يطل الريحان من سقف يلفه سور من حجر، ولكنه يتحدى السور ويطل.. يمد عنقه، وتمد عنقها، فيطل وتطل.. ريحان السقف وريحانة السقف.. ريحان يطل وريحانة تطل، وهو يطل رائحة الريحان، ورائحتها، ومنظر الريحان وهي، فإذا الريحان وهي مزيج من الريح والروح، فهما روح الروح.. الكيمياء تخلق من العنصرين عنصراً جديداً، وكيمياء الحب، وهي تخلق من الروحين، روحاً واحدة جديدة.. روحاً يكون فيه التفكير واحداً، ويدها بيده، وتفكير واحد، وبينها وبينه مسافة طالت أم قصرت، فالكيمياء قد قربها، وكيمياء الحب قد خلق من صوتيهما صوتاً واحداً، مادامت الروح واحدة، والصوت من الروح، مثل النفس، ونبض العروق. لم يستطع العلم أن ينزع منها تراثها، وريحان السقف جزء من تراثها، والصوت لايكفي، وقد حجبت الجدران.. قال لها: اسمع صوتك، وكأنه صوتي، وأرسمك في مخيلتي وكما رأيتك بالأمس تطلين والريحان، فأتوه بين رسمك، وصوتك، فهل تطلين اليوم، فلا أتوه وأنت، وأنا، وما بيننا شارع، وأنت والريحان روح الروح، أشمه، وأضمه.. ردت (مازحة): تشم وتضم .. لم تستطع ذرات الأثير أن تمحي من ذبذبات صوتها، ذُبيبة المزاح.. رد (معاتباً): جد، أم مزاح؟ أولم تعرف. تمزحين، فلماذا تمزحين، فقد أقلقت انسجامي؟ وأقلقت انسجامي. فلماذا أقلقت؟ حتى أعرف إن كنت ستعرف، أم لا. كيف لا أعرف، وصوتك صوتي.. فهل ستطلين؟ كيف لا أطل، وأنا مثلك أتوه، وأنا مثلك أشم وأضم. يشم ويضم الهواء، وهي الهواء، وهما حيثما كانا في هم، وتفكير واحد.. ساعة الطلة المتفقة عليها.. ساعة الانتظار لها طويلاً.. فمتى يذوب الهواء.؟ سؤال لا يستطيع الإجابة عليه. وهو لايستطيع: لقاعة ومهر، وذهب، وهي حائرة بين حبها، وأمثالها، وأهلها مع أمثالها.. قالت والدتها: وبطاقات الدعوة من طراز جديد يابنتي.. مارأيك: حصان أبيض، تركبه العروس والعريس يمسك بزمام الحصان، والدعوة مكتوبة على بطن الحصان، واسمك على جبهته، واسمه على جبهتك، ومن خشب الأبنوس.. أطرقت متعجبة، فأي خيال بجامح أوحى لها بهذه الفكرة، وهي تعرفها خيالاً لا يتسع لنملة.. قالت الأم (بانفعال خفيف): هيا مالك. ماشاء الله على خيالك. مثل الناس. دعوة ياماه، والسلام وهي محل احتقار الناس، إذا كانت مثلما قلت، ومحل احترامهم إذا كانت بسيطة. قلت مثل الناس. الناس، وهم يتزاحمون ويتنافسون والدعوة لكل عروس من طراز جديد، وهي تائهة وحائرة، وأهلها مع أمثالها، وأمها من طراز جديد، وهو لايستطيع.. سألها: كيف أستطيع؟ وأنا ماذا أستطيع..؟ ردت على سؤاله بسؤال، فلم يرد على سؤالها، شعر بأنها قد أوصدت في وجهه بصيص الأمل.. إحساس المحب المرهف، وردها سؤال، فصل ذبيبات صوته، وذبيبات صوتها.. كيمياء الحب لاتجمع دائماً، إذا دخل الإحساس المرهف كم يجني على صاحبه أحياناً.. خرج إلى الشارع (صارخاً): قلبي مولّع بريحان الجبا لا شقروني ولا قالوا جبا