لاي ثورة اخطاء قد تحدث هنا وهناك، غير ان عدم الاستفادة منها هو الخطأ القاتل ..ما نزال نأمل بان الاختلاف شيء صحي ينم عن تفكير سليم شريطة ان لا يترتب عليه ازهاق الارواح، فالعنف نار قد تأكل احلامنا في دولة جنوبية يعيشوا في ظلها الجميع بحب وسلام .. لست ممن يجعلون من بعض العثرات على طريق ثورة الجنوب السلمية منطلق للتشاؤم والقنوط، لقييني بان احفاد بن عواس وراحج لبوزة وعبد الدائم وغيرهم من مناضلي ثورة اكتوبر المجيدة على قلب رجل واحد متى ما حانت ساعة الصفر ودقت أجراس عودة الوطن السليب .. لست ممن يتصيدون الاخطاء ويبنون عليها قصورا من اليأس لإيماني العميق بان الحق سيحق ولو بعد حين، وما اخذ بالقوة سيعود بها او بغيرها، لذلك ومن اجله ستظل عزائمنا اطول من الجبال واصلب من الحديد، وسننطلق بقوة قضيتنا الى حيث يريد الشعب كل الشعب .. ما حدث ويحدث في بعض فعاليات حراكنا السلمي من أخطاء، رؤوس دبابيس ستمر عليها قوافل الجنوب التواقة للحرية والاستقلال والانعتاق والخلاص، ولن يكون لها أي تأثير على سلاسل قطار التصالح والتسامح، وسنرسم من دماء شهدائنا خارطة احلامنا وايامنا القادمة .. حتما ومن غير شك سيأتي الصبح الذي يتعانق فيه الجميع تحت راية الوطن ويرقصون على انغام النصر المؤزر كما صنع الاباء والاجداد حين خرج اخر مستعمر بريطاني من عدن .. فقط علينا ان ندرك ان المرحلة تتطلب كثيرا من اليقضة والحكمة وتغليب مصلحة الثورة وتسييج اهدافها بالتضحية والايثار والوعي، وكما نعلم جميعا ان الاعداء والنخاسين يتربصون باحلامنا وينصبون لتطلعاتنا الشراك والافخاخ، وقد رأينا كيف شنوا هجومهم بخبث وخساسة على فعالية اكتوبر العظيمة، وكيف راق لهم أراقة دماء شبابنا في حادث عرضي عرضته مختلف وسائل اعلامهم وتسيد احاديثهم في مجالس القات ووسائل المواصلات، وجعلوا منه شماعة علقوا عليها حقدهم الدفين على الجنوب ارضا وانسانا .. اتذكر كيف هاتفني احدهم -وهو زميل في الإعلام – مصطنع تعاطفاً شامتاً وهو يقول: (يؤسفني ما حدث اليوم في عدن وهذا تطور خطير في مسيرة حراككم السلمي) ويتساءل هو ايش حدث بالضبط ..؟ قلت له لا تخف يا صديقي ان الله معنا، ولن يضيعنا، أُطمئنك ان ثورتنا بخير وتسير في طريقها الصحيح .. ما حدث ويحدث شيء طبيعي وقد حدث أيام كنا جبهتين قومية وتحرير ضد مستعمر أرحم منكم .. كنا يوم كنا مستعمرين من قبل الامبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس كما نحن اليوم في تباين وعدم وفاق، ليس في الهدف بل بالأليات والبرامج وقد وصل اختلافنا حد رفع السلاح في وجه بعضنا البعض، غير اننا وحينما حانت لحظات رحيل الغازي تجمعنا كسحائب صيف ازجتها رياح النصر من اقاصي الاختلاف وهطلنا متشابكي الايادي على أرضٍ سقيناها عرقاً وعمرناها بالحب والوئام والتعاون والعمل حتى انها غدت واحدة من اقوى دول المنطقة على كافة الاصعدة والمستويات .. لا تقلق يا صديقي فنحن شعب انتفض يوم كان الجميع نيام في شتاء قارس بالصمت بالخوف والذل والهوان، ونحن من علمناكم كيف تصرخون وكيف تغنون وكيف تسييرون في دروب الحرية والكرامة وانتزاع الحقوق مرفوعي الرؤوس .. علمناكم كيف تهزم الصدور العارية المدرعات والرصاص وكيف تزلزل اليافطات البيضاء عروش الطغاة .. سنعلمكم اليوم ايضا يا صديقي كيف نقهر الشتات الذي تغذونه وننتصر لدماء شهدائنا وجرحانا ومعتقلينا وعذبات شعب ليس امامه سوى طريق الاستقلال والخلاص ..