بات من الجلي والواضح أن ما يصدر عن قيادات أحزاب اللقاء المشترك من بيانات وتصريحات حيال أي قضية من القضايا، لا يستند بأي حال من الأحوال إلى رؤية موضوعية أو مفهوم سليم أو تحليل واقعي، وأن معظم ما يطرح ويخرج من أروقة هذه الأحزاب تغلب عليه روح العدائية والتحامل ومحاولة الاصطياد في الماء العكر، إلى جانب تضليل الرأي العام والالتفاف على الحقائق، وكأن ما يهم هذه القوى الحزبية ليس سوى الظهور وتبني مواقف تخالف الإجماع الوطني، بصرف النظر عن ما قد ينتج عن تلك المواقف المجافية لمنطق الصواب والعقل والمصلحة الوطنية من أخطاء جسيمة. وبوضوح شديد فإن أي متابع لتلك المواقف لا بد وأن تتعزز لديه القناعة من أن بعض قيادات أحزاب اللقاء المشترك قد أدمنت السير عكس التيار، إلى درجة أنها التي صارت وتحت تأثير الغرور والنرجسية التي تملكتها عاجزة عن التعلم من دروس الماضي والاستفادة من كل الاخفاقات التي منيت بها وبما يسمح لها تقويم الاعوجاج الملازم لها وتجاوز العلل التي تحاصر تفكيرها. وما لم تسارع تلك القيادات الحزبية إلى مراجعة صادقة مع النفس، فإنها التي ستظل تتعامل مع كل القضايا بعقلية تفتقر لأبسط قواعد الواقعية السياسية، كما هو شأن التصريح الأخير للناطق الرسمي لها، والذي أدلى به لأحد المواقع الاليكترونية التابعة لهذه الأحزاب، وبالذات ما يتعلق منه بفتنة التمرد التي أشعلها الإرهابي الحوثي وأتباعه حيث نسى أو تناسى ذلك الناطق أن الدولة لم تترك وسيلة إلا واتبعتها من أجل إنهاء تلك الفتنة بالطرق السلمية حقنا للدماء وللأرواح، وهو ما برز في قيامها بإرسال اللجان الواحدة تلو الأخرى والمشكلة من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وكذا من أعضاء مجلسي النواب والشورى والشخصيات الاجتماعية، من أجل إقناع شرذمة الفتنة والتخريب والتمرد بالعودة إلى جادة الحق والصواب ووقف اعتداءاتها المتكررة على المواطنين وأبناء القوات المسلحة والأمن والالتزام بالنظام والقانون. والمؤسف أن يتجاهل ذلك الناطق «بقصد أو بدون قصد» حقيقة أن تلك الشرذمة الإرهابية هي من رفضت وانقلبت على المبادرة القطرية، وأخلت بالاتفاق الذي تم برعاية الأشقاء في دولة قطر، عبر قيامها بنصب الكمائن في الطرقات الآمنة واستهدافها، غدراً وعدواناً للشخصيات الوطنية وأبناء القوات المسلحة والأمن وكل من يخالف نهجها الظلامي المتخلف. وكان يرتجى من الناطق - إياه - أن يفصح عن الأسباب التي حالت دون قيام الأحزاب التي يتحدث باسمها بإدانة واستنكار الجريمة البشعة التي اقترفتها عناصر الإرهاب بحق المصلين في جامع بن سلمان بمدينة صعدة، والتي أودت بحياة العديد من المواطنين الأبرياء وهي الجريمة الشنعاء التي استنكرها الرأي العام اليمني بكل شرائحه، وكذا أبناء الأمتين العربية والاسلامية. وحيال ذلك فلم يكن أمام الدولة من سبيل سوى القيام بواجباتها ومسؤوليتها في التصدي لتلك العصابة الإجرامية للحفاظ على أمن واستقرار الوطن والمجتمع باعتبارها ملزمة بحكم القانون بالاضطلاع بمسؤوليتها الدستورية في حماية أمن واستقرار الوطن وأي تقصير من قبلها.. يعتبر تقصيراً في جزء هام وحساس من واجباتها. ولا ندري هل نلتمس العذر للناطق باسم «المشترك»، أم أن الأصح مساءلة هذه الأحزاب.. عن مواقفها المتخاذلة التي تأتي في كثير من الحالات متصادمة مع مقتضيات المصلحة الوطنية. وأياً كان الأمر فإن الأجدى لهذه الأحزاب وقياداتها التحلي بالواقعية السياسية والابتعاد عن ذلك المنطق الاعتسافي الذي يعميها عن النظر إلى الحقائق واستجلائها ويبتعد بها عن الممارسة الصحيحة للعملية الديمقراطية مع أنها معنية بدرجة أساسية بتغليب المصلحة الوطنية وجعل أمن واستقرار اليمن وتقدمه وتطوره فوق كل الاعتبارات. فمتى تتخلص هذه الأحزاب من ذلك المنطق الأجوف المغامر والمقامر وتدرك أن الحفاظ على الوطن مسؤولية كل أبنائه؟