روح الطفلة حنين تبتسم في السماء: تأييد حكم الإعدام لقاتلها في عدن    الخارجية الأميركية: خيارات الرد على الحوثيين تتضمن عقوبات    رئيس مجلس القيادة يكرّم المناضل محمد قحطان بوسام 26 سبتمبر من الدرجة الأولى    أول تحرك للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد احتلال اسرائيل لمعبر رفح    أنظار العالم تتجه إلى الرياض مع انطلاق بطولة رابطة المقاتلين المحترفين    تضرر أكثر من 32 ألف شخص جراء الصراع والكوارث المناخية منذ بداية العام الجاري في اليمن    الأسطورة تيدي رينير يتقدم قائمة زاخرة بالنجوم في "مونديال الجودو – أبوظبي 2024"    اعتدنا خبر وفاته.. موسيقار شهير يكشف عن الوضع الصحي للزعيم ''عادل إمام''    تصرف مثير من ''أصالة'' يشعل وسائل الإعلام.. وتكهنات حول مصير علاقتها بزوجها    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و904 منذ 7 أكتوبر    5 دول أوروبية تتجه للاعتراف بدولة فلسطين    امتحانات الثانوية في إب.. عنوان لتدمير التعليم وموسم للجبايات الحوثية    وفاة الشيخ ''آل نهيان'' وإعلان لديوان الرئاسة الإماراتي    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    ريال مدريد يقلب الطاولة على بايرن ميونخ ويواجه دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا    إعلان عسكري حوثي عن عمليات جديدة في خليج عدن والمحيط الهندي وبحر العرب    الإعلان عن مساعدات أمريكية ضخمة لليمن    أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية اليوم الخميس    تململ القوات الجنوبية يكرّس هشاشة أوضاع الشرعية اليمنية في مناطق الجنوب    تصاعد الخلافات بين جماعة الحوثي وحزب المؤتمر والأخير يرفض التراجع عن هذا الاشتراط !    الحوثيون يرتمون في محرقة طور الباحة ويخسرون رهانهم الميداني    جريمة مروعة تهز مركز امتحاني في تعز: طالبتان تصابا برصاص مسلحين!    بعد وصوله اليوم بتأشيرة زيارة ... وافد يقتل والده داخل سكنه في مكة    من فيتنام إلى غزة... حرب النخبة وغضب الطلبة    عيدروس الزبيدي يصدر قرارا عسكريا جديدا    العرادة يعرب عن أمله في أن تسفر الجهود الدولية بوقف الحرب الظالمة على غزة    سقوط نجم الجريمة في قبضة العدالة بمحافظة تعز!    قصر معاشيق على موعد مع كارثة ثقافية: أكاديمي يهدد بإحراق كتبه    قناتي العربية والحدث تعلق أعمالها في مأرب بعد تهديد رئيس إصلاح مأرب بقتل مراسلها    أحذروهم في عدن!.. المعركة الخطيرة يقودها أيتام عفاش وطلائع الإخوان    دوري ابطال اوروبا .. الريال إلى النهائي لمواجهة دورتموند    انفجار مخزن أسلحة في #مأرب يودي بحياة رجل وفتاة..    اكتشاف مقبرة جماعية ثالثة في مستشفى الشفاء بغزة وانتشال جثامين 49 شهيدا    دورتموند الألماني يتأهل لنهائي أبطال أوروبا على حساب باريس سان جرمان الفرنسي    حقيقة ما يجري في المنطقة الحرة عدن اليوم    فريق شبام (أ) يتوج ببطولة الفقيد أحمد السقاف 3×3 لكرة السلة لأندية وادي حضرموت    مدير عام تنمية الشباب يلتقي مؤسسة مظلة    الولايات المتحدة تخصص 220 مليون دولار للتمويل الإنساني في اليمن مميز    تستوردها المليشيات.. مبيدات إسرائيلية تفتك بأرواح اليمنيين    لماذا تقمع الحكومة الأمريكية مظاهرات الطلبة ضد إسرائيل؟    عصابة معين لجان قهر الموظفين    استشهاد وإصابة 160 فلسطينيا جراء قصف مكثف على رفح خلال 24 ساعة    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إخراج إيران من العراق
نشر في المنتصف يوم 23 - 02 - 2021

بعد عشرين عاماً فاتت، أو قرنين مقبلين، لن يمنح التاريخ أي نوع من الشرعية أو الوقائية للعدوان الأميركي - البريطاني على العراق في عام 2003. وإذا أردنا أن نقيس قواعد تلك الحرب في القانون الدولي، فهي حرب بلا قواعد ولا شروط ولا استراتيجية. هي حرب فوضوية من الدرجة الأولى، لا قوائم لها إلا مجموعة أكاذيب وتلفيقات وقراءة في الفنجان؛ فقد برر الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الابن الحرب الخارجة على قانون الأمم المتحدة والجمعية العامة وقوانين الحروب، بخطأ أو خطيئة يفترض أن هذه الحرب «حق طبيعي لأميركا وبريطانيا في الدفاع عن نفسيهما ضد التهديد العراقي الهائل الوشيك الوقوع الذي يستهدف أمنهما وسلامهما من خلال أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها العراق»، على حد زعم بوش الابن في خطابه إلى الكونغرس الأميركي والعالم. وهو لم يكتفِ بما زعمه من «تهديد» للأمن الأميركي، فأضاف إليه «تهديد المنطقة والعالم بأسره». ولما كان القول بغير الحقيقة بلا رسوم ولا ضريبة فقد وصلت المبالغة حد الفكاهة السقيمة بأن «تهديدات العراق ستؤدي حتماً إلى انهيار السلم والأمن الدوليين». وربما الفضاء الخارجي أيضاً!
كل التفتيش الدولي بعسس آخر الليل وأواسط النهار لم يفلح في العثور على قنينة أو عبوة أو أثر أو رائحة لسلاح كيماوي أو بيولوجي، لا في ثكنات الجيش العراقي ولا في أنهار دجلة والفرات وشط العرب ومياه الأهوار والبحيرات أو مختبرات الكليات العلمية والمستشفيات أو القصور الرئاسية وسراديبها وغرف نومها.
ولم تنفع كل مظاهرات شوارع العالم المعارضة شرقاً وغرباً في التأثير على «قناعات» بوش وزميله توني بلير لإقناعهما بألا يشنّوا حرباً عدوانية لا قواعد لها ولا قوانين ولا حدود، وكذلك تحولت من احتلال أميركي غاشم لبلدٍ ذي سيادة وعضو مؤسس لمنظمة الأمم المتحدة إلى غزو إيراني أعمى وحدود بلا أسلاك للانتقام من هزيمة إيرانية مريرة في حرب الثماني سنوات (1980 - 1988).
هل يحق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يهدي الأقاليم الأربعة الأوكرانية وشبه جزيرة القرم التي ضمها، إلى دولة الشيشان - مثلاً - أو أفغانستان، مثلما فعلت الولايات المتحدة بإهداء العراق إلى إيران الملالي عبر رؤسائها جورج بوش الابن وبيل كلينتون وباراك أوباما ودونالد ترمب ثم الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن؟ كيف يتم تسليم العراق المحتل إلى إيران عبر ميليشيات «فيلق القدس» الإيراني الإرهابي؟ وبأي شرع أو قانون أو دستور تسمح الولايات المتحدة لدولة ثانية بمشاركتها احتلال دولة ثالثة، ولا نقول رابعة وخامسة؟
لقد كان مفهوماً أو مقبولاً أن تستعين الولايات المتحدة بدول أخرى بالعشرات لإرغام الجيش العراقي على الخروج من الكويت في عام 1991، ولكن لماذا تستعين الولايات المتحدة بدول أخرى لاحتلال العراق في عام 2003 بعد سقوط النظام السابق، ووصل عددها إلى نحو 30 دولة على مراحل بينها دول لا حول لها ولا قوة مثل الدومينيكان وأذربيجان وإستونيا ومولدوفا وألبانيا والتشيك والسلفادور وسنغافورة والبوسنة والهرسك ومقدونيا ولاتفيا وكازاخستان ومنغوليا وجورجيا وتونغا وليتوانيا والفلبين وهندوراس ونيكاراغوا، ومعظمها لا يعرف العراقيون مواقعها على خرائط العالم ولا لغاتها؟!
هل هي وليمة عالمية في المطبخ العراقي لتوجه الولايات المتحدة الدعوة إلى كل من هبّ ودبّ لقضاء شهور سياحية وتذوق الطعام العراقي الشهي الذي كان يتناوله شهريار وشهرزاد في «ألف ليلة وليلة»؟
لماذا غادر كل هؤلاء عائدين بالسلامة إلى بلدانهم باستثناء إيران؟ هل تجهل الولايات المتحدة العداء التاريخي بين النظام الفارسي والعراق العربي من زمن الفتوحات الإسلامية إلى اليوم؟
كل الدول التي أنهت «رحلاتها العسكرية السياحية» إلى العراق نظفت معسكراتها وأهدت ممتلكاتها إلى المحافظات والقرى القريبة، من سيارات إسعاف ونقل ومولدات كهرباء وساحبات مياه من الآبار ومستوصفات متنقلة و«كرافانات» نوم وأجهزة تكييف وتدفئة، وبعض تلك الدول وجهت دعوات لزيارة عواصمها إلى المتعاقدين معها في الخدمات غير الحربية. وثمة دولة وحيدة شاذة لم تغادر العراق، لا هي ولا ميليشياتها ولا مخدراتها ولا كواتم الصوت ولا عملاتها المزيفة ولا معتقلات العراقيين ولا مقابرها الجماعية ولا صور خميني وخامنئي وقاسم سليماني قائد «فيلق القدس» الذي لقي مصيره المحتوم.
هل كانت الولايات المتحدة قد خططت تحت رعاية بوش الابن أن تهدي العراق بشعبه وأنهاره وخيراته وتاريخه وجغرافيته ومقاماته الموسيقية إلى العدو الفارسي؟ ماذا نقول للخليفة هارون الرشيد وشاعره الأثير أبي نواس؟ وماذا نردّ على أبي جعفر المنصور إذا سألنا عن أحوال بغداد دار السلام التي أسسها سنة 146؟ وكيف نجيب عالم الكيمياء جابر بن حيان عما جرى؟ وماذا عن الطبيب الحكيم أبي بكر الرازي إذا رأى في منامه حكومات الفساد المسرطن في جغرافية البلاد المبتلاة؟ من ينسى شعراء الذروة العباسية أبا الطيب المتنبي وأبا فراس الحمداني، ومعهما أبا نواس؟ هل نراجع مؤلفات ابن خلدون وأهمها «مقدمته» التي لا أول لها ولا آخر؟ وكم أضحكنا كتاب «البخلاء» لمؤلفه أبو عثمان عمر الجاحظ؟ هل سمع الرئيس الأميركي الأسبق بوش بفرج الأصفهاني مؤلف كتاب «الأغاني» والخوارزمي صاحب الموسوعة الجغرافية الفضائية «صورة الأرض»، و«الكامل في التاريخ» لابن الأثير؟ والبتاني أعظم عالم فلك في العصور الوسطى الذي قسّم السنة إلى 365 يوماً، ووضع فهرسة لنحو 500 نجمة فضاء؟
في ذلك العصر الذهبي كانت إيران بلاد الفرس تعيش باحثة عن مرتزقة سلاحهم الخناجر المسمومة، يسعون لقيام انقلابات في بلاد العرب المسلمين، مثلما يحدث في هذه السنوات القاحلة بسوريا وليبيا والسودان واليمن ولبنان وأفغانستان وباكستان... والعراق المريض هو وليلى.
العراقيون لا يريدون مغنماً من طهران ولا نظامها الظلامي، ولكنهم يريدون استرداد وطنهم... وطن الأدب والعلم والفلك. ومثلما أدخلت الولايات المتحدة إيران وميليشياتها وعملاءها ودجالي الدين والفساد إلى العراق عليها أن تقتلعهم من الجذور وتترك العراقيين يعيشون بسلام وأمان.
المهمة لم تنتهِ سيادة الرئيس جو بايدن وعليك أن تنهيها إذا أردت أن تفتخر بتمثال الحرية. وعليك أيضاً تعويض العراق عن خسائره البشرية سواء بالقتل أو التهجير، وقد وصل الرقم حسب موسوعة «ويكيبيديا» إلى 600 ألف قتيل على أقل تقدير في سنوات الاحتلال الأميركي الأربع الأولى، وهناك تقديرات أخرى أعلى وأكثر مأساوية وخسارة بين علماء وقادة وخبراء ومثقفين تحت شعار وحشي رفعته الحملة الأميركية العدوانية وهو «الصدمة والترويع» وتأجيج الحرب الأهلية الطائفية، ما رفع أرقام الضحايا إلى أكثر من مليون نسمة في ظل أكذوبة أميركية كبرى عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة.
الغريب أن الولايات المتحدة لم تعِر أي اهتمام للانتقادات الحادة على حد سواء داخل أميركا أو خارجها. وقدمت وكالة المخابرات الأميركية ما مجموعه 935 بياناً أو بلاغاً كاذباً بين عامي 2001 و2003 حول تهديد العراق المزعوم للولايات المتحدة. إنها اتهامات كاذبة وتصريحات ملفقة لا تليق بدولة كبرى تدعي أنها أقوى دولة في العالم.
نقلا من الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.