صدر للباحث الفرنسي جان كليمان مارتان الأستاذ بجامعة السوربون ومدير معهد التاريخ الخاص بالثورة الفرنسية كتاب جديد بعنوان (لماذا اندلعت الثورة الفرنسية؟). و يقدم المؤلف في كتابه صورة واضحة جدا عن الثورة الفرنسية بكل أحداثها ومراحلها المتقلبة وإنجازاتها، مشيراً إلى أن الثورة الفرنسية تحققت خلال بضعة أشهر فقط من 17 يونيو/ حزيران إلى 15 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1789، إلا أنها بدأت في الواقع منذ الخامس من شهر مايو/ آيار من العام نفسة. فالملك لويس السادس عشر كان قد دعا ممثلي الأمة الفرنسية للاجتماع في قصر (فرساي) في ذلك اليوم من أجل التناقش حول الإصلاحات التي ينبغي اتخاذها، والشخصيات التي دعيت للاجتماع كانت تنتمي إلى الطبقات الثلاث التي تشكل الشعب الفرنسي، أي طبقة الكهنة وكبار رجال الدين، ثم طبقة النبلاء الأرستقراطيين، ثم طبقة بقية الشعب: أي معظم سكان فرنسا، وبينما كانتا الطبقتان الأوليان تتمتعان بامتيازات ضخمة مادية ومعنوية، فإن طبقة الشعب لم يكونوا سوى خدم عند الكهنة والطبقة الأرستقراطية. وضد هذا الوضع المهين واللاإنساني اندلعت الثورة الفرنسية، وبالتالي فقد كانت ثورة من أجل العدالة والحرية بالدرجة الأولى، ويطرح المؤلف هذا السؤال: كم كان عدد النبلاء الأرستقراطيين في فرنسا آنذاك؟ نحو ثلاثمائة ألف شخص في بلد يصل عدد سكانه إلى ثلاثين مليون نسمة تقريبا. كل الشعب كان يخدم هؤلاء النبلاء الإقطاعيين الذين يتوارثون الامتيازات والمناصب منذ مئات السنين. كذلك اندلعت الثورة أيضاً ضد طبقة رجال الدين التي كانت تستغل الشعب مثل طبقة النبلاء وإن بطريقة أخرى. فقد كانت تخدّره بالمواعظ المسيحية التي تطلب منه القبول بواقعه البائس مقابل الوصول إلى الجنة في العالم الآخر.