لم تكن الدعوة إلى الإصلاح القضائي والمالي والإداري والسياسي والاقتصادي في اليمن مجرد تقليد ,فلقد بادر اليمن من وقت مبكر إلى هذه الدعوة ,فكان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وكانت نيابة الأموال العامة وكانت (هيئة الفساد)!! ثم إن الصحافة الحكومية قبل المعارضة هي التي تعين الدولة على فضح الفساد والمفسدين إلى درجة أن يقوم المتضررون من الفاسدين في مجال القضاء وبقية مرافق الدولة بالشكوى من الصحفيين إلى رؤسائهم, ليس ذلك وحسب، وإنما إلى مسئولين في الرئاسة, الذين يجيبون عليهم بأن عليهم أن يحسّنوا سلوكهم، فلا دخان بلا نار، وأن ألوف شكاوى المواطنين لن تكون (زوراً)، فماذا بين القاضي والمواطن من خصومة، إلا أن يوجد انحراف عن العدل.. وهكذا.. بل إن مجلس القضاء الأعلى وقبل أن تهب هذه العاصفة من شمال الوطن العربي ,شمالاً وغرباً قام بإجراءات إحالة العديد من القضاة إلى المحاسبة, فعزل بعضاً وحاكم بعضاً, وأعرض عن بعض، وطلب تعميم صادر عن وزارة العدل أن يقوم المواطنون بتبصير الوزارة وتبليغها عن أي حالة يجد فيها المواطنون صوراً أو انحرافاً سلوكياً في أي قاضٍ أو محكمة أو نيابة. وهناك تقوم جهات رقابة بكشف الخلل في مؤسسات مختلفة ,وبالأمس القريب أحرقت مئات الأطنان من الأغذية الفاسدة, منتهية الصلاحية في الحديدة وعدن ,وكل يوم ترفع التقارير من الوطنيين الشرفاء من جهات إيرادية كالجمارك والضرائب والصحة والمواصلات والطرقات ...الخ تفضح المخالفين وكل ما نطمع فيه أن تلقى هذه التقارير صدى، وليعلم الشرفاء أن سبب إغفال هذه التقارير أنها قد تصل إلى رؤساء المفسدين ,غير أن الدولة اليوم تفتح أبوابها لكل الظلامات بتوجيهات فخامة الأخ رئيس الجمهورية , وأن على كل الوزارات والهيئات أن تأخذ في عين الاعتبار مسئولوها وجميع موظفيها أنهم تعاقدوا مع الشعب أن يكونوا خداماً لا سادة عليه, وكما أن للمسئول حقوقاً على المواطن، فإن للمواطن حقوقاً على المسئول فمرتب المسئولين ومكافآتهم إنما هي من دولة المواطنين. لسنا نقلد في اليمن ,عندما ننادي بالتغيير إلى الأفضل ,فنطلب مثلاً بتغيير بعض الوزراء الفاسدين ,ومحاسبة الذين يتخذون من مناصبهم ستاراً لسرقة المواطن ونهب خزينة الدولة, وعندما نطلب إلى وسائل الإعلام أن تستجيب لتوجيهات فخامة الرئيس فنعكس توجهات التنمية ورغبات الجماهير وإنجازات الدولة.