قبل أسبوع من بدء العام الدراسي يبدي السوريون قلقهم على مصير السنة الدراسية في مواجهة التهديدات الغربية بضربة عسكرية لسوريا، وسط ارتفاع جنوني في الأسعار يزيد من معاناتهم المستمرة منذ ثلاثين شهرا. أعلنت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) أخيرا أن نحو أربعين في المئة من التلامذة بين 6 و15 عاما في سوريا توقفوا عن ارتياد المدرسة، إلا أن غالبية المؤسسات التعليمية في العاصمة لا تزال تعمل، وإن كان عدد كبير منها تم تحويله إلى ملاجئ للنازحين القادمين من الريف حيث تدور معارك دامية. قبل موعد استئناف العام الدراسي المحدد في 15 سبتمبر، جاء موفق مع زوجته وابنه وابنته إلى سوق الحميدية في وسط دمشق لشراء اللوازم المدرسية. ويقول لوكالة فرانس برس "مع التهديد بالحرب الصادر عن الولاياتالمتحدة، الله وحده يعلم ما سيحصل. قد تقفل المدارس". وسيصوت الكونغرس الأميركي الأسبوع المقبل على قرار سيسمح للولايات المتحدة بالتدخل عسكريا في سوريا، بناء على طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يتهم مع دول غربية أخرى النظام السوري باستخدام سلاح كيميائي في قصف على ريف دمشق في 21 أغسطس، ما تسبب في سقوط مئات القتلى. وتقول نهاد، ثلاثينية وأم لثلاثة أطفال، من جهتها إن فتح المدارس "يتوقف على المناطق. نحن مثلا نقيم بالقرب من هدف محتمل (للضربات الغربية). وهذا لا يطمئن". في إحدى أزقة سوق الحميدية، تتوقف عائلات أمام محال تبيع كل أنواع السلع بحثا عن أسعار مقبولة، في ظل ارتفاع جنوني للأسعار طاول كل القطاعات نتيجة الأزمة المستمرة وتداعياتها الاقتصادية. ويقول أحمد، أحد الباعة في شارع المسكية "الأهالي يتوقعون ضربة، وبعضهم يقول إنه لن يرسل أولاده إلى المدارس إذا ساءت الأمور أكثر". وسجل عدد كبير من سكان دمشق أولادهم في مدارس قريبة من مكان سكنهم. ويقول محمود صبحية الذي قصد السوق لشراء أقلام لابنه "منذ سنتين والحرب تقترب من دمشق. نخاف أن تتوسع فتتوقف المدارس". وبحسب اليونيسيف، فإن أكثر من ثلاثة آلاف مدرسة (ألفان حسب السلطات السورية) دمرت أو تضررت في سوريا منذ بدء النزاع في منتصف مارس 2011، ونحو 900 تقطنها عائلات هربت من مناطق سكنها إلى مناطق أخرى بسبب أعمال العنف. وتقول لاميس (سبع سنوات) التي قصدت سوق الحميدية مع أهلها لشراء مقلمة "في صفي، صرنا نجلس ثلاثة تلامذة على مقعد واحد لإثنين". وتضيف "المدرسات اللواتي يسكنّ بعيدا يتأخرن أحيانا". ويقول نائب وزير التعليم فرح المطلق إن توجيهات أعطيت "لاستقبال كل طفل نازح في مدارس دمشق". ويشدد على ضرورة "إبعاد التعليم عن الأزمة". من جهة ثانية، طلبت وزارة التعليم من المدارس تساهلا في موضوع اللوازم المدرسية المطلوبة من التلامذة بسبب ارتفاع الأسعار غير المسبوق. وتقول سلمى وهي تنظر إلى بائع بشيء من الغضب "لم أشتر شيئا بعدُ لابنتي. أنا أتفرج فقط، لأن الأسعار تتجاوز إمكاناتنا". ويرد البائع "الذنب ليس ذنبنا"، بينما يقول شار آخر "هذه سرقة". ويقول أحمد "الأسعار تضاعفت أربع مرات. الليرة السورية تدهورت بالنسبة إلى الدولار الأميركي، والمصانع التي تصنع دفاتر في الريف دمرت" في الحرب. ويضيف "الطرق بين العاصمة وريف دمشق خطرة، والسائق الذي ينقل البضاعة يطلب أجرا أكبر بخمس مرات من السابق". وتقول فرح، وهي ربة منزل ووالدة لصبيين، إن الكثير من الأهالي قرروا أنهم لن يشتروا إلا الضروري. "في السابق، كنت أشتري عشرات الدفاتر وأحتفظ بها. الآن، سأنتظر ما يطلبه المدرسون". في المقابل، تعتزم مهى تدليل أولادها، مهما كان الثمن، "هم يسمعون القصف يوميا. لم نعد نخرج كما في السابق. لا يمكنني أن أرفض لهم شيئا".