كان الرئيس الصومالي السابق «عبدي قاسم صلاد» أكثر اتساقاً مع نفسه، وأكثر واقعية عندما ذهب إلى العاصمة مقديشو، وأوضح للعالم أن شرعية مؤتمر «عرتا» تتحطم أمام مليشيات أمراء الحرب، وأنه لا يستطيع تنفيذ محددات تلك الشرعية المتناسبة تماماً مع ما تم الوصول إليه في نيروبي لاحقاً، بل ان عبدي قاسم صلاد كان رفيعاً في موقفه عندما شارك في تتويج الرئيس/عبدالله يوسف بنيروبي، وكأنه يقول للإدارة الأمريكية: اعتبرتموني إسلامياً يميل للتطرف لمجرد أنني ملتح ومتدين، والآن أتخلّي طواعية عن شرعية «عرتا» لشرعية «نيروبي» وأضع يدي بيد عبدالله يوسف بوصفه الرئيس المنتخب، وسنرى ماذا سيفعل؟!!. كان عبدي قاسم صلاد يدرك تماماً أن أمراء الحرب يخططون لاستدعاء البرلمان والحكومة إلى العاصمة مقديشو لالحاقهم بمشروع الاستباحة طوعاً أو كرهاً، فمن استجاب والتحق بموائد المن والسلوى المعجونة بدماء ودموع الناس كان له قسم من الكعكة، ومن رفض سينال نصيبه المؤكد اغتيالاً وقتلاً، وهكذا كان فقد رجع عيديد الابن إلى مقديشو بوصفه وزيراً في دولة شرعية نيروبي ولم يوفر وقتاً وجهداً لتهيئة «فيلا صومالياً».. رمز الدولة والشرعية .. القصر المنيف الذي سكن فيه المندوب السامي الإيطالي والرؤساء المتعاقبون في حكم البلاد. تم تحضير القصر ليكون مقراً لإقامة الرئيس/عبدالله يوسف وطلب منه أمير الحرب «حسين عيديد» المجيء إلى العاصمة مشمولاً برعايته ومن يملكون الحل والعقد في العاصمة، غير ان عبدالله يوسف أدرك المغزى وبقي ومن معه يتجولون في الضواحي الصومالية والعواصم العربية والأفريقية. وتوزعت حكومة شرعية نيروبي إلى جماعات تتجول في الأقاليم الصومالية والخارج، وأخرى تقبض على زمام الأمور في العاصمة لأنها أساساً تقتات من ميراث ثقافة الحرب الأهلية واستتباعاتها الباهظة.. أمراء الحرب ظلّوا سادة العاصمة قبل مؤتمري عرتا ونيروبي وبعدهما.