في سابقة هي الاولى من نوعها.. لجأ عدد كبير من الامريكيين المتحضرين في عام 2011م الى التقليد وتأثرهم بما شاهدوا في ساحاتنا العربية من مسيرات "ومسيرة" واعتصامات "مكدرة ومنغصة" وبادروا بالاعتصام في احد الشوارع الامريكية مطالبين الادارة الامريكية بتلبية بعض المطالب ذات العلاقة بحياتهم.. وهم لا يمتلكون حتى "سعف نخيل". وما كان من الادارة حتى الا ان "زجت بهم في غرف التوقيف ذات اربعة نجوم تحت مبرر ان اعتصامهم لم يكن مألوفا بقدر ما كان "وسيلة تقليدية وافدة" ترتب عليها الحاق الضرر بالمصالح العامة مثال "اشغال الطريق" وتوقيف حركة النقل وتجميد حركة البيع والشراء في المحلات المحاذية للاعتصام وبذلك كانت الادارة الامريكية ممثلة باجهزة الضبط قد انتصرت للقاعدة القائلة "انت حر مالم تضر" ونبهت المعتصمين الى ان الذوق الخاص لا يجوز تغليبه على الذوق العام، بل ان ذلك الاجراء حال دون تحول ذلك الاعتصام غير المألوف الى "قاعدة" تتجاوز حدود التظاهر الحضاري والمسيرات السلمية. وبالمقارنة بين ما حدث في امريكا وما حدث ويحدث في شوارع "الخريف العربي" لاحظنا بان الادارة الامريكية تتعامل بمعيارين ففي حين قام مؤيدوا الرئيس المخلوع محمد مرسي بالاعتصامات وتجاوزها الى حد الاعتداء على المرافق العامة وقطع الطرقات وجدنا مواقف متناقضة تصدر من عدد من مسؤولي الدول الغربية، فبينما طالبت المانيا بالافراج عن الرئيس المخلوع كان الرئيس اوباما قد اشار الى انه لا يميل لطرف على حساب آخر في حين قرر مجلس الشيوخ الامريكي بان المساعدات الامريكية لمصر ما بعد الرئيس المخلوع لن تتوقف ولكن فيما يتعلق باعتصامات مؤيدي مرسي طالبت بعض الدول الغربية بعدم لجو اجهزة الضبط ان يمارسوا العنف المادي وبذلك يكونوا قد مهدوا للعنف الذي قد لا يحمد عقباه بقولهم "مرسي او الموت". اننا وباختصار شديد نقول بان مواقف تلك الدول وغيرها مما حدث ويحدث وسيحدث في مصر تتوقف على عاملين: * عامل الاستقرار الكفيل بعدم التأثير بالسالب على مصالح تلك الدول وذلك من حقها. * عامل الابتعاد او الاقتراب عن وعلى علاقات مصر مع "اسرائيل" إلا ان تلك الدول –اذا ما غيبت ارادة الشعب المصري وابتعدت عن مساعدته في الخروج من ازمته، فانها بذلك تكون قد تجاوزت مقتضيات قاعدة العلاقات بينها وبين مصر والقائمة او المرتكزة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الغير. واخيرا نقول بان على الدول الصديقة ان تقوم بدور التوفيق لا التمزيق فابناء مصر كما يقال اخبر "بشعابها" وتعزيز ثقافة الكراهية وتفتيت الانسجة الاجتماعية لن يترتب عليه سوى مزيد من المواجهات التي لا تخمدها المساعدات بقدر ما يخدمها ويحول دون احتدامها استحضار مقتضيات مفردات حسن تلك العلاقات بعيدا عن التحيزات..!!