نود أن نبدأ (كاستاذ جامعي محاضر في التخطيط الإقليمي) بتوجه رسالة تطمين إلى كل من يخاف من فكرة "تقسيم الدولة إلى أقاليم في إطار إتحادي" ويفسرونها على أنها "محاولة لتشجيع الإنفصال." ....... وفي هذه الرسالة نقول لهم : لكي تطئنوا إلى فائدة وأهمية "التخطيط الإقليمي" فإقرأوا بعض ما قاله المنظرون و الباحثون و الكتاب و أساتذة الجامعات في كتب مجال "التخطيط الإقليمي" العلمي وذلك منذ عقود و سنين عديدة وليس في يومنا هذا فقط ... وننوه مذكرين إلى أن هؤلاء الأساتذة الجامعيين و الباحثين و الخبراء قد كتبوا أرائهم هذه بموضوعية و حيادية وبتجرد من المصالح والإنتماءات السياسية و الفئوية والجهوية الضيقة ... وكان هؤلاء المخططون والأساتذة يهدفون من كتاباتهم هذه إلى إيجاد وسائل تخطيطية جديدة لتحسين تنظيم و تنمية البلدان و أجزائها و لتحسين تقديم الخدمات لمواطنيها بما يضمن أولا ) إلى إعادة توزيع الإدارة والموارد و السلطات في ما بين جميع سكان أي من تلك البلدان !!! , وثانيا ) إلى إعادة إعادة الإعتبار للإقليم كجزء كامل وفاعل من الدولة الإتحادية وليس مجرد جزء تابع و "عالة و متطفلة" للعاصمة المركزية . ومما تناولته كتب ومؤلفات "التخطيط الإقليمي" المؤلفة باللغة العربية ويهمنا وينفعنا في التعامل مع قضية "تقسيم بادنا الإتحادية إلى أقاليم إتحادية" , نورد لكم بعض قاله الاستاذ الدكتور /أحمد خالد علام و زملاؤه في كتاب "التخطيط الإقليمي" الذي ألفوه في عام 1995 : -- " وهكذا بدأت الدولة الحديثة (في ما بعد القرن 16 وإلى حديثا) في إتجاه المركزية العنيفة و الإدارة والحكم والنفوذ, فجمعت السلطات كلها في نقطة واحدة هي "العاصمة" بعد أن سلبتها (اي السلطات) من مواطنها المتعددة السابقة في عواصم المقاطعات الإقليمية ...... -- "ولكي تحقق الدولة مركزيتها الشديدة أخذت تركز شبكة النقل و(الطرق) و المواصلات حتى تتجمع في العاصمة وتشع منها ........ وترتب على هذا أن جذبت العاصمة سكان الأقاليم إليها , ونزحت المواهب (والكوادر المؤهلة والخبرات ) من الإقليم إليها , وتمركزت الثروات ( والخدمات) في العاصمة " .... -- "وترتب على هذا الوضع الغير متزن (أن ظهر) رد فعل شديد (مستاء و رافض) في الأقاليم .... فعم الإستياء من إلغاء شخضية وكيان الإقليم أزاء العاصمة (في مختلف الجوانب والسلطات) .... وظهر إتجاه ووعي إقليمي ينمو , وكان هدف هذا الوعي هو تأكيد قيمة الإقليم في الدولة لا كذيل في جسم الدولة ولكن كعضو حي ..... وكان هذا مولد "الحركة الإقليمية" كإحتياج على طغيان وتنميط العاصمة .... -- "و منذ بداية ظهور "الحركة الإقليمية" , فقد تطورت "الإقليمية" على مراحل متتالية هي : 1) الإقليمية الحضارية (الثقافية و الأدبية والفنية و المعمارية) , 2) الإقليمية الإدارية" , 3) الإقليمية الإقتصادية , 4) الإقليمية السياسية ...
ونضيف بالقول إلى من يريد المعرفة أكثرعن أهمية و فوائد تبني "التخطيط الإقليمي" للمواطنين و للدولة وللوطن, إن غاية "التخطيط الإقليمي" هو " الإستجابة للمستجدات وللمتطلبات العصرية و إيجاد وسائل تخطيطة جديدة و مستجيبة لمطالب السكان و ديمقراطية تساعد على إعادة تحسين تنظيم و تطوير وتنمية البلد الإتحادي بأقاليمه و بمحافظاته و بمحلياته بما يضمن تحقيق ما يلي : أولا ) إعادة الإعتبار والتفعيل للإقليم كجزء جغرافي كامل و منتج و مساهم من الدولة وليس مجرد جزء تابع و "عالة" للعاصمة المركزية , ثانيا ) إعادة توزيع الإدارة والموارد و الثروة و القرار و السلطات بشكل متوازن وعادل في ما بين جميع سكان الإقاليم الجغرافية المكونة للوطن الإتحادي و ما بين تلك الأقاليم فيما بينها البين و ما بين جميع سكان الوطن الإتحادي التي تنضوي تلك الأقاليم في إطار حدوده الجغرافية !!! ....
ونشير إلى إن الإعتبارات العلمية التي نعتمد عليها في مجال "التخطيط الإقليمي" ل" تقسيم اي بلاد إلى أقاليم إتحادية" هي ما يلي : 1) المساحة , 2) حجم السكان , 3) النواحي الطبيعية, 4) الهيكل الإقتصادي المكاني, 5) الهيكل الإجتماعي ..... وعند تطبيق هذه الإعتبارات, فإن "المخططين الإقليميين" يعطون أولوية لإعتبار " الهيكل الإقتصادي المكاني" عند أي محاولة ل "تقسيم البلاد إلى أقاليم إتحادية" في إطار إتحادي !!! ....... ولكن لماذا ؟؟؟ ....... لأن "الإقليم الناجح" بنظر المخطط الإقليمي هو "الإقليم الناجح والمنتج إقتصاديا" ..... حيث والتعريف الأفضل للإقليم الناجح بنظر التخطيط الإقليمي هو : "وحدة جغرافية مكانية مكونة من عدة أجزاء مكانية أصغر (محافظات/ولايات) يشترط فيها أن تكون متجانسة و متكاملة و متعايشة فيما بينها من أجل أن تشكل وحدة إقتصادية منتجة و نافعة لسكان ذلك الإقليم خاصة و لسكان البلاد الإتحادية عامة" .