انتهيت من سماع كلمة الأخ عبدالملك الحوثي.. وفي البداية أوجه له كل التحية والتقدير للصفعة التي وجهها لسفراء الدول الغربية، أمريكا وبريطانيا على وجه الخصوص.. ولكل الأحزاب التي تستقوي بهم مثل أحزاب اللقاء المشترك حزب الإصلاح على وجه الخصوص ومن وراءه، وكذا ما يسمى بحزب الوطن الذي نشأ وترعرع في أحضان السفارة الأمريكية والبريطانية.. لفت انتباهي أن عبدالملك الحوثي مستاء من الذين يوسمون المسيرات بالطابع الطائفي لجماعة معينة، واستياؤه هنا ليس من الذين قالوا إن المسيرات كانت تنصب في مصلحة مذهب معين.. ولكن أستطيع أن أجزم أن استياءه وحنقه وغضبه كان من أولئك الذين رفعوا شعار حركة الحوثي ورفعوا أصواتهم بالصرخة مخالفين بذلك تعليماته الواضحة بعدم رفع أو الصراخ بأي شعار في تلك المسيرات حتى تأخذ طابعاً وطنياً واسعاً وليس طابعاً حوثياً ضيقاً.. وحسب علمي فإن هذه ليست هذه المرة الأولى التي يخالف فيها المتحوثون الجدد والحوثيون المتطرفون تعليمات قيادتهم بصورة عامة وتعليمات الأخ عبدالملك الحوثي بصورة خاصة.. وهذا أمر يؤكد ما قلته مراراً وتكراراً بأن عبدالملك الحوثي شخص حكيم وعاقل ومتزن وغير متعصب على الإطلاق؛ ولكنه أصبح محاصرا ومخنوقا بعناصر متطرفة وخارجة عن رؤيته القيادية الناجحة للحركة حتى الآن، وقلق من أن تتسبب تصرفات أولئك الحمقى? بضرر كبير للحركة بصورة عامة.. وكان قلقه واضحا وصريحا من خلال حنقه وغضبه وهو يتحدث عن وصم تلك المسيرات بالطابع الطائفي الضيق. من الناحية الاقتصادية لا يزال الخطاب يُعاني الكثير من القصور والانفصال عن الواقع بصورة كاملة، ويجب على الأخ عبدالملك الحوثي أن يعطي الخبز لخبازه في هذه الناحية حتى يكون أكثر قرباً من الواقع الاقتصادي الحالي، ويكون قادرا على تقديم حلول ورؤى منطقية وواعية لهذه المشكلة. من الناحية السياسية والاجتماعية، ما زالت الجماعة واقعة في المشكلة نفسها التي تورطت فيها، وهي الصبغة الدينية والفئوية التي صبغت بها حركتها رغم أنها تحاول دائماً أن تعكس بأنها ليست حركة دينية، وبأنها ليست حركة قائمة على أساس عرقي، ومع ذلك ما زالت مستمرة في تقديم عبدالملك الحوثي بمسمى "قائد المسيرة القرآنية" وتسبق اسمه بصفة "السيد" بصورة خاصة وواضحة وليست بالصورة العامة بأن كل شخص هو سيد نفسه.. وفي رأيي لا مشكلة عندي في لقب السيد لأني قادر على فهمها بطريقة حضرية حتى وإن لم تكن كذلك من قبل بعض أنصار الحركة، ولكنه أمر متصل بثقة المرء بنفسه وقدرته على تجاوزها، أو أن يكون حبيسها.. ذلك أمر شخصي لكل فرد في نظري، ولكن المشكلة الحقيقية هي في مسمى "المسيرة القرآنية" وهي مسميات وأعذار اعتدناها من أصحاب الدقون الحمراء لتمرير مشاريعهم القذرة والمشبوهة. وإذا كانت حركة الحوثي صادقة ووطنية كما يدعون فيجب عليها التخلص من هذا المسمى? المستفز؛ فجميعنا مسلمون وجميعنا نعرف القرآن ونؤمن به ونتلوه ونقدسه ربما أكثر بكثير من أنصار الحركة أنفسهم. وأتذكر هنا مقولة لوالدي رحمة الله عليه، قال فيها "ما (يتوطف) بالله ورسوله والقرآن الكريم إلا كذاب، ولو كان صادقاً ما احتاج (يتوطف) بالله وبالرسول وبالقرآن لتمرير كذباته" (يتوطف تأتي من الموطفة، وهي قطعة القماش التي يستعين بها الإنسان للإمساك بالأوعية الساخنة ليستخدمها دون أن يحرق يده). وعن نفسي، أظن أن عبدالملك الحوثي دوناً عن جماعته، رجل صادق وحقيقي وغير مزايد، ولذا فلا أجد أي داعٍ لاستخدام أي "مواطف" خصوصاً بعد أن استطاع تقديم نفسه كقيادي سياسي بامتياز. أخيراً، يجب على عبدالملك الحوثي القيام بعملية "هيكلة" شامله وصارمة للحركة وكل من فيها من أنصار قدامى? كانوا أو جُدد، ويجب عليه القيام بذلك في أقرب وقت حتى ينقذ الحركة من شرور نفسها وسيئات أعمالها، ويستطيع أن يبدأ ذلك بهيكلة الحمقى الذين يملؤون صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك هيكلة كل من انضم للجماعة حُباً وشغفاً بالبنادق والرصاص والقتال و"الأكشن" من الأطفال والشباب المتهور والمتحمس.. وبأولئك الذين طبعوا شعار الصرخة بحجم مناسب لإلصاقه بخزنات البنادق، وبمن يقوم بتوزيع ذلك المقاس على وجه التحديد.. وأخيراً هيكلة الصرخة نفسها التي لا تعني شيئاً على الإطلاق وحان وقت التخلص منها.. لست قلقاً من عبدالملك الحوثي ولست ضده، وعلى العكس أكن له احتراماً كبيراً وإعجاباً بعقليته الحكيمة واتزانه وأدبه رغم كل ما خاضه من حروب واقتتال، ولكنني قلق من الحوثيين والمتحوثين وحماقتهم وتطرفهم، وسأظل ضدهم وبكل قوة حتى يكونوا بتعقل وحكمة قائدهم، أو يفصل الله أمراً كان مفعولاً.