عندما نتحدث عن يوم ال 17 من يوليو ليس القصد فقط شخص الرئيس وما أنجزه خلال أكثر من ثلاثة عقود، وإنما القصد أيضا هو الوقوف على مرحلة زمنية شهدت تغيرات عديدة وترسخت فيها مفاهيم وطنية وقيم حياتية جديدة، ورسم خلالها مشروع جديد لدولة حديثة. فالسابع عشر من يوليو 1978م كان بداية التحولات التاريخية التي دخلت بها اليمن عصر الاستقرار والمشاركة الشعبية في التنمية والعمل السياسي الديمقراطي فهذا اليوم مشهود وعلامة مضيئة في التاريخ اليمني المعاصر، فيه تم انتخاب الرئيس علي عبد الله صالح لقيادة البلاد والخروج بها من المشاكل والأزمات والصراعات والمخاطر التي كادت أن تعصف بها وتجعلها بؤرة صراع بهدف العودة بها إلى أزمنة التخلف المقيتة، ولكن بفضل حكمته وحنكته السياسية أوصل سفينة الوطن إلى بر الأمان ،وحلت لغة العقل والحوار والتنمية والتطور بدلاً عن لغة المدافع والانقلابات والمؤامرات والفقر والبؤس الاجتماعي والاقتصادي والخوف النفسي التي كانت جميعها عوامل تسيطر على الأوضاع اليمنية،وجعل اليمن تعيش حالة من الاستقرار والتقدم والازدهار على مختلف الأصعدة وشتى المجالات والدفع بتلك المنجزات قدماً رغم كل المعوقات الداخلية والمنغصات الخارجية التي حاولت أكثر من مرة إعاقة عجلة التقدم في اليمن.. حيث استطاع بحكمته تجاوز تلك المعضلات واوجد قدراً كبيراً من المرونة في التعامل معها بحسب الظروف التي كانت تحيط بها.. فهو رجل سياسي من الطراز الأول ،حيث قام في تلك الفترة من تاريخ اليمن بتشخيص الحالة التي كانت تعيشها اليمن فبدأ بالتفكير بكيفية تجاوز كل تلك الأوضاع فقام بتشكيل لجنة للحوار الوطني من كافة ألوان الطيف السياسي الموجودة آنذاك في الساحة السياسية اليمنية لتبدأ حالة الانفراج السياسي تلوح في الأفق. ورغم أن الدستور اليمني في تلك الفترة كان يحرم الحزبية إلا أن فخامة الأخ الرئيس اعترف بالأحزاب وجعلها تشارك في عملية التنمية وفي صنع القرار ضمن الإطار الكلي الذي جمع كل تلك القوى السياسية فكانت هذه الخطوة الأولى لإحداث الاستقرار وعكست نفسها على الانفراج بين المواطن والدولة وانتقل الصراع المسلح الدامي والانقلابي إلى حوار فكري سياسي ثقافي اقتصادي تنموي واثبت أن الحوار هو السبيل الوحيد لإنقاذ اليمن مما كان يعانيه.. وكانت حكمة القائد المحنك قد هدفت السير قدماً بهذه القوى الحية في منهجية حوارية فتم تشكيل لجنة الحوار الوطني ،وعمل فخامته على استئصال شأفة الأحقاد والضغائن من الصدور، وألف بين القلوب وجمعها على كلمة سواء.. كما كشف الرئيس عن هوية فكره السياسي الوطني في زمن مبكر من خلال الأولويات التي حملت مشروع الديمقراطية على أساس إنماء ثقة سريعة بقيادته السياسية بتأميل القوى الوطنية بفرص المشاركة الفاعلة في صنع القرار السياسي للدولة.. خصوصاً وأن ذلك جاء مقترناً بإعلانه عن إنشاء المجالس البلدية في كل محافظات الجمهورية الذي اعتبره الرئيس صالح بمثابة المنجز الجديد جداً ليجعل الشعب مشاركاً فاعلاً في صنع القرار. كل هذا أثمر ما نعيشه اليوم من تقدم في النهج الديمقراطي وحرية الرأي والرأي الآخر، والتعددية السياسية وإرساء مبدأ التداول السلمي للسلطة،التي نمارسها قولاً وعملاً في حياتنا اليومية من خلال الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافية المطلقة سواء كانت انتخابات رئاسية أو نيابية أو انتخابات المجالس المحلية حيث يعتبر الصندوق هو الحكم وهو الطريق الصائب والحضاري لتعميق وترسيخ النهج الديمقراطي في بلادنا. ان يوم 17 يوليو 1978 انطلاقة لليمن إلى مرحلة جديدة ومتطورة من الازدهار والاستقرار وتنمية المجتمع المحلي بفضل ما يتفرد به علي عبد الله صالح من صفات قيادية وحنكة وحكمة سياسية فقد جعل التنمية والأمن والسلام من أهم أولوياته وحقق مجتمع يأكل مما يزرع بعد ان كان اليمن يستورد كل احتياجاته اليومية من الخارج وحقق السلام الاجتماعي و تمكن من تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية . ومما يبعث على عظيم الفخر ما وصلت إليه اليوم مؤسسات المجتمع المدني من تنام كبير وسريع كماً ونوعاً ، وهو ما ينم عن وعي عميق بحق المشاركة الشعبية والسياسية لمختلف قطاعات الشعب وشرائحه الاجتماعية،لقد أخذت مؤسسات المجتمع المدني تعمل مجتمعة في تجذير مفهوم المشاركة الشعبية في البناء والتنمية وتحديث المجتمع وتفعيل دوره بمختلف شرائحه وفئاته في مواجهة الأزمات الاقتصادية والسياسية، والعمل على تأهيل المواطن لممارسة حقوقه الديمقراطية وإكسابه ثقافة العمل الطوعي وتنمية حس المبادرات الفردية والجماعية الداعمة للتضامن والتكافل والتعاون، ورفع مستوى قدرات الأفراد في مختلف حقول الإنتاج العلمي والمهني والثقافي. كما كانت قضية المرأة واحدة من أهم القضايا التي احتلت الصدارة في مجال الاهتمام السياسي، من قبل الأخ الرئيس حفظه الله، خلال مسيرة العهد المشرق..حيث تحقق للمرأة إنجازات جعلتها في مقدمة الحياة وشريكاً فاعلاً لأخيها الرجل في صنع وإقامة المستقبل ومواجهة تحديات الحاضر ،كما عززت الأدوار التي تقوم بها النساء في إطار منظمات المجتمع المدني كونها تمثل مجالاً واسعاً يمكن المرأة من تحقيق مكاسب سياسية واجتماعية وثقافية ليكون لها دور في التنمية الشاملة .. ومؤسسات المجتمع المدني تمثل أهم مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان و حرية التعبير والحق في الممارسة الديمقراطية والمشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي تمكن كل مواطن من ضمان العدل الاجتماعي وتكافؤ الفرص. وبفضل الله ثم بعزيمته التي لا تخمد وبحكمته السياسية الجليلة وبحنكة زعامته الرائدة وبالتفاف الشارع اليمني معه وعلى مدى الأعوام الماضية استطاع أن يحقق لشعبه الكثير من المكاسب والمنجزات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وأبرز هذه المنجزات: تحقيق الوحدة اليمنية المباركة وإعادة لحمة الوطن الواحد الموحد، حيث تعتبر الوحدة اليمنية أعظم إنجاز للأخ الرئيس تحقق لشعبنا وأمتنا ليدخل بهذا الإنجاز الاستراتيجي التاريخ من أوسع أبوابه.والواقع خير شاهد على ما حققه لشعبنا حيث تم تشييد وبناء مؤسسات حديثة وعصرية ونهضة تنموية شاملة في جميع مجالات الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتنموية والتعليمية والأكاديمية. كرس كل جهوده من أجل خدمة وطنه وشعبه ومن أجل تحقيق نهضة تنموية شاملة في اليمن نقلت حياة المجتمع اليمني من حالة التخلف إلى حالة التطور والحياة الحرة الكريمة من خلال إقامة الكثير من المشاريع الإستراتيجية العملاقة التي نقلت اليمن من عهود التخلف الاقتصادي إلى مستقبل واعد بالخير أكثر ازدهاراً وإشراقاً. وقد كان الحوار منهجه وسبيله لحل الخلافات والصراعات بين مختلف الأطياف السياسية في الساحة اليمنية منذ عام 1978 بتشكيله لجنة الحوار الوطني التي ضمت مختلف التيارات السياسية والفكرية لينبثق من هذا الحوار إقرار الميثاق الوطني كدليل وطني للعمل السياسي وإنشاء التنظيم السياسي المؤتمر الشعبي العام سنة 1982 الذي ضم في عضويته جميع القوى والتيارات السياسية، وهو دوماً وأبداً منفتح سياسيا ومدرك للوضع الراهن الذي تمر به اليمن وأن الحل لخروج اليمن من مأزقه السياسي وأزماته الاقتصادية لن يكون إلا من خلال الحوار بين مختلف القوى والتيارات السياسية، فقد انفتح الرئيس على الحوار مع كافة القوى السياسية والاجتماعية،وهو يشكل عامل توازن في البلاد لتتخطى أزمتها الراهنة. كما عمل فخامة الرئيس علي عبد الله صالح على ترسيخ علاقة اليمن بكل الدول الشقيقة والصديقة في مختلف المجالات وشتى الأصعدة،حيث كان في الماضي لا يكاد المرء يذكر اليمن أو يسمع بها ولكنه تمكن من جعل مشاركة اليمن أوسع واشمل من خلال سياسة حكيمة متزنة تقوم على أساس الاحترام المتبادل وبما يخدم المصالح العليا لشعبنا اليمني وأمتنا العربية والإسلامية، والتي أثمرت تعزيز دور ومكانة اليمن على الصعيدين الإقليمي والدولي وتوطيد علاقات بلادنا الخارجية والتعاون الثنائي مع بلدان العالم أجمع.. وقد أثمر ذلك التعاون في وقوف أشقائنا في مجلس التعاون الخليجي وأصدقائنا في العالم إلى جانب اليمن ووحدته وأمنه واستقراره من خلال إدانتهم واستنكارهم للحادث الإجرامي الإرهابي في مسجد النهدين الذي استهدف فخامة رئيس الجمهورية وكبار قادة الدولة ، ووقوفهم الى جانب اليمن في أزمته الراهنة ورفضهم أية محاولات أو مشاريع تآمرية للانزلاق باليمن نحو الفتن والشقاق والتشرذم،لتأتي دعوة مجلس الأمن الدولي ومعه الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي لإجراء حوار وطني شامل بين مختلف الأطياف السياسية العاملة في الساحة اليمنية مع الالتزام بالمبادرة الخليجية كأساس للخروج باليمن من أزمته السياسية الراهنة ،والانتقال السلمي للسلطة بالطريقة الدستورية والشرعية . ولا أنسى أن أتوجه بأصدق آيات الشكر والتقدير والثناء والعرفان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية وولي عهده الأمين وقيادة المملكة وشعبها على الرعاية الكريمة التي قدمت لفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وكبار قيادة الدولة منذ وصولهم ارض المملكة العربية السعودية وما حظيوا به من اهتمام طبي عكس عمق العلاقة التي تربط شعبينا وبلدينا الشقيقين وخصوصا عند الأزمات والمحن التي أثبت فيها خادم الحرمين الشريفين وقيادة المملكة وشعبها أنهم الأوفياء الصادقون والمخلصون وأنهم يكنون لليمن كل مودة وتقدير واحترام .