لقد قدم اليمنيون وحدتهم بوصفها نواة للوحدة العربية . فهي إذن أي الوحدة اليمنية وحدة نووية أو فلنقل وحدة نواتية . فما العبرة التي يجب أن تصل إلى العرب عامتهم ومثقفيهم وأئمتهم من تلك الوحدة ؟ وكيف ينبغي أن يفهم إخواننا العرب ما يجري في جنوب وشرق اليمن . حتى يصلوا إلى إحدى حقيقتين لا ثالث لهما : أن ما يجري ناتج عن خطأ كبير وغبن عميق فيساعدوا اليمن على تصحيح الرؤية ومن ثم تصحيح العلاج أو تصحيح المسار للجميع لكافة أشكال العمل السياسي ولجميع اللاعبين والمؤثرين في الساحة اليمنية . أو أن يربعوا على أنفسهم ويعلموا أنهم في نعمة كبرى اسمها التجزئة والقطرية وكل ما كانت أكثر فتاتًا كل ما كان ذلك أكثر خيرًا لساكنيها حيث يكونون بعيدين كل البعد عن عقد الوساوس الوطنية . وإذا لم تصدقوا فالمثال ماثل في جزيرة العرب بين منطقة الخليج المجزئة والمنطقة اليمنية الموحدة أيهما الأوفر غنىً والأنعم معيشة . وليعلموا أنه إذا غابت الهوية الوطنية الحقيقية عن أي خطوة وحدوية أو اعترتها الضبابية فقد فقدت شرعيتها الوطنية ، وحلت بدلاً عنها مفاهيم الاختزال والحلولية ، اختزال الوطن الكبير في جزء منه يصبح كالنموذج الذي يجب أن تتماثل به سائر الأجزاء شاءت أم أبت ، أو ينظر ذلك الجزء ( النموذج ) لسائر الأجزاء كالتوابع يجب أن تدور في فلكه ، إنها وحدة يراد لها أن تكون أشبه شيء بما يسميه أهل التصوف بوحدة الوجود أو الحلولية ، وحدة أنا أنت وأنت أنا ، وحدة الفناء في الآخر الأعلى أو الأقوى .
وفي وحدة بتلك الصفات أو بتلك الشطحات تصبح الأجزاء أو التوابع محط ريبة مستديمة وعليها أن تجتهد دومًا في إظهار الولاء والوفاء ، وأن تبقى أبد الدهر في حالة نقص وحاجة حتى تنفي عن نفسها أي ريبة للتفرد أو الانفصال أو الاستقلال ، وهنا يكمن جوهر القضية التي مظاهر الاحتجاجات - ما ظهر منها وما بطن - ما هي إلا أبسط إفرازاتها . لقد تحولت وحدة اليمن من وحدة نواتية كما أريد لها إلى وحدة مناطقية ، ، وحدة تفرض فيها جهة خصائصها وعاداتها على سائر الجهات ، وحدة يراد فيها تذويب أو تغييب الأقلين عددًا لصالح الأكثرين عددًا ، وحدة جعلت ساكني نطاقها يتقلبون بين الكره والشماتة لبعضهم بسبب أخطاء ولاة الأمر فيهم ، فلا يمكن أن تصبح نموذجًا لما يطمح إليه العرب ككل من وحدة قومية ، أليس هو هذا ما يخشاه كل قطر عربي الآن من هكذا وحدة وهي الأقطار التي لا تنفك تمجد ذواتها مهما صغر حجم القطر وقل ساكنوه . إنه يجب ألا يغيب عن البال أن المجتمع الذي تتشابه فيه الجماعات كل المشابهة هو مجتمع آسن لا تغيير ولا تبديل في أوضاعه لفقد دواعي الشبه والتقبل والمحاكاة بخلاف ما إذا كان هناك شيء من التنوع لا يمس التجانس الواجب فهذا التنوع أدعى إلى التنشيط والتشجيع على تبادل المزايا والصفات . فيأيها العرب – ولاسيما الجيران منهم - افهموا ما يحصل بيننا نحن اليمنيين اليوم لأخذ عبرة وطنية وقومية ، ولمد يد الإنصاف لليمنيين لعلكم تنقذونهم من مصير أسود محتوم . اختبار قصير ضع خطًا تحت الإجابة الصحيحة مما يلي : قال الله تعالى : " وجعلناكم شعوبًا وقبائل " : 1- لتتوحدوا ، 2- لتندمجوا ، 3- لتعارفوا حظًا موفقًا للجميع في كل الجهات . تحية خليجية أهلاً بكم يا خليجيون من خليجكم إلى خليجنا . * باحث دكتوراه بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة