حذّر مراقبون من أن شح الغاز في دول مجلس التعاون الخليجي سيصبح أكثر حدة وتأثيرا بحلول عام 2015 في وقت يرتفع فيه الطلب وتتذبذب فيه امدادات الغاز اللازمة لتلبية حاجات تلك الدول. أبوظبي- أشار تقرير دولي نشر أمس إلى أن ارتفاع استهلاك الطاقة وتذبذب حملات التنقيب عن الغاز في دول الخليج العربية، إضافة إلى ارتباطها بعقود تصدير الغاز الطويلة الأمد، ساهمت في الحد من إمدادات الغاز المتاحة للأسواق المحلية في المنطقة. ويقترح تقرير لشركة الاستشارات العالمية، بوز أند كومباني حمل عنوان "شح الغاز في دول مجلس التعاون الخليجي – كيف يمكن تعويض النقص؟" بأن تتصدى دول الخليج لهذه الأزمة برفع أسعار الغاز في أسواقها بشكل تدريجي. ويضيف التقرير بأن تلك الخطوة يمكن أن تساهم في تعزيز كفاءة استخدام الطاقة والاستثمار في مناهج ونظم بديلة لتعويض النقص المتوقع. وفي إطار الجهود الرامية لتطوير قطاع الغاز، تقام في أبوظبي في 23 سبتمبر المقبل، الدورة الثانية لمنتدى رواد الطاقة والمياه في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، بالتزامن مع معرض الشرق الأوسط للطاقة والمياه. ويقدم المنتدى والمعرض منصة عالمية للخبراء لمناقشة أفضل الممارسات المستدامة وآخر الحلول المبتكرة في أهم القطاعات المزدهرة في المنطقة، إضافة لمناقشة آخر التطورات في قطاع الطاقة والغاز في دول الخليج ومستقبل الحاجة الإقليمية للغاز وأثرها على الأسعار. وقال روبن ميلز، رئيس الاستشارات في منار للطاقة إن "ظاهرة نقص الغاز التي تواجهها دول الخليج يمكن أن تحل... التوقيت عامل أساسي وانتظار الحلول دون معالجتها، يمكن أن يؤدي لقيام دول الخليج بحرق سوائل نفطية أكثر قيمة في سبيل تلبية الحاجة وسد الطلب". وأضاف أن "حكومات المنطقة بحاجة لوضع خليط من المعايير القصيرة والطويلة الأمد لمواجه نقص الغاز... يتوجب عليهم الاستثمار في المشاريع الجديدة التي تساهم في تعزيز انتاجيتها، ورفع أسعار الغاز المحلية بشكل تدريجي للتشجيع على الكفاءة وتعزيز استخدام المصادر البديلة للطاقة". ويرى ميلز أن "الاستثمار بشكل ضخم في قطاع الغاز ظاهرة متنامية بين دول الخليج. من بين أبرز المشاريع، مشروع خزان للغاز في سلطنة عمان، ومشروعي باب وشاه للغاز الحامض في أبوظبي ومحطة الإمارات لاستيراد الغاز المسال في الفجيرة". وأضاف أن من أهم المشاريع الأخرى مشروع برزان للغاز الذي تقوم بتطويره قطر، ومشرعي كران وواسط اللذين تقوم السعودية بتطويرهما. وأشارت أنيتا ماثيوز، مديرة مجموعة الطاقة في إنفورما للمعارض، الجهة المنظمة لمعرض الشرق الأوسط للطاقة والمياه، إلى أن مصادر الطاقة البديلة باتت تحظى بأهمية كبيرة في المنطقة وبالأخص الطاقة النووية. وأضافت أن التقارير تشير إلى أن "الإمارات وضعت هدفا طموحا بتأمين ربع احتياجاتها من الطاقة من مصادر نووية في غضون 15 إلى 20 سنة مقبلة". وأضافت أنه رغم "حساسة العالم من تزايد استخدام الطاقة النووية، إلا أن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة لمثل هذه الخطوات لتنويع مصادر توليد الطاقة فيها على المدى الطويل". وخطت أبوظبي نقلة نوعية كبيرة في مجال تنويع مصادر الطاقة بافتتاح محطة شمس1، أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم، لتحتل بذلك صدارة منتجي الطاقة الشمسية المركزة وبحصة تبلغ 10 بالمئة من جميع الطاقة الشمسية المنتجة في العالم. وعززت ذلك بالبدء ببناء ثاني محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية، من المتوقع أن تبدأ التشغيل التجاري في 2018. وأرست الامارات عقدا على كونسورتيوم كوري جنوبي تقوده كوريا إلكتريك باور كورب (كيبكو) لبناء أربعة مفاعلات نووية غرب إمارة أبوظبي، لتلبية احتياجات الطلب المتزايد على الكهرباء. وتبلغ قيمة العقد أكثر من 20 مليار دولار. وبدأ العمل في منتصف 2012 في مفاعل "براكة-1″ الذي سيكون أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في دولة الامارات. ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل في عام 2017. وتسعى مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إلى توفير طاقة نووية آمنة وفعالة وصديقة للبيئة يمكن الاعتماد عليها للمساعدة في تلبية الاحتياجات المستقبلية من الطاقة في دولة الإمارات والتي من المتوقع أن تنمو بمعدل 9 بالمئة سنوي أي ما يعادل ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي. وتعد دول منطقة مجلس التعاون الخليجي، الأعضاء في منظمة أوبك، سوقا مهمة جدا لشركات بناء محطات الكهرباء التي تعمل بالطاقة النووية حول العالم، تلك الشركات التي تضررت أنشطتها بشدة بعد كارثة مفاعل فوكوشيما الياباني في مارس2011. وتأمل الامارات في أن يؤدي تشغيل المفاعلات النووية الأربعة في 2020 إلى تفادي انبعاثات كربونية مسببة لظاهرة الاحتباس الحراري قدرها 12 مليون طن سنويا، وستنتج نحو 1400 ميغاواط من الكهرباء. وسيساعد ذلك أيضا الامارات على الاستمرار في تصدير الغاز الطبيعي المسال وبصفة رئيسية إلى آسيا من خلال خفض استهلاكها من الغاز الذي تعتمد عليه حاليا في توليد جميع احتياجاتها تقريبا من الكهرباء. وتسعى الإمارات لإنتاج نحو ربع حاجتها إلى الطاقة الكهربائية من محطات الطاقة النووية بحلول عام 2020.