جرائم العدوان خلال3,900 يوم    الأجندة الخفية للإعلام السعودي والإماراتي في اليمن    أمريكا تستولي على ناقلة نفطية في البحر الكاريبي    يورونيوز: كل السيناريوهات تقود نحو انفصال الجنوب.. و"شبوة برس" ترصد دلالات التحول السياسي    بيان الحزب الاشتراكي محاولة جديدة لإحياء خطاب الجبهة القومية ضد الجنوب العربي    الجنوب راح علينا شانموت جوع    بيان مجلس حزب الإصلاح وسلطان البركاني    صحفيون مُحَررون يطالبون غوتيريش منع مشاركة قيادات حوثية بمشاورات مسقط لتورطها في التعذيب    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    إسرائيل تحذر واشنطن: لن نسمح بوجود تركي في غزة    مجلس الشورى يؤكد رفضه القاطع لأي مشاريع خارج إطار الدولة    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    الكاتب الصحفي والناشط الحقوقي نجيب الغرباني ..    اليونسكو تدرج "الدان الحضرمي" على قائمة التراث العالمي غير المادي    عود يا أغلى الحبايب... يا أغنيةً عمرها ثلاثون سنة ولا تزال تشعل قلبي كلما هبّ اسمها في الهواء    موقف سعودي صلب: لا سلاح خارج الدولة اليمنية ولا واقع يُفرض بالقوة    حكايتي مع الدكتور رشاد محمد العليمي.. ملك القرارات التعسفية (وثيقة)    المحرّمي يبحث تعزيز قدرات خفر السواحل لمواجهة تهريب السلاح والتهديدات البحرية    جلسة بالرياض تبحث آفاق التمويل المبتكر لدعم التنمية في اليمن    أهمية عودة دولة الجنوب العربي ... بين اعتبارات الأمن الإقليمي وواقع الأرض    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    الافراج عن 368 سجينا في صعدة وعمران    وزارة الزراعة والثروة السمكية تعلن فتح موسم اصطياد الجمبري    قبائل حجور وبكيل المير تؤكد الجهوزية لأي جولة صراع قادمة    نائب وزير الاقتصاد يطلع على سير العمل في مكتب الحديدة ويزور عددا من المصانع المتعثرة    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بهيئة الأراضي وخططها المستقبلية    صنعاء : تشكيل لجنة لإحلال بدائل للبضائع المقاطعة    المنتخب اليمني يودع كأس الخليج    الرئيس الزُبيدي يشدد على دور وزارة الأوقاف في تحصين المجتمع ونشر ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال    المحرّمي يطّلع على جهود وزارة النفط لتعزيز إمدادات وقود الكهرباء والغاز المنزلي    الرئيس المشاط يعزي في وفاة المجاهد العياني والشيخ شبرين    اليونيسيف تقر نقل مقرها الى عدن والحكومة ترحب    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    "المجاهدين" تطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف سياسة التجويع ومنع الإغاثة في غزة    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع ارتفاعًا طفيفًا في درجات الحرارة    النفط يحافظ على مستوياته مع تزايد المخاوف من تخمة المعروض    نبحوا من كل عواصم العالم، ومع ذلك خرجوا من الجنوب.    ليفربول يهزم إنتر وأتالانتا يطيح بتشلسي وفوز بايرن وأتلتيكو مدريد وبرشلونة في دوري أبطال أوروبا    ضربة موجعة لريال مدريد.. غياب محتمل لمبابي ضد السيتي    قاضٍ ينقذ مكتبة عامة من محرقة وشيكة في تعز    مباراة حاسمة.. اليمن يواجه عمان مساء الغد على بطاقة التأهل لنصف نهائي كأس الخليج    ضبط 10 أطنان من المخدرات داخل مخازن المنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت    اجتماع موسع بصنعاء لتعزيز التنسيق في حماية المدن التاريخية    "ابوك جاسوس".. حكاية إذلال علني لطالب في محافظة عمران    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    اكتشاف أكبر موقع لآثار أقدام الديناصورات في العالم    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    حضرموت.. المدرسة الوسطية التي شكلت قادة وأدباء وملوكًا وعلماءً عالميين    شبوة.. تتويج الفائزين في منافسات مهرجان محمد بن زايد للهجن 2025    المثقفون ولعنة التاريخ..!!    بدء الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التقيظ الدوائي في شركات الأدوية    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب كأس الدوري الأمريكي    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هوس الأقاليم وبعث الجينات المتعفنة
نشر في يمن برس يوم 23 - 09 - 2013

عندما يُقَدَم النظام الاتحادي لتحويل دولة بسيطة بنظام مركزي إلى دولة مركبة بنظام لامركزي فإن ذلك يتم بغرض توفير تجربة جديدة يفترض فيها أن تنقل البلد المعني إلى دورة حياة جديدة تسودها المساواة والتعايش والعيش الحر الكريم، لا أن تقودها إلى دورة جديدة من الصراع تنكأ من خلالها الجراح؛ بما فيها الجراح القديمة التي كانت قد اندملت أو صارت في طريقها للاندمال.
ويفترض أن صانعي القرار اليمني بمن فيهم قادة القوى المتحاورة في موفمبيك يضعون ذلك نصب أعينهم وهم يتحدثون عن قيام الدولة الاتحادية في اليمن بأقاليمها الجديدة التي ستحل بدلاً عن نظام المحافظات الحالية.
وذلك الافتراض يجعلنا نقول بأن معايير إنشاء الأقاليم اليمنية الجديدة لا يصنعها النافذون من الساسة والعسكر والمشايخ، ولا حتى غيرهم من الذين صاروا يجتمعون في الغرف المغلقة ليتحفونا كل يوم بإقليم جديد، مثل الإقليم الشرقي، إقليم الجند، إقليم سبأ، إقليم تهامة، وغيرها من طبخات الأقلمة التي ستفوح روائحها قريباً.
يا سادتي إن صياغة الأقاليم الجديدة أمر يجب أن يُسلم للجنة فنية من المختصين في مجالات الاقتصاد والاجتماع والجغرافيا والتاريخ والإدارة المحلية، وغيرها من التخصصات ذات العلاقة.. ذلك إن أردنا التأسيس لأقاليم متجانسة قابلة للحياة.
وعلى تلك اللجنة أن تبدأ عملها بوضع المعايير التي على أساسها تتم عملية أقلمة الدولة اليمنية، واضعة في اعتبارها أن الأقلمة في إطار الدولة الاتحادية يجب أن تقوم على أساس التكامل بين الأقاليم، لأن استغناء كل إقليم عن الأقاليم الأخرى إنما يؤسس لتحول تلك الأقاليم إلى دول مستقلة في قادم الأيام.. حتى إن كانت أكثر من إقليمين.
ومن بداهة القول بأن تحديد عدد الأقاليم يفترض أن يأتي كنتيجة لمعايير التقسيم والأهداف المتوخاة من ذلك التقسيم لا أن يسبقها، بمعنى أن نفصل ثوب الأقاليم أولاً في إطار من المعايير الوطنية السليمة ومن ثم نسقطه على أرض الواقع، لا أن نحدد الأقاليم أولاً ثم نسعى لتفصيل الثياب المناسبة لها.
وأجزم أن كثيراً منكم يضحك هذه الأيام وهو يطالع بعض الخرائط المقترحة للأقاليم اليمنية الجديدة في الصحف والمواقع الإلكترونية، خصوصاً إن بعض تلك التقسيمات يستخدم أصحابها المسطرة لتحديد الأقاليم على الخريطة، وبعضها يسعى لتجميع العديد من المناطق في إقليم واحد رغم عدم تجانسها.
ما يعني أننا فقط سننقل المشاكل من مركز الدولة اليمنية الحالية لنعممها على الأقاليم الجديدة، بحيث ننتج دورات جديدة من الصراح، وتبدأ بعض مناطق الأقاليم الناشئة بالمطالبة بالأقلمة من جديد؛ هذا إن لم تطالب بحق تقرير المصير.
والغريب أن دعوات تكوين بعض الأقاليم الناتجة من الغرف المغلقة تعتمد في تجمعها على هوس من البحث عن مسقط رأس الآباء والأجداد، ووهم الجينات المشتركة التي كان اليمنيون في طريقهم لتناسيها.
وبعيداً عن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن عمن أعطاهم حق ادعاء تمثيل أبناء الأقاليم التي يتحدثون عنها، فقد كان الأجدر بأولئك المؤقلمين أن يعتمدوا معيار مكان الإقامة الدائمة وهم يتداعون لتشكيل أقاليمهم.
فمن الطبيعي أن ابن صنعاء الذي يعمل في تعز أو يقيم فيها أن يكون من ضمن المرتبين للإقليم الذي ستنضوي فيه تعز وليس صنعاء، ومثله ابن تعز الذي يقيم في عدن، وابن عدن الذي يقيم في حضرموت، وابن حضرموت الذي يقيم في تهامة، وابن تهامة الذي يقيم في صنعاء..إلخ.
وذلك يجعلنا نتعجب ونستغرب من بعض الطروحات التي تعتقد أن نشوء الدولة الاتحادية بأقاليمها المختلفة سيحصر حق العمل في إطار كل إقليم على أبنائه ذوي الجينات المتوارثة، بل وسيتحتم على الموظفين من أبناء الأقاليم الأخرى المتواجدين حالياً فيها مغادرتها إلى أقاليمهم! وذلك أمر لم نسمع به حتى في الفيدراليات متعددة الأديان والأعراق واللغات.
وعلينا أن نتذكر أن مدينة عدن مثلاً قد احتوت كل القادمين إليها من جهات اليمن المختلفة وصبغتهم بلهجتها وعاداتها، وذلك عندما توفرت فيها سبل التعايش والاحترام المتبادل بين أبناء الوطن الواحد، ومثلها تعز التي استقبلت عُكفة الإمام أحمد من أبناء شمال الشمال عندما اتخذها عاصمة لمملكته، حيث أثر تسامح أهلها وانفتاحهم على القادمين إليها وجعل أبناء أولئك العكفة ينشؤون بصفتهم تعزيين عادة ولهجة وربوا أبنائهم على ذلك.
كلمة نختتم بها وندعو فيها المؤقلمين للتأقلم مع تاريخ أجدادهم المديد والمجيد الذي عاشوه على أرض اليمن من المهرة إلى صعدة، ليستفيدوا من حسناته ويتجنبوا سيئاته، لنضمن لقافلة حياتنا مواصلة السير صوب مستقبل آمن ومشرق.. وكلمة السر هي نعم للتعايش لا للإقصاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.