ذات صباح توجَّه الشيخ محمد بن راشد إلى أحد المرافق ذات العلاقة بالجمهور، وساءه أن الموظف يخفي نفسه وراء عازل زجاجي يجبر الزبون أو صاحب الحاجة على أن يخفض رأسه إلى الفتحة التي تسمح للموظف بسماع صوت المتعاملين، وساعتها وجَّه الشيخ بتحطيم ذلك الحاجز الزجاجي بين الموظف وأصحاب المعاملات ولسان حاله: لم يُخلق المواطن وحتى المقيم ليطأطئ رأسه لمجرد أنه زبون أو صاحب حاجة عند موظفين جرى تعيينهم من أجل خدمة الناس وليس من أجل عدم احترامهم تحت أية صورة من الصور.. ولا أظن تحطيم حائط زجاجي إلا انتشر في جميع الإمارات وتحطمت معه كل الحواجز.. وذات صباح توجَّه إلى أحد فروع البنك اليمني للإنشاء والتعمير الأخ عبدالله عبدالله، ولا أقصد هنا وزير خارجية أفغانستان السابق، وإنما كاتب السطور الموضح اسمه وصورته أعلاه بالأبيض والأسود.. وهناك، وبعد مرور ساعة على بدء الدوام الرسمي الرمضاني كان زبائن البنك يعودون أدراجهم دون قضاء حاجاتهم.. ليس لأنهم متطفِّلون يودون سحب مبالغ على رصيد مكشوف، أو لأنهم يحملون شيكات مضروبة، وإنما لأن الكهرباء طافية.. وأن الماطور بحاجة إلى توجيه بالتشغيل، ونفس المدير لم تطب بعد لاحترام العملاء واحترام مسؤوليته. ولقد اختلف الموظفون وعملاء البنك "المحلبطين"، هذا يقول الماطور معطل، وهذا يقول ما فيش ديزل، وثالث يتحدث عن عدم وجود توجيه باستدعاء الضجيج المحبب للماطور.. ولقد تكررت حكاية الكهرباء الطافية والماطور الأخرس وحكاية الديزل، وأمر التشغيل قبل أن يفتح الله على زبائن البنك ويجدون الحل في التوجه شمالاً إلى فرع الحصبة الذي يبدي فيه هذا الفرع احتراماً ولا يتهرب من زبائن البنك خلف الماطور وديزله وبتروله. إهدار أوقات صاحب حاجة في بنك سلوك إداري معيب، ولا يكشف عن روح منافسة أو رغبة في خدمة الجمهور، أما إذا زاد الطين بلّة وصار موظفو البنك وفروعه يتحدثون عن تقليص ما يصرف لهم سنوياً على ذمة مرتباتهم تنفيذاً لتوجيهات "الحاجّة تقشف" بذات الحديث عن كشف ملايين مكافآت كبار القوم فإننا نكون أمام السؤال الاستنكاري: من يضبط؟ وكيف لبنك الإنشاء والتعمير العريق أن يتحوَّل إلى بنك للإنكاء والتعميرة؟