إحدى السيدات (وأعتذر عن ذكر اسمها أو الرمز إليه) اتصلت بي عبر تليفونها الثابت (كونها لا تملك جوالا) ، فحفنة المال المتبقية لديها لا تفي بالمصروفات الضرورية لها ولأبنائها السبعة، تقول والألم والمرارة يعتصرانها إنها تطلقت من زوجها العربيد بعد أن استحال دوام العشرة بينهما وفشلت كل المساعي والحلول الودية في تقويمه وإعادته إلى جادة صوابه، هي لا تريد أبدا الدخول في معمعة قضايا النفقة (ومشوار له أول ماله آخر ) فظروفها المعيشية الصعبة ووضعها المادي المتدهور لا تحتمل المزيد من التأخير، كل ما تريد الحصول عليه الآن (صك إعالة) لتتقدم بأوراقها وتستفيد من معاش الضمان الاجتماعي !؟.مدة شهرين بالتمام والكمال مرت على اتصال هذه السيدة الفاضلة، وهي لاتزال تجوب أروقة المحكمة العامة لا لطلب النفقة وإنما لاستخراج صك إعالة مرددة بكل حسرة وندامة (رضينا بالهم والهم ما رضي بينا). فبعد أن تقدمت بطلبها، لم تتمكن من إحضار شاهدين ومزكيين، فكل من قصدتهم عبر صديقاتها أو قريباتها يعتذرون بحجة عدم معرفتهم بها أو أن لديهم مشاغل أو أنهم في غنى عن الدخول في مشكلات مع طليقها العربيد حتى عندما تخلف ابنها وثلاثة من زملائه عن المدرسة وذهبوا للمحكمة تفاجؤوا بطلب تعديل الوكالة أو أن تحضر الأم بنفسها، وعندما علم أهالي التلاميذ بذلك وبخوهم وحذروهم من تكرار فعلتهم!!.صك الإعالة بدلا من أن يكون معينا لهذه السيدة في مواجهة بعض من متطلباتها أصبح حجر عثرة في طريقها.. والحقيقة إنني أقف حائرا أمام طلب المحكمة لكل هؤلاء الشهود، فكيف لامرأة محتشمة تعيش بمجتمعنا المحافظ أن تتمكن من إحضار أربعة رجال ليثبت شاهدان منهم أنها العائل والمنفق الوحيد لأبنائها فيما يؤكد المزكيان عدول الشهود وحفاظهم على الصلاة، لماذا لا يكتفى بصك الطلاق والبطاقة أو صورة كرت العائلة وإحضار جميع الأبناء إلى المجلس القضائي والاستماع لهم (كما يحدث ذلك بقضايا الحضانة) ثم أين هو الدور الفاعل لوزارة الشؤون الاجتماعية في البحث والتحري عن الأسر المحتاجة وتذليل الصعاب التي تواجهها؟!.من ينظر إلى كل هذه التعقيدات يعتقد بأن هذه السيدة ستحصل في النهاية على (فانوس سحري) يكفيها فقط المسح عليه بيدها ليخرج منه مارد يقهقه بصوت عال ويقول: (شبيك لبيك كل ما بدالك بين أيديك) وهو في حقيقته لا يعدو كونه أحد الأوراق المطلوبة للضمان الاجتماعي، وإذا ما قبل طلبها فسوف يصرف لها كمستفيدة أولى معاش سنوي مقداره تسعة آلاف وأربعمائة ريال إضافة لثلاثة آلاف ومائة ريال لكل فرد إضافي يعني إجمالي المبلغ بالكاد يكفي لدفع إيجار الشقة، أما عن مصروفات الأكل والشرب والدراسة والعلاج فهناك من سيقبض على لحيته ويجيبك: مو هذا المهم الله يصلحك، المهم المرأة ما تطلع من بيتها ولا تعمل أبد وإذا بغت معاملاتها تمشي تحضر معها شاهدين ومزكيين (طيب فهمني يا شيخ: من وين؟!)[email protected]