الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز يطرد السفير الصهيوني من كاراكاس، لأن الكيان الصهيوني ارتكب ومازال يرتكب جرائم حرب ضد الفلسطينيين العزل في قطاع غزة.. وقال: إن ما يقوم به الكيان الصهيوني هو «هولوكست جديدة» رغم أن فنزويلا لا ترتبط بالفلسطينيين برابطة الدين ولا رابطة اللغة ولا رابطة الدم وليس لها مصالح في قطاع غزة، إنها رسالة إنسانية تجاوزت كل الروابط التقليدية. المظاهرات الشعبية تجتاح المدن الأوروبية والعالمية تعبيراً عن غضبها ورفضها لما يقوم به الكيان الصهيوني في غزة وهو ما أدى إلى تعديل طفيف وليس تغييراً في مواقف بعض الحكومات الأوروبية من التأييد المطلق لما يقوم به الصهاينة كما عبر عن ذلك بيان الاتحاد الأوروبي الذي اعتبر ما يقوم به الصهاينة ما هو إلا دفاع عن النفس . تركيا الدولة التي تمتلك علاقات دبلوماسية وعلاقات عسكرية وتجارية مع الكيان الصهيوني خرجت فيها مظاهرة مليونية تندد بهذا العدوان وتطالب بتحرك إسلامي لوقفه وتم رفع شعارات اعتبرت الأقوى في تركيا «الموت لاسرائيل». وكان لرئيس الوزراء التركي موقف قوي تجاه اسرائيل في كلمته التي ألقاها في البرلمان التركي رغم أن هذا الموقف لا يرتقي إلى موقف الرئيس الفنزويلي إلا أنه أكثر قوة من مواقف الدول العربية التي تمتلك علاقات دبلوماسية مع اسرائيل إذا ما أخذنا بالاعتبار نتائج هذا الموقف على انضمام تركيا للاتحاد الاوروبي وما يمكن ان يفعله اللوبي الصهيوني في هذا الاطار. وزراء الخارجية العرب الذين عقدوا اجتماعهم يوم الأربعاء 31/12/2008م في القاهرة، أي بعد خمسة أيام على بدء العدوان الصهيوني وكان تبرير تأخير هذا اللقاء يعود إلى عدم توفر وسائل مواصلات لنقل وزراء الخارجية إلى القاهرة فتنقلوا مشياً على الأقدام!!. كان من نتائج هذا الاجتماع إلغاء فكرة عقد قمة عربية واستبدالها برحلة ترفيهية لبعض الوزراء العرب إلى مجلس الأمن لاستجداء أعضاء المجلس بإصدار قرار يوقف العدوان الصهيوني بأي شروط، المهم إنقاذ الأنظمة العربية من السخط الشعبي الذي ارتفعت وتائره بصورة كبيرة وحفظ ماء الوجه لهذه الأنظمة إن تبقى ماء على مسامات وجوههم. ذهب وزراء الخارجية العرب إلى نيويورك وهم يعلمون يقيناً ان كل خيوط اللعبة بيد الولاياتالمتحدةالأمريكية وأنها وحدها من تستطيع إيقاف العدوان لكنها هي من اتخذت قرار الحرب، فكيف لها ان توقف الحرب بدون ممارسة ضغط على الإدارة الأمريكية والتلويح بأوراق ضغط عديدة يمكنها تحقيق مكاسب سياسية كبيرة.. ولا نريد التذكير بالموقف القومي للملك فيصل في حرب اكتوبر 1973م عندما تم وقف ضخ النفط للدول الداعمة لاسرائيل لأننا نعلم أن هذه الأنظمة أضعف وأعجز من ان تتخذ مواقف بهذه القوة لكننا نذكر بالحالة الاقتصادية التي تعانيها أمريكا وحاجتها للأموال العربية التي تضخ في المصارف الامريكية، فهل يمكن لهذه الأنظمة التلويح بوقف امداد هذه المصارف بعائدات النفط ولا نقول سحب الأموال الموجودة أصلاً في هذه المصارف. الدبلوماسية العربية أحرقت كل أوراق الضغط السياسي وذهبت تستجدي الحلول على أبواب مجلس الأمن لكنها عجزت عن تحقيق نصر سياسي لأنها تعودت الهزائم في كل المجالات فخرج قرار مجلس الأمن مشوهاً مسخاً لايلزم اسرائيل بوقف اطلاق النار لأنه تم استبداله بالبيان الرئاسي الذي كانت اقترحته فرنسا ولأن القرار ضعيف ولا يرتقي إلى مستوى الطموح الذي كان ينشده وزراء الخارجية العرب فاكتفت الولاياتالمتحدةالأمريكية بالامتناع عن التصويت بدلاً عن الرفض واستخدام حق النقض الفيتو. الوعي القومي في ذروته، والتيار الانبطاحي الداعي للتطبيع راهن ومازال يراهن على تدني الشعور القومي بسبب نشر الثقافة الإنهزامية وتفاقم الخلافات «العربية - العربية» وتوقيع الاتفاقيات مع الكيان الصهيوني الغاصب بدءاً من كامب ديفيد وانتهاءً بمؤتمر أنا بوليس، إلا أن الغليان الشعبي الذي شهدته كافة المدن العربية حتى في الدول التي تحرم التظاهر يعبر تعبيراً قاطعاً عن أن الوعي والشعور القومي اليوم لا يقل قوة وحضوراً عن وضعه في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وأن هذا الشعور يحتاج إلى قيادات تستطيع التعاطي معه وقيادته للضغط على الأنظمة العربية في اتخاذ مواقف أكثر صلابة وصموداً وتحتاج إلى قيادات شعبية تمتلك من الحصافة ما يمكنها من تفعيل خيارات المقاطعة للمنتجات الامريكية والدول الداعمة لاسرائيل على المدى الطويل وليس بمواقف انفعالية تنتهي بانتهاء الحدث. إن مقاطعة المنتجات الأمريكية أو منتجات الدول الداعمة لاسرائيل هو الرد الحقيقي والعملي لمواجهة هذا العدوان. الانظمة العربية عجزت أن تتحول إلى جمعيات خيرية تقدم الغذاء والدواء لأطفال ونساء غزة لأن المعابر لم تفتح ولأن الدبلوماسية العربية التي قدمت المبادرة العربية للسلام في لبنان 2002م ورفضتها اسرائيل، وفشلت حتى في اقناع الأطراف المعنية بفتح المعاير للحالات الإنسانية.. انه عار سيسجله التاريخ لهذه الأنظمة في أبهى صوره.