية؟ بلا نقاط تفتيش تديرها حفنة من المجندين الذين يغطون احساسهم بالضعف والنقص باهانة اهل المدينة؟
هل هذه هي العاصمة بغداد التي تحميها «الحكومة الديمقراطية» وتوفر لها الطمأنينة والاستقرار؟ تحافظ على كرامتها وتراثها وتاريخها؟ ان تبقيها قلب العراق النابض بوحدته وتنوع قومياته واديانه ومذاهبه؟ أبغداد التي وعدوها بالحرية والديمقراطية؟ أبغداد التي قالوا عندما استعانوا بالغزاة على «تحريرها»، اعطونا فترة ستة اشهر فقط وسنتخلص من الاحتلال كما تخلصنا من المستبد؟ أبغداد التي اختزل هم سكانها بالبقاء على قيد الحياة فقط، وطموحها ان تستيقظ صباح يوم خال من الاغتيالات والاعتقالات والتعذيب؟
إنها ليست العاصمة التي يفترض ان يسودها الأمان، حيث مقر النظام الحاكم بجيشه وفرقته الذهبية وقواته الخاصة. مقر أكبر سفارة امريكية في العالم. موقع حصن المنطقة الخضراء.
الصورة التي اتحدث عنها هي واقع مدينة الموصل، نقلا عن اهل الموصل انفسهم. بشهاداتهم في الايام الماضية، وامتلكت بعض اجهزة الاعلام الجرأة على نقل تفاصيلها، متخطية بذلك حاجز الرقابة العالمي ومجازفة ان تتهم بالارهاب. ولكن، كيف يرحب اهل الموصل، سكنة ثاني أكبر المحافظات العراقية، مدينة المثقفين والعلماء والتاريخ العريق، المدينة التي منحت العراق الاطباء والاكاديميين والمؤرخين، بداعش الارهاب ؟ هل انكسرت بوصلة قيمهم الانسانية الحضارية الى حد ابداء الارتياح لوجود افراد منظمة همجية بين ظهرانيهم ؟ لماذا؟
هنا، علينا تفكيك صورة ما حدث ويحدث الآن في مدينة الموصل، والبالغ عدد سكانها ما يقارب المليونين. الحدث كان خارقا ومذهلا للجميع، اذ خلع افراد الجيش، خلال ساعات، زيهم العسكري الذي اقسموا، بشرفهم، ان يرتدوه دفاعا عن الوطن والشعب. أطلق اشارة الهرب القادة العسكريون (برتبة لواء) قائلين لبقية العسكر حين سألوهم عما يتوجب عليهم فعله، وبالحرف الواحد: «دبروا حالكم». فدبر الجنود حالهم. هربوا تاركين وراءهم الاسلحة الحديثة والمعدات والآليات التي دفع العراقيون ثمنها للامريكان بمليارات الدولارات.
تدل شهادات الكثيرين من اهل الموصل ممن نزحوا خلال اليومين الاولين بان صيت داعش الهمجي وهرب الجنود واحتمال القصف دفعهم الى النزوح الا انهم قرروا العودة بعد ان اطمأنوا على هدوء الاوضاع، وان المقاتلين شجعوا الاهالي على العودة الى وظائفهم، وقاموا بما عجز عنه نظام المالكي ومن قبله المحتل بامكانياتهم وميزانيتهم الضخمة، اي اعادة التيار الكهربائي لساعات عدة والتزود بالمياه وتنظيف المدينة.
النقطة الاخرى التي يؤكدها اهل المدينة، خلافا لما هو شائع، هي تمتع الموصل بالهدوء ولم يقع اعتداء على احد بسبب انتمائه العرقي والديني.
ولكن، كيف يمكن لداعش الارهابية، الهمجية، بافرادها مغسولي الادمغة، الذباحين، أكلة الاكباد والقلوب، ان يسلكوا هذا السلوك الحضاري الذي تفتقر اليه الجيوش اثناء الحروب، وفي مراجعة سلوك الجيشين الامريكي والبريطاني، الحافل بالمجازر والاعتقالات والاغتصاب للرجال والنساء، خلال احتلال العراق، مثال واضح؟ كيف يمكن سقوط مدينة خلال ساعات امام بضع مئات من الداعشيين؟ الا يستدعي حدث كهذا التساؤل عن فحوى الحكاية التي يروجها نظام المالكي وحلفاؤه والادارة الامريكية اعلاميا، الذين شمروا فجأة عن سواعدهم للدفاع عن المواطنين ضد الارهاب؟
إن ما يحاول نظام نوري المالكي تسويقه هو ذات البضاعة المصنعة بواشنطن، باسم «الحرب على الارهاب». باسمها تم غزو افغانستان والعراق. وانضم تحت لوائها حكام البلاد العربية من السعودية الى مصر، حماية لانفسهم وديمومة لفسادهم، مستندين عليها كعصا موسى لترويع شعوبهم. ولم تقصر اجهزة الاعلام والمثقفين، ترويعا وترغيبا، حتى بات المتسائل او الباحث عن الحقيقة ارهابي لن تثبت براءته. فعاش العراقيون هذا الوضع الخانق يوميا. كل من يجرؤ على رفع صوته احتجاجا او متظاهرا هو، حسب تعبير المالكي، أما فقاعة او قاعدة او صدامي أو داعشي. وغالبا ما يجتر المالكي هذه المفردات في خطابه الاسبوعي امعانا في اهانة الناس واستفزازهم. وكأن الاعتقالات والتعذيب والاعدامات والقصف العشوائي ليس كافيا.
مما يدفع الى التساؤل عما اذا كان اهل العراق بحاجة الى داعش، القادمة عبر الحدود، او المقاتلين الاجانب لينتفضوا للتخلص من نظام طائفي جائر؟ وهل هي داعش، حقا، من حررت المدينة ورحب الاهالي بها؟ أم انهم اهل المحافظة انفسهم بعد ان بلغ الظلم مداه ولم يعد هناك متسع، في الصدور، لكظم الغيض، فضلا عن ان النظام ذاته منخور من داخله بالطائفية والفساد؟ ان من انتفض في الموصل هم، حسب التقارير الموثقة، فصائل ومجموعات مختلفة يغلب عليها الطابع الوطني والعشائري مع ضباط الجيش العراقي السابق وأفراد في المقاومة العراقية السابقة، تطلق على نفسها اسم المجلس العسكري العام لثوار العراق. وبينما يحاول إعلام النظام حجب الأخبار والمواقع الإعلامية، التي تنقل الصورة الاخرى، غير الرسمية، عن العمل الميداني، يعتمد المجلس في نقل اخباره وبياناته على موقعه على الانترنت ومن خلال التواصل الاجتماعي.
أما داعش الموجودة باعداد قليلة، فانها سلاح ذو حدين. يستخدمه النظام للحصول على الدعم الامريكي وغيره ويستخدمه المقاتلون لترويع النظام وجيشه. وهذا ماحدث. اذ ساعد تضخيم اسم داعش المخيف على اثارة رعب القيادة العسكرية للجيش والجنود وتسريع هربهم. وينأى افراد المجلس العسكري بانفسهم، عمليا، عن التنظيم الداعشي خاصة وان اعضاء المجلس انفسهم ممن كانوا قد قاتلوا القاعدة سابقا.
إن الخوف الطاغي، اليوم، في مختلف مناطق العراق، مرده ان يلجأ النظام الى استخدام القوة الجويّة لتدمير المدن دون تمييز، خاصة بعد ان لجأ النظام الى طلب مساعدة امريكا رسميا. وتشير البوادر الى ان احتمال القصف الجوي، واستخدام الطائرات بلا طيار، بالاضافة الى الفرق الخاصة، قابل للتطبيق ومشرعن وفق قانون الحرب على الارهاب ولتذهب مظالم الشعوب وانتفاضاتها الى الجحيم. ان تحقيق النظام الديمقراطي العادل بالعراق سيتم بيد أبنائه بعيدا عن الاستعانة بالتدخل الاجنبي، داعشيا او غيره، اقليميا او عالميا، وليكن في استعانة النظام الحالي بامريكا وبريطانيا لتغيير النظام الذي سبقه عبرة لمن اعتبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.