وإذا كان الفساد المالي والإداري المستشري في الكثير من مؤسسات الدولة ومرافقها الحيوية قد وجد له في عهود سابقة فرصا سانحة ومجالات خصبة وبيئة حاضنة ومناسبة شجعته على التوغل والتوحش وحرية الإنطلاق والحركة ومكنت ممارسيه ورموزه من التكسب والإثراء الغير مشروع و بناء وتكوين ثروات ضخمة سرقوها من قوت الشعب ولقمة عيشه وساعدتهم على ذلك ظروف سياسية مضطربة وغير مستقرة وفي ظل غياب تام لدور الدولة الرقابي والمحاسبي وانعدام تطبيق - مبدأ الثواب والعقاب - فإن ماتوفر للفساد ورموزه من وسائل أتاحت لهم ممارسته في السابق بحرية وأريحية تامة لاسيما خلال الأربعين السنة الأخيرة وخاصة في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي تنامى فيه الفساد واستشرى في مؤسسات الدولة بشكل لافت ومقزز ومستفز فإنه يتعذر عليه اليوم الإستمرار على نفس المستوى والوتيرة والجرأة بعد أن فقد الكثير من محفزاته ومشجعاته والمرتكزات التي كان يقوم عليها في مامضى ويعتمد عليها. ولا يعني هذا أن الفساد قد أنتهى وطويت صفحته وخلصت وتحررت البلاد والعباد من شروره وتبعاته ونتائجه الكارثية وآثاره السلبية المباشرة المتصلة بحياة المواطن ومعيشته وقوته وحياته ومنها مسؤوليته في انتشار الفقر والبطالة وارتفاع معدلات التضخم وحرمان الكثيرين من أبناء هذا الشعب من أبسط الحقوق والأشياء اضافة إلى مسؤولية الفساد ودوره في اتساع رقعة المجاعة والمشاكل الإجتماعية وتنامي الشعور بالغبن والإضطهاد والحقد والكراهية من عامة الناس لمن يمارسون الفساد ويستحلون أكل المال العام مستغلين نفوذهم ومناصبهم في النهب والسلب بطرق ملتوية يخالفون بها شرع الله وعقيدة الإسلام السمحاء و الدستور والقوانين النافذة في البلاد. وإن كنا سيدي - أبا جبريل - قد استبشرنا خيرا توسمناه بقيام ثورة 21 سبتمبر 2014 م الثورة التي كان لكم الفضل وشرف قيادتها وانتصارها لإستئصال شأفة الفاسدين والعابثين بالمال العام ولصوصه ‹ وإذا كانت وجوهنا قد تهللت سرورا وكان الأمل حين اندلاعها يحدونا كثيرا واثقين بأن ثورة 21 سبتمبر التي أقتلعت رموز الفساد من جذورهم وجعلتهم يولون الدبر هاربين فارين إلى خارج البلاد تاركين خلفهم جنات وزروع وعيون وقصور فخمة كانوا بها مترفين إلا أن واقع الحال اليوم يقول للأسف : « إن هذه الثورة التي اندلعت نصرة للمستضعفين وتبنت إحقاق الحقوق لمن كانوا منها محرومين وبها مطالبين لم تتتمكن حتى الآن بعد خمسة أعوام من قيامها واندلاعها من انهاء اشكالية الفساد الجدلية المزمنة وتغلق هذا الملف الشائك وتفرغ كل محتوياته إذ احتفظ الفساد الذي كنا نشكو منه في السابق بالكثير من امكانياته ووسائله وأدواته واستمر من يمارسوه سلوكيات وأنشطة وحتى وظائف رسمية على نفس الصور والهيئة التي عرفت في الماضي بل وأبتكرت له طرق ووسائل متطورة أكثر جرأة وصفاقة ونشاط . وظل الفساد المالي والإداري في الكثير من مرافق الدولة والمؤسسات الحكومية يمارس ويزاول بشكل لافت من قبل رموزه وعناصره وكأن شيئ لم يتغير . بل إن فساد المفسدين اليوم الذي يحاكي ماسبقه من فساد في عهود سابقة أخطر وأشد وطئا على الوطن والمواطن كونه يأتي متزامنا مع حرب وعدوان خارجي ويعد أكثر ضررا وخطورة على اليمن واليمنيين من حرب البغاة الظالمين وعدوان المعتدين علينا من الخارج ممثلين بتحالف دول العدوان الغاشم السعودي الأماراتي الأمريكي الصهيوني وكل من يدور في فلكهم من المرتزقة وعملاء الخارج الخائنين. ولسنا ياقائد الثورة نشطح وننطح ونرمي من نعنيهم بتقريعنا وانتقادنا لهم وشكوانا منهم كفاسدين مفسدين بالفريات والتهم الباطلة جزافا بل نصدح بحق وحقيقة ونجهر بما هو حقا يقين . فهناك من الفاسدين الجدد من أتوا بفساد مضاعف على فساد اطنابهم السابقين الهاربين منهم والبائدين وخولت لهم أنفسهم الأمارة بالسوء أن يسرقوا وينهبوا من قوت الشعب وخيراته بلا زهد ولا تقى وخوف من عقاب رب العالمين مستغلين ظروف الحرب وعدوان المعتدين وبين هؤلاء الفاسدين من لصوص وسرق المال العام ومحدثي النعمة اليوم من ركبوا كما يقول العامة - الموجة - وغيروا جلودهم ومبادئهم وتبرأوا من انتماءاتهم السياسية السابقة وتلبسوا بلباس ايماني كاذب ومخادع وأدعوا لأنفسهم شرف ونزاهة وورع ووجدوا لهم أماكن ومواقع متصدرة في المسيرة القرآنية وجماعة أنصار الله ليصبحوا ضمن هذا النسيج والتكوين وهم في بواطنهم يكنون للثورة وللمسيرة والأنصار الكراهية والحقد والبغضاء ويتربص بهذا التيار الجهادي الفتي الدوائر ويمكن وصف هؤلاء بالمندسين الذين يتحينون الفرص للإنقضاض على من يمثل المسيرة ومنهجها القرآني الإيماني والعودة إلى ماألفوه وكانوا عليه من قبل والله الله في الحذر من هؤلاء الذين جرى تسميتهم اصطلاحا « بالمتحوثين « الذين يشبهون بحالهم ومآلهم « جماعة أصحاب مسجد ضرار « بالمدينة المنورة في عهد النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه من أتباع كبير المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول لحاه الله !. وهناك ياسيدي أناس يعبثون بالمال العام ويمارسون ممارسات الفاسدين الذين أثروا في عهد عفاش وهم محسوبين على المسيرة القرآنية وثورة 21 سبتمبر وينتمون إليها ممن بدلوا وغيروا وانحرفوا عن مسارها القويم الصحيح وأغرتهم ملذات الحياة وزخرف الدنيا وحطامها وضعفوا أمام مغريات حب المال والجاه وصاروا يأخذون ماليس لهم ويهضمون حقوقا عامة وتجدهم بعد بضع شهور وسنين وقد صارت لهم قصور وفلل شيدوها بالفهلوة والإحتيال ونهب المال العام وبدل السيارة سيارات واشكالهم منعمة طرية بثياب اكثر أناقة وأبهة ورفاهية على غير ماكانوا عليه في السابق وبين هؤلاء مشرفين كبار وصغار أصبحوا من بعد ان لطخوا اياديهم بدنس ونجاسة السحت وأكل ونهب المال العام « مسرفين « واسرافهم تتجلى صوره واضحة في ماصاروا عليه من باطل بعد ان كانوا رموز للحق ومثل هؤلاء يستحقون التعجيل لهم بأشد العقوبات الصارمة والمضادات الحيوية التي وعدتم بها لإستئصال داء الفساد وتجففيف منابعه وقلع جذوره اينما وجد وفي أي مؤسسة حكومية ذلك مانبتغيه ونرجوه عاجلا غير آجل!. ***** يتبع ****