هناك علامات استفهام حول استئناف مفاوضات التسوية بين سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني والصهاينة في خضم الأوضاع المتأزمة على الساحة العربية، ولا سيما تازم الأوضاع في سوريا ومصر. طهران (فارس) منذ أن نصب جون كيري وزيراً للخارجية الأميركية في حكومة باراك أوباما أولت الإدارة الأميركية أهمية بالغة لمفاوضات التسوية وبذل كيري جهوداً حثيثة لإحيائها فهو يدعي أن مقترح الدولتين هو الأنسب لحلحلة الأزمة الفلسطينية، إلا أن هذا المقترح في الحقيقة يضرب بجذوره منذ عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر ولم يكتب له أن يرى النور يوماً. يذكر أن جيمي كارتر اتخذ موقفاً منصفاً أكثر من غيره حسب ما يبدو وطالب بتأسيس دولة فلسطينية مستقلة للاجئين الفلسطينيين لدرجة أن البعض أطلق عليه رجل السلام والمدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني! لكن لم يمض وقت طويل على مقترحه حتى تملص من كل وعوده حتى صرح قائلاً: أنا لا أعتقد أن تأسيس بلد مستقل باسم فلسطين يخدم المصالح الأميركية. ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا لم تشهد السياسة الأميركية أي تغيير تجاه القضية الفلسطينية، بل انحازت يوماً بعد يومٍ بشكل كبير إلى جانب الكيان الصهيوني. وقد حذا الرئيس الحالي باراك أوباما حذو سلفه كارتر، حيث قال: ليس من الإنصاف أن لا يتمكن أطفال فلسطين من النمو والترعرع في بلدهم فيضطر الطفل الفلسطيني لأن يعيش مع والديه تحت ظل جيش أجنبي! لذا هناك وساطات أميركية للعمل على توقف الاستيطان اليهودي في عمق الأراضي الفلسطينية، إلا أنها منذ بدايتها تبدو وكأنها عقيمة ولا تتعدى كونها زوبعة إعلامية لإحياء عملية التسوية، وما يؤيد ذلك أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو الذي يعد كلامه فصل الخطاب بالنسبة لواشنطن قد صرح بعدم وجود نية لإيقاف عملية الاستيطان مطلقاً. ومن جهته اعتبر عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق أن الجهود الأميركية ليست سوى هواء في شبك، وصرح بالقول: لقد أثبتت مفاوضات التسوية عدم جدواها بالنسبة للشعب الفلسطيني لأنها لا تحقق رغباته، وهي ليست سوى غطاء لتمرير عملية الاستيطان اليهودي وتدنيس حقوق الفلسطينيين. وكذلك فإن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين قد أعلنت عن معارضتها لاستئناف المفاوضات تحت إشراف كيري، وذكرت في بيان لها: العودة إلى المفاوضات خارج نطاق منظمة الأممالمتحدة واتخاذ أي قرار نتيجة هذه المفاوضات هو بمثابة انتحار سياسي كونه يمهد الأرضية المناسبة للكيان الصهيوني وحكومة تل أبيت المتطرفة لارتكاب مجازر أكثر بحق الشعب الفلسطيني والأراضي والمقدسات الفلسطينية. أما حركة الجهاد الإسلامي فقد رفضت المفاوضات مع الكيان الصهيوني وقالت ان جون كيري يحاول استغلال انشغال البلدان العربية لبذل جهود من أجل حلحلة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي ويريد إرغام الفلسطينيين على التنازل عن حقوقهم. إذن الحركات والشخصيات الفلسطينية ترى أن إحدى نوايا البيت الأبيض من إحياء عملية التسوية هي منح امتيازات للكيان الصهيوني وكذلك توفير أجواء آمنه للصهاينة دون النظر إلى مصالح الشعب الفلسطيني. وبالتأكيد فإن استئناف عملية التسوية في هذه الظروف التي تعصف بالساحة العربية من ورائه أهداف تسعى واشنطن وتل أبيب لتحقيقها وإرغام الفلسطينين على قبول ما يفرض عليهم من شروط. / 2811/