فلكل إنسان منا قدراته الخاصة التي قد لا تتوفر في أشخاص آخرين , والتي قد تكون في نفس الوقت طفرات واضحة لدى من يبحثون عن ذاتهم ويجيدون استخدام الأدوات المناسبة لاكتشاف تلك القدرات المخبوءة فيهم. حين تبحث عن عمل مناسب تأكد من قدرتك على الإلمام بأبجديات وأصول هذا العمل وأنك تتقبله بكل ما فيه وترغب في ممارسته مع البحث الدائم عن أفضل أدواته وآخر الأبحاث المتعلقة به والحصول على خبرات الآخرين فيه . كلنا لايعمل حسب تخصصه الجامعي ولكننا نأمل ذلك وإلى أن تحين اللحظة المناسبة للحصول على درجة وظيفية موازية لتخصصاتنا العلمية يجب أن نعمل، لكن يجب أن نبحث أولاً عن تلك الأعمال التي نجيدها أفضل من غيرها وقبل كل شيء نحبها ونجد أنفسنا عبرها ويسرنا أداؤها، والجيد في الأمر أن التواصل الذي يشهده العالم عبر شبكة العنكبوت الالكترونية الرائعة سيفتح أمام عينيك أبواباً كثيرة جداً للبحث وتطوير الذات والتسويق لها والأمر ليس صعباً كما يتوقع الكثيرون ممن يحلمون بالحصول على وظيفة بل إن الأمر أسهل بكثير إذا توفرت لديك العزيمة والرغبة في العمل والقدرة على إحداث التغيير في حياتك فمن المهم جداً أن تكون لديك خطة كاملة وشاملة للتغيير، فالبحث عن وظيفة لا يتطلب الوقوف طوابير أمام الدوائر الحكومية المسؤولة، بل إن المسألة تتطلب إعادة نظر في القدرات التي يجيدها كل منا. وللمساعدة في ذلك فأنا أنصح بالعودة لتلك الهوايات البسيطة أو المركبة التي كنا نمارسها قبل اليوم فلربما أصبحت الهواية هي الوظيفة وهي مصدر الدخل وهي القالب الذي يشكل ميولك واتجاهاتك، ويجب أن نعرف أن الحصول على وظيفة يحتاج إلى البحث ومهارة التسويق للذات والقدرات ولهذا لا أخفيكم أن ثقة الإنسان بنفسه وقدرته على الخروج من دائرة التوقف إلى دائرة العمل والإنتاج قد تحمل نسبة ثمانين بالمئة من مبررات الحصول على وظيفة ،وتأتي بعدها الخبرات المتراكمة بالرغم من أنها قليلة جداً في ميدان العمل كونها تشكلت بشكل نظري بحت إلا أنها ستفيد فيما بعد بلا شك في الجانب العملي التطبيقي بعد الحصول على وظيفة معينة في أي مجال من مجالات الحياة، ليس شرطاً أن تكون طبيباً أو مهندساً أو ظابطاً لتحظى بالاحترام الشخصي والتميز الوظيفي فالأطباء يخطئون أيضاً والمهندسون كذلك .. إن قدرتك على الإبداع في مجال عملك وسعيك للوصول إلى مرحلة الرضا الوظيفي في إطار علمي يقوم على البحث والتطوير سيكون سبباً مؤكداً للتميز خاصة إذا كللت ذلك بالإخلاص في العمل والإحسان فيه. ويبقى الآن أن نتعلم كيف نطور هواياتنا وميولنا لتتحول إلى مصادر دخل أو أسباباً للحصول على وظيفة وهذا سهل جداً ويتوقف على مسألة الاطلاع والقراءة والبحث المستمر وإنشاء علاقات واسعة مع مختلف شرائح المجتمع وينبغي أن تقوم تلك العلاقات على مشاعر إنسانية راقية بعيدة عن المصلحة المغلفة بالخضوع وأن لاتصل إلى درجة المحاباة لأن لها انعكاسات نفسية سلبية للطرفين على السواء. وبقدر ما يكون الإحسان في إقامة العلاقات وأداء العمل يكون الرضا عن النفس والوصول إلى قناعة العطاء والتفاني في تقديم الواجبات مهما كانت صعوبتها، ولعل البعض من الذين لم يدركوا أهمية الاطلاع منذ أن كانوا تلاميذاً على مقاعد الدراسة وحتى ساعة الالتحاق بالدراسة الأكاديمية لعلهم سيكفون عن النظرة الاعتباطية لكل شيء في الحياة لأنهم اعتادوا تهميش الحقائق وإثبات القدرة على التغيير واعتمدوا على الظهور بوجوه الآخرين وخلف ظلالهم معتقدين أن الوساطة هي السلاح الوحيد الذي يقتل الحاجة للآخرين بينما اعتمد سواهم من الناس على أنفسهم واجتهدوا في تحصيل مراكز وظيفية جيدة مستفيدين بالدرجة الأولى من أدائهم الوظيفي وتفوقهم المهني وإيمانهم بقدراتهم ومواهبهم حتى لو كانت بسيطة لاتصل حد العطاء المادي، لا تنظروا لأنفسكم نظرة ازدراء وتحقير بل ارفعوا من شأنكم داخلياً وخارجياً سواء كان في محيط الأسرة أو محيط المجتمع. وامنحوا أنفسكم حق البحث عن الاستقرار واستمروا بالحصول على الدعم المعنوي ممن تثقون بهم ولاتترددوا في اختيار رفقاء صالحين تشاركونهم ويشاركونكم هماً واحداً . ويجب أن تعلموا أن الحياة فرصة وحيدة للعمل .. عمل يجمع الدنيا والآخرة معاً, فالإنسان يعيش لمرة واحدة فقط على سطح الأرض لكنه سيعيش إلى الأبد في السماء فاجعلوا فرصة الوقوف على مساحة جغرافية معينة هي فرصة للسعادة والطمأنينة وابدؤوا أعمالكم دائماً بالطاعات فهي تقود إلى الأهداف كأسرع وسيلة لذلك،ولكم في رسول الله أسوة حسنة فقد كان يلقبُ بالصادق الأمين قبل أن يعمل بالتجارة مع السيدة خديجة رضي الله عنها وفي هذا درس في أهمية توفر أساس أخلاقي متين لأي وظيفة كانت سواء كانت حكومية أو خاصة أو حتى تطوعية فردية أو جماعية.. سرية أو علنية لا تنتظروا أن تأتي الرياح بما تشتهي السفن لأن الرياح قد لاتأتي بسحاب يحمل المطر إنما قد تأتي بفاجعة تسحق الأشرعة ، ومن هنا أشرت عليكم مراراً بالبحث عن فرص للعمل وأنا على يقين أنكم ستنجحون في إيجاد البديل عن الدرجات الوظيفية التي ننتظرها كل عام ثم نفقد السيطرة على أنفسنا ونحن نقلبُ أعيننا على أوراق الصحف.