وقد أصبح يلوح في الأفق جس النبض - الذي يستهدف محاولة تزييف الوعي كمقدمة لإصباغ المشروع الامريكي التوسعي بالمشروعية - تحدياً سافراً لقاعدتي الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شئون الشعوب- لعبت وسائل الإعلام الجماهيري الامريكي والغربي - والمسند للأسف بتسريبات اقليمية مفضوحة ومكشوفة وغير متوقعة- دوراً سياسياً بارزاً في احداث 11 سبتمبر وهذا الدور يذكرنا بدورها الدائم في صياغة عقول ووجدان ملايين البشر والقراء والمتابعين لمجريات الاحداث في العالم كما ان هذا الدور الذي كانت وما زالت تمسك بتلابيبه جماعة اللوبي الصهيوني يذكرنا بالأثر الكبير الذي لعبته وسائل الإعلام في حرب الخليج الثانية "حرب البترول الاولى" في خلق العدو وتضخيمه وتهيئة النفوس والاذهان لضرورة ضربة والقضاء عليه باعتباره –حسب ضمانة أي مساس "بإسرائيل" وعدم الاخلال بتوازن القوى وعدم الارتياح لأية دولة لأن تملك عاقَّة للقوى الكبرى الممتلكة لعناصر القوة والنفوذ والثروة المنظمة والمنهوبة -المهدد الأساس لنمط الحياة الغربي والامريكي تحديداً. بترول المستقبل فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي لم يعد بحر قزوين حكراً على النفوذ الثنائي الاقليمي فقط "روسياوايران" بل نشأت ثلاث دول مستقلة على ضفافه هي كازاخستان واذربيجان وتركمانستان. اما اهم الأدوار التي لعبها ويلعبها الإعلام الغربي فهي ما يسمى بسياسات وضع الاجندة وخلق الاهتمام وتكريسه بقوة الإلحاح الجبارة وهو الإكراه الإعلامي الذي تمارسه وسائل الإعلام الغربي والامريكي، وهو ما يسمى او يمكن تسميته بتزييف الوعي ولعل خير دليل ما كان بوش الابن قد قاله بأن ادارته ستعمل على تحقيق العدل والانتصار لحقوق الإنسان والحرية وثبت عكس ذلك في كل من العراق وفلسطين وافغانستان. واذا كان تزييف الوعي هو ما عودنا عليه الاعلام الغربي فيما سبق من حوادث فان التعتيم الكامل هو ما طرأ على حرب افغانستان "حرب البترول الثانية".. تعتيم كامل يذكرنا بأشد الدول الشمولية بل يذكرنا بوزارة الدعاية التي ابتدعها هتلر ووزيره "جوبلز". تعد ادارة بوش وفريقها الاساسي ومن بعده اوباما ادارة المعركة الاعلامية في الحرب ضد كل من العراق وافغانستان، ثم تكشفت تقارير ادارتهما بل ان موقع ويكيليكس كشف المستور وابان حقيقة ذلك التزييف بعد ان دفعت تلك الإدارات شعار "التحكيم عن طريق التعتيم". وفي كتاب امريكا والعالم بعد 11 سبتمبر وتحت عنوان من عاصفة الصحراء الى عملية النبيل يقول الكاتب "يبدو ان الولاياتالمتحدة بحاجة الى حرب كبرى او متوسطة كل عشر سنوات حتى تستطيع ضبط العالم وكما لو كان ولايات تابعة لها. أي ضبطه المتفلت من هيمنتها حينا والمتمرد عليها حيناً آخر" وحتى تؤكد الولاياتالمتحدة سياستها التقليدية وتثبت ان مركز القوة الذي تحتله بالفعل كدولة عظمى وكدولة منفردة من القرار والسياسة العالمية واذا كانت الولاياتالمتحدة هدفت من حرب الخليج الثانية الى تأمين بترولها الحاضر وتدمير حضارة واعدة تحت ذريعة نهب حقوق الإنسان والحفاظ على استمرار صحة الاسعار التي تقبلها فإن اهدافها الكبرى من الحرب التي اعلنتها بشرعيتها وامعيات تابعيها انما هو تأمين بترول المستقبل وذلك بالسعي لامتلاك ناصية الترتيبات الاستراتيجية في منطقة اسيا الوسطى والقوقاز فلا يمكن لسياسة كونية ان تتجاهل تلك المنطقة بما تحوي من بترول المستقبل حيث يقدر الخبراء بترول بحر قزوين بثلاثمائة طن،أي 2.3 مليار برميل بالإضافة الى الغاز الطبيعي الذي يقدر بحوالى 600 مليار متر مكعب كما لا يمكن لسياسة كونية ان تتجاهل تلك المنطقة لما تحوي من قوى نووية وبمعايير ازدواجية وصراعات اقليمية مستعرة وحصار ايران النووي مستقبلاً وتحجيم باكستان النووية حاضراً ومراقبة الصين العملاق النووي "حاضراً ومستقبلاً" والمهدد الاستراتيجي المحتمل. تفاصيل تورطها وحلفائها ولعل ذلك دعا المراقبين لأن يقولوا ان الولاياتالمتحدة دبرت مدخلاً للتوسع وكانت بحاجة الى حادث مستحدث لضخامة تفجيرات نيويوركوواشنطن لتعيد ترتيب العالم بما فيه وعلى رأسه منطقة آسيا الوسطى وبترول بحر قزوين، او كما قال وعبر عن ذلك أحد المناهضين للحرب "جورج بونبيد" لو لم يكن لأسامة بن لادن وجود لاخترعه الامريكيون" وهو بالفعل مخترع ومنتج امريكي لا هدف له سوى تحقيق هدف امريكا التي لم تتنصل عنه بقدر ما صارت تتخذ منه وسيلة ترعب بها الدول الطامعة بها وان كانت ممثلة بموقعها او لمست بأنها تتوق لصنع نهوضها الحضاري من منطلق ان أي نهوض يعتبر خطاً احمر في قاموسها البرجماتي، اما ملامح الهيمنة الامريكية التي يراد لها ان تسود منطقة آسيا الوسطى وبحر قزوين فتنبع من اعتبارها قطباً عالمياً وحيداً يقوم –حسب اوباما- عبر التحالفات لا على الحرب، وهي مقولة ثبت زيفها بمجرد ان تربع على عرش البيت الابيض حتى صارت الاستراتيجية للطاقة عامة تقوم على عدد من المبادئ ومنها: - تعدد مصادر النفط والطاقة عموماً فبدلاً من الاعتماد بصفة اساسية على بترول الخليج الذي يشكل ثلثي الاحتياطي العالمي هناك بحر قزوين واذا كان اسامة بن لادن قد اصبح يزرع جذور فنائه فإن الولاياتالمتحدةالامريكية ستظل، وان وافته المنية في قندهار او "تورابورا " او باكستان تتخذ منه بعبعاً وتفتعل الاعمال التي ينعتها بالإرهابية لتقنع بها الدول الحليفة لها بمكافحة الإرهاب بأنها ليست مؤهلة للقيام بدورها المطلوب كمدخل في ترويضها بقبول تواجدها المستفز لمشاعر الشعوب مع ان الإرهاب طال اليمن كنموذج قبيل احداث 11 سبتمبر 2001م وجراء ذلك حاولت امريكا وما زالت تحاول الزج بعدد من الدول في معمعة عدم الاقتدار على مواجهة الإرهاب بأنها – أي امريكا- ومنذ اوائل القرن الحالي عجزت عن القضاء على طالبان وتكبدت خسائر في الأرواح والعتاد في العراق، من حسن الطالع ان موقع ويكليكس كشف ادق تفاصيل تورطها وحلفائها وانظروا الى ما قاله السياسي الامريكي "روش" في المحاضرة التي القاها في واشنطن في 24 / 7 /2001م أي قبل 48 يوما من وقوع الهجوم في نيويوركوواشنطن.. قال:" نحن في ازمة مالية.. ان الولاياتالمتحدة تنهار بشكل سيء منذ عهد كارتر ونظامنا على حافة الإفلاس.. ان نظم الطاقة والمواصلات والتعليم والصحة وبنيتنا التحتية في حالة انهيار وان 80% من الشعب هم من ذوي الدخول المحدودة ووضعهم الآن اسوأ بكثير من وضعهم في عام 1977م وما دام صندوق النقد الدولي وسياستنا الحالية ودول ستريت والنظام الاحتياطي الفيدرالي لا يزال مهيمنا علينا فلا يتوقعن احد أي اصلاح او تحسين واذا استمرت الاحوال على هذا المنوال فقد يضطر الرئيس بوش الى التخلي عن منصبه قبل انتهاء فترة رئاسته.. ان الانهيار لا يظهر فجأة امام الاعين فالسياسات الخاطئة تستمر وفجأة تقع الازمة".. ونختتم هذا الموضوع بالإشارة الى ان الذين دفعوا بالإدارة الامريكية لكي تنتج ازمات تنسي الشعب الامريكي ازماته كانوا من كبار الاثرياء الذين تم تصنيفهم بعد ذلك بأنهم من تجار الحروب.
اسنادات مادية ومعنوية ولوجستية ومن تلك النماذج "ديك تشيني" الذي جاء الى منصبه من رئاسة شركة "هاليبرتون" في دالاس وهي اكبر شركات الخدمات النفطية في العالم وكان دخل "تشيني" من هذه الشركة في العام 2000 اكثر من 36 مليون دولار. - كوندوليزا رايس مستشارة الأمن القومي في عهد بوش.. هي عضو في مجلس ادارة "شيفرون" النفطية من 1991-2000م وكانت الشركة تريد اطلاق اسمها على ناقلة نفط فرحا بتعيينها في الإدارة الامريكية. - عايل نورتون – وزير الداخلية – عملت في مركز ابحاث محافظ تموله احتكارات نفطية. - فرنسيس بلايس – نائب وزير الطاقة – هو نائب الرئيس الأول ل"كوربوريت بيزنس النفطية". - توماس دايت- وزير الجيش- عمل نائبا لرئيس خدمات ايزون للطاقة وقد جاءت بقية العناصر الرئيسية في الإدارة الأمريكية من المؤسسة الامريكية "كولن باول" وزير الخارجية و"دونا لورامسفيلد" وزير الدفاع فهو احد ابرز ممثلي اللوبي الصهيوني.. من كل ذلك نقول ان الولاياتالمتحدةالامريكية التي تشدق رؤساؤها بتحقيق العدالة والانتصار لحقوق الإنسان انما أرادوا ان يتوسعوا الى حيث تصل قواتهم لكي يحققوا هدفين: الأول حماية اسرائيل ورفدها بالاسنادات المادية والمعنوية واللوجستية. اما الهدف الثاني هو بسط نفوذهم على منابع النفط والغاز مهما كلفهم ذلك من ثمن فالسودان على سبيل المثال لم تكن الإدارة الامريكية تهتم بشئونها الهادمة .. اللهم إلا بعد استخراجها للثروات النفطية وبالتالي فإن ما يسمى بالإرهاب سيظل في اجندة الإدارة الامركية وصفة لمزيد من محاولات التوسع لكي تضمن الحصول على الثروات النفطية والغازية حتى وان دفع بها الامر في إعادة انتاج الاستعمار المباشر بعد ان كانت قد زاوجت بينه والاستعمار بصورته الحديثة المتمثلة بالتبعية، ولكن الشعوب الحية تنبهت لهذه السياسات الرعناء التي لا تحصد إلادارة الامريكية من ورائها سوى المزيد من اليقظة والتكتلات الشعبية التي خبرت في الماضي تاريخها البالغ في السواد حتى تطورت على حساب ثرواتنا..