إذا لم تصدق النوايا فلن تصدق الأقوال ولن تصدق الأعمال، وهذه الأخيرة وما قبلها هي دليل صدق النوايا, مسألة الحوار هي نية وأهمية قبل أن تكون قضية إعلامية يجري تسويقها للرأي العام في الداخل والخارج كان الأمل ومازال يحدونا بأن تتحرك عربة الحوار دون أن يعترض طريقها شيء من المطبات السياسية وفي حقيقة الأمر كنت أتوقع- ومثلي الكثير - بأن شيئاً ما قد يحدث لتعكير صفو العملية لأسباب عديدة يأتي غياب النوايا الحسنة في المقدمة خلف غيابها سوف تجتمع كل الأسباب الأخرى وفي لحظة سوف نكتشف أن المسئولية الوطنية قد أصابها شيء من مرض الغياب والضعف وهكذا نقرأ في سياق ما يحدث ونحس بأن الإرباك الناجم عن عدم تجانس الفريق الواحد انعكس جلياً في تصرفات وأفعال ما بعد التوقيع على اتفاقية الحوار وتبادل أسماء اللجان واختيار الأسماء لم يخل من كيد سياسي وهو ما انعكس على الخطوات اللاحقة والكيد مشكلته كبيرة والقضية التي من أجلها جاءت دعوات الحوار القائلة بضرورته القصوى كخيار لا بديل عنه شابها الكثير من الكيد والمكايدة وهي في الأساس لا تقبل بشيء من ذلك إلا في حالة واحدة وهي سوء النوايا, هناك مشكلة أخرى هي أن بعض الأطراف تعاني من تضارب أو تصادم في السياسات والآراء داخلها وكل مكون من مكونات تلك الأطراف له رأيه ومطالبه والكثير منهم تتغير مطالبهم في كل يوم ومنهم من لا يعلم ما هي مطالبه .. وفي ظل أجواء من هذا النوع ومناخات تتجاذبها الخلافات فلن تحقق عملية الحوار مبتغاها لا في البداية ولا في الختام ما لم يراجع كل طرف حساباته مع نفسه ومع مكوناته ومع القضية التي من أجلها يجمع أوراق التفاوض والحوار ورغم كل المؤشرات التي لا تبعث على التفاؤل كثيراً فإن الأمل يبقى قائماً نظراً لمصيرية العملية وانعدام الخيارات البديلة المقبولة لتجاوز المشكلات القائمة وهذا الذي سيقنع كل الأطراف بمكوناتها المختلفة بعدم جدوى كل المكايدات والكيد السياسي والتململ والتذمر والبحث عن مبررات الفشل بدلاً من البحث عن قواسم وأسباب النجاح والتمسك بها .. حين يؤمن الجميع بعد إدراك ووعي أن هذا الوطن ليس وطناً خاصاً بالسلطة أو بحزب أو فئة من الناس فلابد أن يكون التعامل على درجة عالية من المسئولية تتفق مع فكرة وحقيقة أن هذا الوطن للجميع في الحاضر وللأجيال القادمة من أبناء وأحفاد الذين يعيشون اليوم, والفطرة السوية تقضي وتقتضي بأن الإنسان يتمنى ويسعى جاهداً في تحقيق شيء يضمن لأبنائه وأحفاده الاستقرار والرخاء فالذين ضاقت بهم سبل العيش اليوم يجب ألا ينسوا بأن لهم أبناء يأملون ويحلمون بوطن مستقر آمن خالٍ من الصراعات والانقسامات والحروب والمشكلات ؛ من أجل الأجيال القادمة على أقل تقدير تجاوزوا سوء النوايا وقاربوا بين الآراء وأزيلوا عوائق الحوار ومعوقاته وتذكروا أيها المتحاورون أن الناس والأجيال سوف تلعن كل من يتسبب في إقلاق حاضرها ومستقبلها نتيجة حسابات خاصة بقصد أو بغير قصد فاحذروا لعنة الشعب ولعنة الله أولاً