أكد الخبير الاستراتيجي الروسي، إيغور بانكراتينكو، ان الهجمة العسكرية الأميركية على سوريا ستتحول إلى كارثة جيوسياسية، وسوف تعصف بمنطقة الشرق الأوسط برمتها، وكذلك فإن العالم بأسره سوف لا ينجو من تبعاتها. موسكو (فارس) ورأى بانكراتينكو - وهو مدير مركز الدراسات للسياسة الخارجية الروسية - أن الهجوم العسكري ضد سوريا لا يزال يلفه الغموض في حين أن حكومة باراك أوباما تعول كثيراً عليه إذ قدمت وعوداً جادة للوبي الإسرائيلي - السعودي بأنها لن تراجع عن قرارها بشن هجوم مدمّر ضد دمشق، لذا قد يتخذ البيت الأبيض قراراً غير منطقي إثر الضغوط التي يتعرض لها ما يؤدي إلى حدوث نتائج وخيمة تلقي بظلالها على المنطقة والعالم برمته. ولا شك في أن الهجوم المفترض على سوريا سيكون جوياً ومحدوداً ويتزامن مع شروط تفرضها واشنطن على حكومة الأسد ومنها: - تخلي بشار الأسد عن السلطة بشكل فوري ونقلها إلى حكومة مؤقتة تكون حصة المعارضة فيها 50 بالمائة على أقل تقدير. - حل تشكيلات الحرس الوطني السوري ومحاكمة المسؤولين عن أحداث يوم الحادي والعشرين من شهر آب / أغسطس حسب زعم الغربيين. - تغيير هيكل جهاز الاستخبارات السوري وإخضاعه لسيطرة الحكومة المؤقتة. - السماح لمفتشي منظمة الأممالمتحدة بتفتيش المراكز العسكرية السورية دون أي قيد. ولو تم تحديد هذه المهلة لسوريا فإن الحرب السورية سوف تأخذ منحى جديداً وستتحول إلى كارثة جيوسياسية وبالتالي ستغير موازين القوى في الشرق الأوسط برمتها وسوف يتعرض الأمن العالمي إلى نتائج لا تحمد عقباها. ونوّه هذا الخبير الى أن استراتيجية الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط ترتكز على دعامتين أساسيتين هما (الرياض) و(تل أبيب) حيث تقف بوجه تحالف دمشق - طهران الذي حال دون تنفيذ بعض المشاريع الأميركية في المنطقة والعالم وكذلك تسبب في عدم اكتمال التحالف الصهيوني - السعودي ووصوله الى درجة النضج وعدم تحقيق نتائجه المخطط لها سراً وعلناً. فقبل وقت ليس ببعيد حال تحالف دمشق - طهران دون تمكن نظام صدام حسين من تغيير الخارطة السياسية للمنطقة كما كان عائقاً أمام تل أبيب في ضم لبنان إلى صف التحالف السعودي - الصهيوني للحفاظ على أمن الصهاينة وكسر شوكة المقاومة. فالتحالف السوري - الإيراني فريد من نوعه وله دور أساسي في تعيين مصير منطقة الشرق الأوسط ولا سيما أن الجمهورية الإسلامية الايرانية لها تأثير كبير على المستوى الدولي، أما سوريا فهي في الوقت الراهن تعتبر الحلقة الذهبية في سلسلة المقاومة ضد الكيان الصهيوني لذا فهي تعد عقبة أمام سياسات البيت الأبيض في المنطقة. وأشار الخبير الروسي إلى أن انهيار نظام الحكم في دمشق وتضعيف الجيش السوري بالنسبة إلى طهران يعني انقطاع الجسر الرابط مع حزب الله لبنان وعدم القدرة على تقديم الدعم له وهو حزب قد تحول إلى قوة عسكرية ضاربة تؤرق مضجع الصهاينة وحلفائهم في المنطقة، وبالتالي فإن أعداء هذا الحزب سوف يحاولون ابتلاعه فور انقطاع الدعم الإيراني له. وبالطبع فإن هذا الانقطاع سوف يؤثر على ما يطلق عليه (الهلال الشيعي) بأكمله فالشيعة في العراق قد فقدوا قدرتهم على المقاومة كونهم أقحموا في سيناريو هجمة سنية موجهة لم تترك لهم مجالاً لاستعادة أنفاسهم وللأسف الشديد فإن السنة في العراق يعتمدون على تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية المتطرفة التي تنتمي إليه في التصدي للشيعة وزعزعة استقرارهم. فالسلفيون في العراق قد شنّوا حرباً شاملة ضد الشيعة حيث سقط أكثر من ثلاثة آلاف شيعي خلال الأشهر القليلة الماضية ولا يزال الحبل على الجرار وهذا الأمر يعكس حرباً مخخط لها هدفها زعزعة استقرار الشيعة وإنهاكهم في هذا البلد. وبالطبع فإن ما يتعرض له الشيعة في العراق هو جانب من مخططات شاملة ترتكز على ترويج الإرهاب تدير دفتها الإدارة الأميركية على أكتاف الرياض وتل أبيب بشكل خاص. وأكد إيغور بانكراتينكو على أن هذا ليس سوى جانب من الحقيقة المريرة التي تواجهها المنطقة وأن العراقولبنان لا تقل معاناة الشيعة فيهما عما يعانيه المواطنون السوريون أي أن الهدف الحقيقي من وراء ما يجري في سوريا هو ضرب كل من يوالي طهران وبالتالي زعزعة أمن الجمهورية الإسلامية الايرانية وهذا الأمر بالطبع لن يلقي بظلاله على المنطقة فحسب بل على العالم برمته. / 2811/