تتوجه أنظار الإعلام العربي والغربي هذه الأيام إلى اليمن الذي يحبذ أبناؤه تسميته باليمن السعيد، ويستبشرون خيرا عندما تتردد مقولة ''أن أصل العرب من اليمن، وان الحكمة يمانية''. لكن الوضع السياسي يزداد تفجرا مع إعادة تنظيم قوى الشطر الجنوبي نفسها ورفعها مطلب مفصلي يتمثل في الانفصال والعودة إلى ما قبل العام 1990 الذي شهد توحيد الشطرين. وكانت حرب مايو 1994 قاصمة لآمال وطموحات الوحدة، حيث جرت بين الحزب الاشتراكي الذي كان حاكما في اليمن الديمقراطي وبين حزب المؤتمر الشعبي الذي كان يحكم الجمهورية العربية اليمنية. أبناء الجنوب شعروا بالغبن بعد ما سمي بحرب الانفصال، حيث خلقت معطيات جديدة على الأرض، زاد منها حالة الفقر وشحة الموارد والمرض في ربوع الوطن اليمني. حسب الإحصائيات الأخيرة يصل عدد سكان اليمن إلى 21 مليون نسمة، وأن النمو السكاني يبلغ 3 بالمئة سنويا، واستمرار هذا الوضع يعني أن عدد السكان سوف يصل إلى نحو 50 مليون نسمة في العام ,2033 حسب توقعات الدراسات المحلية في اليمن وخارجه. وفي اليمن تستوطن الملاريا، التي يعاني منها 60 بالمئة، حسب تصريح وزير الصحة اليمني في العام 2005 أمام جلسة للبرلمان. كما تعاني البلاد من شح في المياه، إذ تقول الحكومة انه من أصل 21 مصدرا جوفيا للمياه يعاني الميزان المائي سلبا في 19 منها، فيما يقول خبير ألماني أن مياه المطر تكفي لبلاد لا يتجاوز عدد سكانها المليونين وليس 21 مليون. يضاف إلى ذلك تراجع إنتاج النفط بشكل دراماتيكي ليصل إلى 300 ألف برميل في اليوم. لكن اليمن يعاني كباقي البلدان العربية من الفساد في مفاصل الاقتصاد الوطني، وهي حالة تقرّ بها الجهات الرسمية ولاتنكرها، ما يؤدي إلى تدهور الوضع المعيشي المولد الرئيسي للاحتقانات السياسية والفئوية. ويبدو أن عدم تمكن اليمن من تجاوز أزماته المعيشية أسهم في تدهور الوضع الأمني والسياسي، وحسب عبد الكريم الارياني وهو مستشار الرئيس اليمني، فإنه يرى ''إذا لم يكن هناك إنقاذ سياسي لليمن في السنوات الثلاث القادمة، فستكون التحديات اكبر من الحوثيين أو ما يسمى بالانفصاليين الجنوبيين''. يضاف إلى كل ذلك تعثر المسيرة الديمقراطية التي بشرت بها القيادة منذ الساعات الأولى للوحدة. ما يجري في اليمن مؤسف، حيث تتحطم الأحلام والآمال الكبيرة أمام المواطن اليمني الذي يحلم كباقي أشقائه في الوطن الكبير بيمن سعيد حقاً تعود إليه الحكمة اليمانية. صحيفة الوقت