- (لطائف)* انعدام الثقة مصيبة تعانيها أحزاب اليوم، الأحزاب الوليدة التي فقدت وجاهتها الاجتماعية ومصداقيتها السياسية بعد انقلاب قاعدتها على قمتها وذوبان محتواها الفكري في محتوى أحزاب أخرى شاطرتها ذات المنهجية السلبية في أكثر ساعات احتياج القرار السياسي إلى الإيجابية المطلقة. تلك الأحزاب التي استغلت نقاط ضعف مثيلاتها لتستعرض أمامها عضلات الاستقراء (الفاتنة) لمستقبل أكثر (فتنة)! اليوم لا تعدو الأحزاب السياسية عن كونها مشاهد مفبركة لإخراج صناع القرار المخضرمين من مأزق الشيخوخة الحزبية الذي طالما حاولوا الهروب منه، لكن سنة الكون باقية لا تتغير لو كانوا يعلمون، فكل ما في الحياة يشيخ وينتهي إلى الفناء، لكنها الحقيقة التي يرفضها هؤلاء تماماً كما ترفض النساء الاعتراف بأعمارهن! والمصيبة ان يحاول هؤلاء النخبة من أصحاب الامتياز الحزبي تكرار أنفسهم في آخرين من أصحاب الطموح غير المشروع مقابل الابقاء على تراثهم الحزبي سليماً من العطب. هذا التكرار يفرض وجود آلية سياسية متحجرة ستقف في طريق التغيير الإيجابي الذي ينشده الجميع. مرحلة السُكر السياسي التي يعيشها الساسة في هذا الوطن أظهرتها قرارات سياسية متباطئة وأخرى متواطئة جعلتنا نبقى في صراع الطواحين الذي بدأ وسينتهي كما تبدأ زوابع السياسيين دائماً في فناجين العرافات! ويُقال إن المرء حين يصل إلى سن اليأس التي يحلو للبعض تسميته بسن النضج – يعاني من هبّات الحمى الساخنة كنتيجة حتمية للخلل الهرموني الحادث بفعل السن، ويبدو أن هذه النظرية الصحية تنطبق بحذافيرها على جسد الأحزاب السياسية التي تعاني اليوم من هبات سن اليأس، والحال نفسه أصبح يعاني منه الشعب الذي ابتلاه القدر بهبات شعبية ساخنة لا دواء لها إلاّ الموت. وهذه مصيبة أخرى تستفيد منها الأحزاب اليافعة اليوم لتبني رصيفها العازل على طريق السياسة النخبوية الرائجة بعد أن أخفقت سابقاتها في تذييل تاريخها السياسي ببصمة نظيفة لا تخفي أي آثار لجرائم إنسانية وقعت بالفعل ولم تقع، فمن يدري ما يخفيه حبر الساسة السري! ومصيبة أكثر فتكاً تستفيدها أحزاب المعارضة وهي محاولة إرتداء حلتها الجديدة التي ضاقت على أحزاب النظام وهذا يدعونا لاستحضار البيت القائل: لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم لكن هل تتمتع أحزاب المعارضة باللياقة البدنية الكافية التي تؤهلها لارتداء حلتها الجديدة؟! هذا ما سيكشفه واقع الحال في الحلقات القادمة من مسلسل الأحزاب بأجزائه غير القابلة للحصر. * أسبوعية "المنتصف"