في أكتوبر الماضي قال ليستر براون، مدير معهد سياسات الأرض متحدثاً عن أوضاع المياه في اليمن إن بلادنا باتت تعيش في الوقت الضائع، ويعتمد على الماء الضائع. هناك حقائق مخيفة حول وضع المياه في اليمن، والتي تعد وفق تصنيفات البنك الدولي واحدة من أفقر دول العالم بالمياه، حيث يبلغ معدل نصيب الفرد السنوي من المياه 100 متر مكعب، وبما لايتجاوز 14 % من نصيب الفرد السنوي في منطقة الشرق الأوسط والمقدرة 1250 متراً مكعباً، بينما يفترض المعيار العالمي لاحتياج الفرد من المياه ب 7500 متر مكعب في العام. وبالنسبة للحد الأدنى من فقر الماء المحدد عالمياً ب 1000 متر مكعب فإن حصة الفرد في اليمن يقل بمعدل 90 % عن الحد العالمي لفقر الماء، لكن هذا ليس كل شيء، فلا يزال نصيب الفرد من الماء في اليمن مرشحاً للتناقص ليصل إلى 65 متراً مكعباً في عام 2025 بحسب بعض الدراسات. وقال المهندس عبدالغني ناجي، مستشار وزارة المياه في مقابلة نشرتها «الجمهورية» الأسبوع الماضي: إن الاستهلاك في اليمن يزيد بنسبة 40 % عما يتم تعويضه من مياه الأمطار سنوياً. في حين أشار مدير معهد سياسات الأرض ليستر برون إلى أن مستويات المياه الجوفية في اليمن تسجل تناقصاً بمعدل أربعة أمتار كل عام. وما يزيد وضع المياه خطورة في اليمن هو أن الإجراءات المتخذة ببناء السدود لم تكن موفقة في تلافي المشكلة، حيث يوجد في اليمن ألف سد، إلا أنها بحسب المهندس عبدالغني ناجي بُنيت بشكل عشوائي غير مدروس.. حيث لاتتسع تلك السدود سوى ل80 مليون متر مكعب، من أصل ثلاثين مليار متر مكعب تقريباً من مياه الأمطار المتساقطة على اليمن سنوياً.. وفي الاتجاه المقابل تعاني اليمن من مشكلة حفارات آبار المياه، والتي بلغ عددها 600 حفار تتسبب بجروح غائرة في الأرض وتستنزف ثروة الأجيال من المياه، فقد وصل عمق الآبار إلى 1500 متر، في أقصى طبقة من الأرض للحصول على المياه التي لم تعد صالحة للشرب مالم يتم معالجتها، بحسب رئيس الهيئة العامة للموارد المائية علي الصريمي. وكان مجلس الوزراء ناقش في ال13 من نوفمبر الفائت عرضاً مقدماً من وزير المياه والبيئة بشأن تنفيذ إجراءات عاجلة لتعزيز إدارة الموارد المائية وإيقاف الحفر العشوائي لآبار المياه.. وأكد بهذا الخصوص على تفعيل قرار المجلس رقم 277 لسنة 2004م بشأن لائحة تنظيم عمل حفارات آبار المياه وحركتها في الجمهورية، وإلزام كافة الجهات المعنية بتنفيذه. وشدد المجلس على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنظيم حركة الحفارات، وفقاً للائحة التنظيمية وتخصيص موقع معين لتواجدها، وحجز الحفارات المخالفة وعدم السماح بخروجها من أماكن الانتظار وعدم انتقالها من منطقة إلى أخرى إلا بعد الحصول على ترخيص حفر ومزاولة مهنة ساري المفعول.. ووجه مجلس الوزراء بمنع استيراد ودخول حفارات آبار المياه وقطع غيارها إلى البلاد من المنافذ الجمركية إلا بترخيص من الهيئة العامة للموارد المائية وفروعها. لكن ليست هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيها السلطات قرارات بخصوص عمل وحركة الحفارات في اليمن دون جدوى، خصوصاً أن البعض يتهمون شخصيات نافذة ومسئولين برعاية الأعمال الفوضوية للحفارات في البلاد. لم يعد أمام اليمنيين خيارات كثيرة فيما يخص مشكلة المياه، فإما أن تكون الدولة أكثر حزماً في التعاطي مع أزمة المياه، أو ليستعد اليمنيون للهجرة بسبب الجفاف من جديد.