العلاقات اليمنية الخليجية ليست مجرد كلام تلوكه الألسن وتتناوله وسائل الإعلام لمجرد الاستهلاك الذي يغطّي الفراغ، بل إن العلاقات اليمنية الخليجية فعل إنساني يعزز مفهوم الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وتجذِّر مفهوم البنيان المرصوص، وتبرز العمق الاستراتيجي لكل منهما، وتغذي وشائج القربى، وتبني جسور المحبة والتواصل، وتصد رياح الفتنة وتقضي على بذورها. نعم ذلك ما نعرفه عن علاقة الشقيق بشقيقه والجار بجاره, وذلك ما عرفناه وتعلمناه من جوهر الدين الإسلامي الحنيف الذي عمّق فينا جذور الأخوة والنخوة والتكامل والتضامن، وجيراننا في الخليج العربي يدركون بأن أهل اليمن ارق أفئدة وألين قلوباً، وأن الإيمان يمان والحكمة اليمنية،ولأنهم قد وُصِفوا بذلك كله على لسان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، فلابد أن يكون التوجه نحو اليمن مقروناً باليُمن والبركة بإذن الله، طالما ارتبط ذلك بالإيمان المطلق بالله سبحانه وتعالى الذي حبا اليمن بالذكر العظيم في محكم التنزيل. إن ما لمسناه من المشاعر الأخوية التي أبداها القادمون إلى يمن الخير والسعادة من أبناء دول الجوار الجغرافي، لم يكن مصطنعاً أو مجرد خطاب دبلوماسي ولكنه نبع من القلب واستقر في القلب بتلك التعابير البسيطة في لفظها والبليغة في معانيها ودلالاتها .. انصهرت القلوب كلها من البحر الأحمر حتى الخليج ومن أرض الرافدين إلى البحر العربي والمحيط، وتعانقت سطوح الجبال مع ذرات الرمال، وقدم الخليجيون والعراقيون واليمنيون نموذجاً للجسد الواحد الذي اجتمعت فيه كل القلوب بنبض واحد ينشد التوحد والتقارب وينبذ الفرقة والتمزق. ولئن كان هذا العناق وانصهار القلوب في جسد واحد قد جاء بمناسبة خليجي عشرين، فإن ذلك تعبير بسيط ومتواضع عن الأصالة والعراقة، وروح التوحد والتكامل والتضامن الذي تميز به الأشقاء في كل الأحوال والمناسبات، وهو مؤشر جديد على أهمية وحدة الصف ونبذ الاختلاف والافتراق من أجل بناء البيت العربي الواحد الذي يحفظ للأمة كيانها ويصون كرامتها، فألف أهلاً وسهلاً بنبل المشاعر وعظيم المكارم في يمن الإيمان والحكمة لتتعزز الخطى نحو الأهداف الكبرى بإذن الله.