قالت دراسة حديثة إن 75% من حوادث التسرب النفطي في العالم تقع في مياه الخليج العربي، في الوقت الذي يمكن فيه منع معظم هذه الحوادث بسهولة. وقد تم إجراء هذه الدراسة العلمية بناء على طلب الدول الأعضاء في مكتب «اليونسكو» الإقليمي في دول الخليج العربي في الدوحة والتي تشمل الإمارات، ومملكة البحرين، ودولة الكويت، وسلطنة عمان، ودولة قطر، والمملكة العربية السعودية. وقال الدكتور بينو بور، مستشار العلوم البيئية في منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة والمنتدب للمنطقة العربية، إن مثل هذه الكوارث البيئية تكلف قطاع الطاقة مليارات الدولارات التي تنفق على عمليات التنظيف، علاوة على الأضرار التي تلحق بالحياة البحرية وبالمجتمعات التي تعيش حول الخليج. وأضاف قائلاً إن ناقلات النفط التي تبحر في مياه الخليج تترك بقايا النفط خلفها ملوثة بذلك المياه. وقال الخبير البيئي إن تكاليف التسربات النفطية باهظة الثمن. فعلى سبيل المثال، أدت حالة تسرب نفطي واحدة ناتجة عن حرب العراق والكويت عام 1991 إلى خسائر مادية كبيرة جداً في المنطقة. حيث وصلت التكاليف إلى نحو 23 مليون درهم بالأسعار الحالية من أجل إجراء البحوث حول تأثير تلك الكارثة على الحياة البحرية فقط. كما أن للتسرب النفطي والتلوث البحري آثاراً مالية معقدة كمطالبات التعويض ومطالبات التأمين. وتستغرق السيطرة على التلوث وتنظيفه سنوات عديدة، بالإضافة إلى إنفاق ملايين الدولارات. وأكد بور أن ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة ساهم في تخفيف الآثار السيئة نتيجة تبخر كميات من النفط المتسرب في المياه، ولكنه شدد على حاجة شركات النفط والغاز إلى زيادة استثماراتها في مجال حماية البيئة البحرية. كما أشاد بدور منظمة «اليونسكو» في تشجيع الاستثمار في حماية البيئة، مؤيداً ما قامت به بعض شركات البترول والغاز بتخصيص مبالغ إلزامية لحماية البيئة. وعن التوجه السائد في المنطقة فيما يتعلق بالتطوير الحضري والعقاري في المناطق الساحلية وما يصاحبه من استصلاح الأراضي وبناء الجزر الصناعية، قال بور إن جميع هذه المشاريع بحاجة إلى أبحاث مكثفة حول التأثير البيئي قبل الشروع بتنفيذها. وجاءت تصريحات بور أثناء زيارة له إلى أبوظبي للترويج لكتاب «حماية النظم البيئية البحرية في الخليج من التلوث»، الذي تم إعداده وإصداره بالتعاون بين منظمة «اليونسكو» وشركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» وبمساهمة من هيئة البيئة في أبوظبي، بالإضافة إلى خبراء آخرين. وأكد بور أن الكتاب ضروري وأنه جاء في وقته، حيث تشهد منطقة الخليج عملية تغير اجتماعي سريع وتطور هائل في البنى التحتية. وأضاف الدكتور بور أن النظام البيئي البحري في منطقة الخليج مهم جداً بالنسبة لسكان السواحل والمناطق البحرية الذين يعتمدون على هذه النظم البحرية لإنتاج مياه الشرب والري والغسيل وغيرها. إضافة إلى استخدامها كمصدر للتزود بالبروتين، وكوسيلة للنقل والترفيه، علاوة على أنها توفر لهم وظائف، وتعتبر دخلاً لعدد كبير من السكان. لهذا، فإن المحافظة على هذه الأنظمة البيئية سليمة، والتأكد من أنها تؤدي خدماتها بشكل مستمر، والعمل على فهم وظائف النظام البيئي يعد ذا أهمية وجودية بالنسبة لشعوب منطقة الخليج. وبسبب حوادث التسرّب النفطي الكبيرة تدخل كل سنة ملايين من الغالونات من النفط إلى المحيطات إضافة إلى ما ينتج من الصيانة الدورية للسفن والسيارات، عمليات الاستخراج في البحر. ورغم أن حجم التسرب مهم جداً، إلا أن حجم الضرر يتأثر بعوامل أخرى مثل نوعية النفط المتسرّب و مكان التسرّب وكذلك الحرارة، الرياح والطقس. ويمكن للتسرب النفطي أن تكون له تأثيرات أكثر خبثاً تستمر على المدى الطويل. فمثلاً، فقد يؤذي بيض السمك، وصغار السمك. كما يمكن أن يتجمّع عبر سلسلة الغذاء عندما يأكل الإنسان عدد من الأسماك التي تخزّن النفط في أجسامها. (البيان)