وقفة أخرى مع جنايات نائف حسان على الزيدية ودفاع صلاح الدكاك عن الحوثية.. في الجوار يجري نقاش/جدل، قد يدخل جولته الثالثة، بين كاتبين وصحفيين عملاقين ورائعين، لكن مقالاتهما التي ظهرت على شكل أخذ ورد بينهما وكان محورها الظاهر"الحوثي والحوثية" مستبطناً ومستظهراً الزيدية، من حيث المحصلة أفرزت جنايات في حق نفسيهما أولاً وفي حق التاريخ والثقافة وفي حق طيف كبير من أبناء الوطن ولو بأثر رجعي دعت إليه بداية هواجس وتخمينات بالونية لدى بادئ الهجوم، وأحدثت خلطاً للأمور، وهذرمة رغم أدبيتها وبلاغيتها الرائقة غالباً مع احترامي لقلميهما المتميزين، إنهما الكاتبان الشامخان نائف حسان رئيس تحرير صحيفة الشارع، والأديب الأريب صلاح الدكاك، في السجال ظهرت نظرة للماضي بعين الحاضر وللحاضر بعين الماضي حادت عن الواقعية، واجتزاء وانتقاء، وسخرية بقطاع كبير من أبناء البلد،، وافتئات على البنية الفكرية والمجتمعية في اليمن خاصة الزيدية، التي عانت في تناولاتهما من التوسيع حيناً والتضييق حيناً آخر والاتهام والتهميش والتشويش، وفق مقتضيات ما يريد صاحب القلم "الأول" الانتصار له في بطولة الهجوم والدفاع التي للأسف شكلت بمجموعها هجوماً مشتركاً على مفاهيم وعلى قيم وعلى تاريخ وعلى بشر وعلى ثقافة مسئولية المدافع فيها أقل من منها عند المهاجم،،، أحدهما (نائف) يهاجم الزيدية عبر جسر نقد الحوثي ، وجعل من "النص" نفقاً للقدح في كل الوقائع واستحضار أو اختراع مضمرات لأجل وصمها ومحاكمتها كتسويغ لهجماته، وعند المآزق يخترع لها (الزيدية) مصطلحات ليمرر جناياته ويوزع بموجبها الأدوار التي ابتكرها للاعبين في المباراة التي دشنها، فأدخل إليها ما ليس منها ووصفها بما ليس فيها، وأطلق بعدها أحكامه القائمة على هلام صنعه بحبر قلمه مستعيناً بهواجس خيالية،، وفوق ذلك يتعامى عن الطرح الرسمي للحوثيين في مؤتمر الحوار ويؤسس على صحيفته محاكم تفتيش لهم لدرجة أنه بكل خفة طالبهم بتحديد مواقفهم من: العلم الوطني وثورة سبتمبر...!!! وربما أن ل بوار سوق الصحافة الورقية دور ولذا يبحث عن الإثارة...! والآخر وهو الأقل جناية، ينافح ويخلط المسارح، فذاك مثلاً، وسع الزيدية وهذا اختصرها وضيقها على أصحاب حركته، وذاك افترض وبنى وهذا رفع وعلَّا ليهدم البناء مع "الحمى" مدافعاً عن مقصد آخر، نائف كان يفترض في سجاله الأول، أن الحوثي خرج على (الدولة الهشة) وهو مخطئ، لأن الدولة هي التي خرجت على الشعب والقانون والدستور وذهبت لعقر دار الحوثي في 2004 لقتله،،، بينما الدكاك، اهتم في رده هنا على اتجاهين؛ الأول: أنه لا يوجد دولة حتى يخرج عليها الحوثي، والثاني: نوع الدولة المخروج عليها، حيث وصفها باللصوص والفاسدون ووو..الخ ،، مكرساً بذلك من حيث قصد أو لم يقصد، فكرة أن الحوثي خرج فعلاُ وأن خروجه على ظالم فاسد، معززاً بدفاعه هذا، دعوى نائف ...! ونائف في تعقيبه لم يهتم بجنوج صلاح التعزيزي هناك،، واهتم مع نمو الشخصنة في الردود بانتقاد "وعي صلاح" مبرراً ذلك بأن زميله لا يفرق بين (الخروج" كمبدأ ديني لدى الزيدية، وبين العمل السياسي والانقلابات العسكرية)... وهو تمحل وتجريف من نائف وتهويل،،، لأن اهتمامه منصب على نضال الحركة اليسارية ولذا سرعان ما انتقل إليها منساقاُ مع سرعة انتقال الدكاك أيضا، فارتكب الإثنان جناية موضوعية في حق مبدأ الخروج عند الزيدية وعلاقة واقع حركة الحوثي وتحركاته به.. ويقول نائف (كان أغلب نضال الحركة الوطنية سياسياً وثقافياً، بينما "مبدأ الخروج" ديني يقوم على القوة والعنف) وهو ربما معذور في هذه الجناية لأنه ممن يعتقد أن الدين لا علاقة له بالسياسة والثقافة والشأن العام، يريد إطلاق توصيف نقدي للحوثية وللزيدية أيضا في نفس الوقت ليس من منظورهما بل من منظور علماني منحرف/قاصر أيضا، لأنه منظوره الخاص حيث والعلمانية ليس لها تعريف مضبوط ومتفق عليه.. ولقد أحسن صلاح حين قال أن نائف (يهدر الواقع لحساب النص)، فهو مصيب في التوصيف لكنه مخطئ فيما بنى عليه توصيفه،، فالحوثي ليس خارجاً حتى يعتمد على النص في خروجه،، أيها "الوسيمان"، الخروج مبدأ إسلامي إنساني فطري أصيل، له أدواته وله شروطه وليس محصوراً بالقتال،،، كفى انتقاء وتجديفاً للفكر الذي يؤمن به قطاع عريض من اليمنيون شركاؤكم في الوطن... وكان بدء الكتابات المتبادلة عن الحوثي والحوثية، ثم مع أول رد بدأت الشخصنة كممر لإثبات تلفيق أو تزوير السؤال أو الجواب وتناقضات الحشو البلاغي والوصفي البالع في سطورهما فاستطالت ...وهذا مما وقعا فيه حتى استحضرا تاريخ بعضهما، وميولهما ورصيدهما ومستويات معرفتهما حتى بمفاهيم المصطلحات، ومقارنة الواقع مع التاريخ،، وانتقاء الطيب منه للتباكي على فقدانه وتلاشيه أمام نمو الهشاشة والتلفيق...! يقولان أنهما يقومان ب "مقاربة" ..! وبالمتابعة صار ال "باء".." فاءً" في المرحلة الثانية من السجال،، حين أوحلا في مستنقع الشخصنة، ولما أرادا الخروج منه ارتطما بمزالق التطرف والعصبية ربما إضطرراً وفق برمجيات وسياقات المنطلقات التي تعمدا تأسيسها في كتاباتهما، وكال كل منهما للآخر اتهامات بعضها معيبة في حقهما بداية،، ف (الدكاك) بعدما تحدث عن وضعية نائف "الرأسمالية" ومأزقة في "التحالف الإقتصادي التقليدي" الذي اعتبره الداعي الأساسي لحلقات زميله الهجومية في تعقيبه الأول عليه، جاء في الجولة الثانية من السجال ليتهجم على المعلقين المتوافقين مع رأي زميله... !! وهذا من التطرف بعد التكلف في الرد،، فقد وقع كبعض الإخوة الحوثيين، حين يقعون في مستنقع اتهامات الناقد لهم، فاتهم زميله تلميحاً "تصريحياً" بتهمة (الاستخبارات)! وهذه جناية في حق نفسه ابتداءاً وانتهاءاً... ومن جانب نائف، فلديه الكثير -كما سبق الإشارة إليه- من التجنيات وليس آخرها أنه حاول السخرية من إدراج الدكاك لاسم حسين الحوثي مع أسماء بعض مناضلي الحركة الوطنية.. وهي عنصرية وطائفية خفية وصفها الدكاك ب "الطبقية" يخفيها نائف تحت ثوب الليبرالية والحداثة... لأنه ينتقد بتكلف واضح تفضحه كثرة المصطلحات التي أقحمها في مقالاته، بل وابتدع مصطلحات جديدة ليسبر بها محاكماته المتعسفة،،، ومن التكلف عند الدكاك، ادعاءه أن "الشارع" قامت ب (التموُّن ) من خراب العراق ..بمفردة "البشمركة" (لتضعها عنواناً لأحد أبرز ملفاتها الصحفية عن حرب صعدة ..!!) وحقيقة أنه إما تغافل أولا يعلم أن من يدافع عنهم (الحوثيون) هم من استعار وروج هذه المفردة وغيرها وأطلقها على المسلحين القبليين، منذ الحرب الأولى، وكانوا يصفونهم في بياناتهم ومنشوراتهم بعدة صفات منها ك (البشمركة، شذاذ الآفاق، المرتزقة،..)،، من مجمل مقالاتهما التبادلية، الأدبية واللا أديبة -أحياناً- والرائعة في بنائها النثري والبلاغي وسيرها التحليلي، لم يقعا في التطرف إلا حال هروبهما من الإنزلاق في الطائفية بعد أن أثخنا بعضهما اتهاماً ودفاعا بها،، كما ظهر في تناولاتهما أن الليبرلية والحداثية مجرد عصبية أخرى لا تختلف عما يفران منه ويتهمان به بعضهما.. ومن التطرف، أن دفاع "نائف" عن نضال الحركة الوطنية وكأن أعضاءها كانوا ملائكة، وكأنهم لم يستخدموا العنف والسلاح !!!،،، يقطر السجال نقداً ومقتاً ل"التمترس" و"العنف"، ويدعو إليهما في ذات الوقت مع كل عبارة مما نزف هناك بشكل أو آخر! وتخرج بخلاصة من فحوى ما يطرحه نائف بأن مواجهة ظلم السلطة حلال للحركة الوطنية، وحرام على الحوثي أو أي جماعة أخرى ،، وربما حرام على الثورة الشعبية إذا لم يشترك فيها قوميون أو يساريون،، وكأن اليسار شرط لصحة الثورة ..!! فهو لا يركز على ظلم وفساد السلطة بل يركز على من هو الذي يناهضها، وبحسب نوع المناهض تتوقف صحة وبطلان النضال...! ويخفي نائف هذا التحاذق بالقول أن (نضال الحركة الوطنية هدفه اليمن..)!! وقد ذكرني قوله هذا بقول ابن تيمية " علي يقاتل ليطاع ويتصرف في النفوس والأموال وأبا بكر يقاتل ليقيم حدود الله " ..!! ومن التكلف والتطرف والتخوف الذهاني لدى "نائف" ما جعله يصادر ويستبق الرد عليه، بإعلائه المطالبة للحوثيين بإعلان مواقفهم تجاه ما وصفه ب"قضايا وطنية رئيسية" كالموقف من (ثورة سبتمبر، والنظام الجمهوري...!! ) يا رجل ألا يكفيك طرحهم في مؤتمر الحوار الوطني... كفى انتقائية وتعنت، لا تتطرف أيها الحداثي..!! عموماً في الجولة الأخيرة فتل كل طرف من العلم الجمهوري مشنقة، ففيما "نائف" يشنق الحوثي بجدائل افتتلها من قماش العلم الجمهوري،، أتى "صلاح" مكتفياً بوصلة اللون الأحمر من الوصلات الثلاث لقماش العلم ليضفرها ويلوي بها عنق زميله الناقد للحوثيين ... ربما كحل أخير رآه...! لقد مزقا العلم وفصلاه كما يريدان، واستعانا بوسعه في "لفلفة" ما حلا لهما وتغطية ما خشيا عليه...! وتم حياكة جنايات كثيرة بنسيج أدبي راقٍ وذائق وحاذق وإن كان متمحك تجاه كثير من العرى الوطنية والموضوعية.. أيها الأخوان الكاتبان الأديبان الرائعان ،، رفقا بنا إن لم ترفقا بنفسيكما والمجتمع،، إن لم تنصفا الزيدية فأبعداها عن معركتكما،، النص ليس فريداً لديها من بين فرق الإسلام، يمكنكما تسمية الأشياء بمسمياتها،، إذا أردتما نقد الزيدية اليوم أو الأمس فانقداها باسمها وعلى رسمها وفعلها،، الحوثي نعم مرجعيته التاريخية زيدية ولكن تحركه وكيانه الحالي له مرجعية ثقافية متمايزة ومصدرها في الملازم فالحساب معه يكون عليها، وقد وضع هو نفسه لحركته اسماً وجسماً ورسماً، و الحمد لله رب العالمين،، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد