كتب/ عبدالله بن عامر قريباً سيتم إعفاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من أعمالها ومعها يعفى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من مهامه بعد رحلة طويلة من التقارير والرقابة الصارمة ضد الفساد والمفسدين وسيتم إصدار قرار يقضي بمنع الإخوة الصحفيين والصحف من تناول أية قضية فساد كون الفساد غير موجود وبالتالي سيصبح من الجُرم التحدث عن الفساد وسيغدو الحديث عنه انتهاكاً صارخاً للدستور والقانون!! الفساد غير موجود وبالتالي الحديث عن المجهول ضرب من الجنون وإدعاء ما ليس في نظامنا الحاكم زوراً وبهتاناً أمر غاية في الخطورة وتحرمه الشرائع السماوية والقانونين الأخلاقية والأعراف الدولية ناهيك عن مخالفته للفطرة الإنسانية والعقل والمنطق وبناء على ما تقدم تعتبر كل التناولات والمواد الصحفية المختلفة والتقارير الخاصة بالمنظمات الأجنبية والتصريحات الخاصة بقادة المعارضة ومنظمات المجتمع المدني الخاصة بالفساد في محل كان ولن يعتد بها بعد الآن . فعادةً عندما تريد انتقاد نظامنا الحاكم .. تبحث عن مساوئه ولا تجد سوى الفساد وسوء الإدراة كمادة خصبة طالما توقفت عندها الكثير من الصحف وتناولها العديد من الكتاب والمفكرين والباحثين , ناهيك عن التصريحات النارية لقادة المعارضة ويكاد لا يخلو أي بيان لها خلال السنوات الأخيرة إلا وتطرق لمسألة الفساد المالي والإداري وتصدرت اليمن الدول الأكثر فساداً في العالم وأجمعت الكثير من المنظمات والهيئات الدولية في تقاريرها السنوية على التدهور الإقتصادي الذي يعيشه اليمن نتيجة الفساد وسوء الإدارة وغياب الشفافية وهشاشة دولة المؤسسات وغياب دولة القانون وحل بديلاً عنها سلطة المشائخ والقادة والمتنفذين ومع كل ذلك لم تشعر حكومتنا بأي خجل يدفعها الى التغيير، فكل ما ورد في كل تلك التقارير ليس صحيحاً ويبدو أن جميع المنظمات والهيئات الدولية تأثرت فعلاً بخطاب المعارضة حسب زعم النظام وأصابتها حمى الصحف اليمنية التي عادةً ما تتناول الفساد ويكابد محرروها العناء والجهد من أجل تعزيز ما يتناولونه بالوثائق والحجج والبراهين التي تعد دليلاً قانونياً يعتد به لدى مختلف الجهات ومنها صحف اعتمدت المهنية معياراً لها وحاولت جاهدةً التطرق للكثير من قضايا الفساد في المحافظات ثم الوزرات والهيئات دون تحيز أو مبالغة مفرطة وكانت همزة الوصل بين المواطن والمسئول كالوسط التي تعتبر الصحيفة اليمنية الأولى في التحقيق وكشف قضايا الفساد وبأسلوب مهني يستحق الإشادة . . كل ذلك تم غض الطرف عنه من قبل الجهات المسئولة استمراراً لسياسة "قل ما تشاء ونحن نفعل ما نشاء " ؟ وهل صحيفة الوسط حريصة على الوطن أكثر من النظام الذي لا يبالي بكل ما تنشره ويواصل طريقه دون الالتفات الى كل ما يُنشر وإن كان مدعماً بالحجج والأدلة التي يعتد بها وتعتبر دليلاً قانونياً عند كل الأنظمة . رغم أن الأمر لم يتوقف عند الصحف أو أحزاب المعارضة والهيئات الدولية فقط بل ظهرت أصوات من بيت السلطة نفسها "الحزب الحاكم" تنتقد الفساد وتطالب بضرورة مكافحته . مع كل هذا الإجماع الداخلي والخارجي حول الفساد لا نجد أي خطوات حقيقية للحد منه بل على العكس تماماً يذهب النظام الى التقليل من شأنه وإنكار تواجده تماماًَ ... بالصورة التي تتحدث عنها المعارضة وصحفها وعند كل منعطف تاريخي للفساد يتم إنشاء هيئة لمكافحته والتي باتت اليوم تحتاج لمن يكافح الفساد المستشري بداخلها، فالفاسدون يلقون الرعاية والدعم والتكريم ولا أعلم هل فخامة الأخ الرئيس يعي ذلك تماما أم أن الأمور عنده "كله تمام" وإلا مالذي دفع فخامته الى إنكار وجود فساد باليمن خلال مقابلة له مع القناة الامريكية وقال " نحن دولة بدون ثروات والفساد لا يتواجد إلا بالدول الغنية " . طبعاً الكلام يحتمل رأيين لا ثالث لهما: الأول أن يكون قصد الأخ الرئيس تنبيه الدول الكبرى الى ضرورة مساعدة اليمن كونها دوله فقيرة أو أن يقصد فخامته أنه لا يوجد فعلاً فساد في اليمن وحتى إن كان الافتراض الأول صحيحاً فتلك مصيبة ولو كان الرئيس يقصد ذلك فعلاً فهل من الصواب أن ننكر قضية بهذا الحجم والقدر وهل فخامته لم يجد إلا إنكار وجود الفساد حتى يوصل رسالته الى الدول المانحة وإن كان الاحتمال الثاني فالمصيبة أعظم فهذا كارثة حقيقية وذلك يعني أيضاً أن كل ما يقال أو ينشر عن الفساد كله مشكوك فيه حتى إذا كان معززاً بالدليل القانوني أو بإقرار من فاسد، فكل ذلك غير صحيح فكله للمزايدة وللدعاية الإعلامية فقط . فعلاً .. لقد كانت تصريحات الرئيس عن الفساد صدمة بالنسبة لي وكانت بمثابة برد وسلام للفاسدين، بل إذن رسمي لما يقومون به ومثلت تشجعياً غير مباشر لهم وكم يؤسفنا ذلك ممن نعول عليه مقارعته ونعلق آمالنا في حنكته ووطنيته وكم هي المرات التي راهنا على فخامته بالتغيير وإنهاء سرطان الفساد وأعتقد أن الإرادة الحقيقية هي الكفيلة بالقضاء عليه بعيداً عن المناكفات الحزبية والصراعات السياسية فهل يعقل أن يدعم الرئيس الفساد والفاسدين نكايةً بالمعارضة ؟ أم أن الوطن فوق كل إعتبار كما نؤمن ونعتقد؟!! في آخر مقالتي المتواضعة أتمنى أنني لم أكن متأثراً بما يُنشر في صحيفة الوسط فتلك تهمة تلاحق كل منتقدي الفساد والمفسدين وأصبحت تهمة التأثر بالوسط تلاحق بعض منتقدي الفساد من موظفي وزارة التعليم المهني إن تعرضوا يوماً بالحديث عن الفساد المستشري فيها وإن كُنت من متابعي تلك الصحيفة فأنت من المغضوب عليهم سواءً في محافظة ريمة أو المهرة أو وزارة الصحة .. الخ وجدير بي إبداء النصح للرائع والمتميز جمال عامر ومحرري الوسط بأن عليهم الخروج من حالة الجنون التي يعيشونها فلا يوجد فساد حسب قول الأخ الرئيس وكان الاولى بهم إبتعاث محرريهم الى تلك الدول الغنية التي يلازمها الفساد ليلاً ونهاراً وينتشر فيها بدلاً من إدعاء تواجده في اليمن فلا يوجد فساد هُنا !!!?