قال وزير الصناعة والتجارة، الدكتور يحيى المتوكل، إن عدم وجود سوق للأوراق المالية في اليمن خفف من الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المحلي. وأكد المتوكل في حوار مع قناة "الدولية" أن الحكومة تدرس تبعات الأزمة المالية لتجنب كثيرا من الأضرار.. مشيرا إلى أن ذلك هو الإجراء الصحيح الذي ينبغي على محافظي البنوك والمصارف المركزية أن يستفيدوا منه ويأخذوه في الاعتبار مستقبلا لتجنب الدخول في مخاطر قد تضر ليس فقط القطاع المصرفي أو القطاع المالي وإنما الاقتصاد بشكل عام. * معالي الوزير حضرتم ندوة في أبو ظبي حول مناخ الأعمال في الدول العربية، ما هو تقييمكم لمناخ الأعمال في المنطقة العربية، وفي اليمن؟ - كما تعلمون أن بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار بشكل عام أصبح يحظى باهتمام واسع سواء في المنطقة أو على المستوى العالمي، وخاصة بعد توفر فوائد مالية كبيرة ابتداء من 2001 – 2002، نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وكذلك التنافس فيما بين الدول لاستقطاب استثمارات أجنبية ذات اقتصاديات هائلة، وعلى غرار هذا المناخ التنافسي كان طبيعيا أن تبحث الدول في المعوّقات والصعوبات التي تواجه دولا نامية، ربما بشكل أكثر تحديد سواء ارتبطت هذه المعوّقات بالجوانب التشريعية أو بالإجراءات الإدارية وغيرها من القضايا المرتبطة بالاستثمار وبيئة الأعمال، وكان هناك سبق للبنك الدولي في تناول مثل هذه الموضوعات ابتداء من إصدار تقرير سنوي حول بيئة الأعمال، والحمد لله، الآن هناك تقرير للمنطقة العربية يوضح المعوّقات والصعوبات، وكذلك الإجراءات التي تتبناها وتتخذها الدول المختلفة في هذا الشأن، واعتقد أنه خلال السنوات الثلاث الماضية أصبح يحظى باهتمام الحكومات العربية بشكل كامل بل وهناك إجراءات تتخذها الدول وتستفيد من بعضها البعض في هذا المجال، ونلاحظ المؤشرات المختلفة، هناك مؤشرات رئيسية لبيئة الأعمال كدول. معظم الدول تبنّت إجراءات محددة في كل منها، بعض هذه الإجراءات مرتبطة بالبيئة العامة للاستثمار والبعض الآخر مرتبط بالجانب الضريبي -على سبيل المثال- أو بإجراءات التسجيل للقضايا المرتبطة بالأراضي والملكيات الخاصة، أيضا هناك أمور متعلقة بالائتمان، وبالتالي مجمل هذه المؤشرات تعكس البيئة أو مناخ الأعمال في الدول العربية الذي ينبغي بالفعل أن يكون مبسطا وميسرا للاستثمارات المحلية والأجنبية في آن واحد. * معالي الوزير ما هو تأثير الأزمة المالية العالمية على المنطقة العربية و على اليمن بصفة خاصة؟ - الحقيقة أن الموضوع أو الندوة لم تغفل هذا الموضوع باعتبار أننا نعيش هذه الأزمة العالمية، وكذلك ارتباطها ببيئة العمل بشكل أو بآخر، ورغم التحسّن الذي حدث خلال الأعوام السابقة -كما أشرت- في المنطقة ككل وفي معظم بلدانها إلى حد كبير رغم التفاوت النسبي بين دولة وأخرى، والإجراءات التي تتبناها الدول، اليمن حقيقة خلال العام الماضي أخذت إجراءات مباشرة وصارمة فيما يتعلق بتسجيل المشروعات، وبالتالي مرتبة اليمن تحسّنت بشكل كبير، هناك دول أخرى ك"السعودية، مصر، تعتبر من الدول الإصلاحية في مجال بيئة الأعمال، ومع ذلك لم يكن بالإمكان إغفال الأزمة المالية العالمية والتأثيرات الكبيرة لها سواء التي بدأنا نشعر بها أو التي يمكن أن تظهر مستقبلا. نتائج معالم هذه الأزمة وما زالت تتبلور، ولم تتضح بشكل نهائي، وقد قدمت بعض أوراق العمل حول هذا الشأن ومناقشة الموضوع بشكل عام، وكما يعلم الجميع أن الأزمة ظهرت بشكل جلي في الولاياتالمتحدة الأميركية، وانتقلت إلى مناطق العالم المختلفة، وأوربا دون أدنى شك، وآسيا ربما مبدئيا، كما نعلم من التصريحات والتقييمات الأولية أن تأثير هذه الأزمة في المنطقة ما زال محدودا إلى الآن؛ لكن لا يستطيع أحد أن يجزم بشكل نهائي نتيجة بعض الاستثمارات العربية التي اتجهت إلى الأسواق الخارجية (أميركا والاتحاد الأوربي بشكل رئيسي)، وكذلك ما يرتبط بالأوراق المالية، طبعا، تأثرت، كما نعلم ما زال وضعها إلى الآن في تراجع ظهور الخطوط الخضراء بين وقت وآخر ولكن في نهاية الأمر لا بُد أن نترقب ونبحث في الآثار المتوسطة وبعيدة المدى، ومحاولة تخفيف السلبيات التي يمكن أن تصيب اقتصاديات المنطقة مع العلم أن الحقيقة هناك ظاهرة ايجابية أننا استفدنا من التجربة من فائض المالية التي ظهرت في الثمانينيات واتجهت إلى اليورو/ دولار، اعتقد الفوائد في الفترة الأخيرة أيضا جزء لا بأس منها انصب في المنطقة، وهذا قلل بطبيعة الحال من الإشكاليات التي كان يمكن أن تصيب الأسواق المالية رغم أن الجزء الأعظم منها اتجه نحو العقار والمضاربات، وهذا أيضا يعكس هيكل وبنية الهيكلية الاقتصادية في المنطقة التي ما زالت تركز بشكل أساسي على هذه القطاعات، رغم أن هناك مجالات لإنتاج أوسع للاقتصاد الحقيقي ينبغي بالفعل النظر إليه والتركيز عليه، مع ذلك نأمل أن تكون التأثيرات محدودة في أقرب نطاق ممكن -إن شاء الله- ونحاول أن نستفيد بطبيعة الحال مما حصل لتفادي أي صعوبات، اليمن ربما يكون ارتباطه والتصاقه بالاقتصاد العالمي أقل، أيضا حجم الاقتصاد ليس بالاقتصاد الكبير الذي يتأثر بشكل مباشر ..عدم وجود سوق مالية خفف من الآثار السلبية. كما لا توجد استثمارات خارجية بشكل كبير، والاحتياطيات التي لدى البنك المركزي عادة ما توضع في أماكن آمنة في استثمارات أو ودائع بعيدة عن المخاطر، باعتبارها احتياطيات قانونية للبنك المركزي، ومن هنا الحكومة تدرس تبعات هذه الأزمة وتحاول أن تستشرف المستقبل للاستفادة -كما قلت- من الدروس التي يمكن أن تجنبنا كثيرا من الأضرار، وهذا هو الإجراء الصحيح الذي ينبغي بالفعل على محافظي البنوك والمصارف المركزية بالذات أن يستفيدوا منه ويأخذوا ذلك في الاعتبار ويحاولوا أن يتجنبوا مستقبلا الدخول في مخاطر قد تضر ليس فقط القطاع المصرفي أو القطاع المالي، وإنما الاقتصاد بشكل عام. * تزامنت الأزمة المالية العالمية مع أزمة الغذاء، هل هناك جهود عربية مشتركة لمواجهة أزمة الغذاء؟ - الحقيقة أن الأزمات العالمية أزمة الغذاء، العام الماضي، والتي كانت نتاج ظروف مختلفة سواء كانت مناخية في بعض الأحيان ومرتبطة بالجفاف أو بالفيضانات أو بنمو الاقتصاديات بشكل غير طبيعي خلال الأعوام الماضية نتيجة الفوائد المالية التي أدت إلى زيادة الطلب بشكل كبير وظهور اقتصادين كبيرين "الصين والهند"، وما ترتب على ظهور هذين الاقتصادين على الساحة العالمية من زيادة الطلب بشكل كبير، وأيضا في عرض بعض المنتجات خلق حالة من الاختلال وعدم التوازن في كثير من السلع وخاصة السلع الغذائية الأساسية، وكبعض السلع الأساسية المرتبطة بالتشييد والبناء نتيجة النمو الهائل، طبعا هذه أظهرت وبيّنت أوجه القصور والاختلالات في اقتصاديات الدول العربية والمنطقة؛ لاعتمادها بشكل كبير على استيراد السلع الغذائية والسلع الأساسية. وأعتقد أن هذا أيضا درس آخر ينبغي أن نركّز عليه ونستفيد منه، صحيح أن هناك العولمة أدت إلى وجود اندماج اقتصاديات العالم، وضرورة الاندماج، وأيضا فتح الأبواب للتجارة بشكل واسع على مصراعيه، ولكن مع ذلك يعني أخذنا دروسا وعبر وبالذات الدول التي تعتمد أو هي دول مستورد صافي للغذاء، مثل اليمن لا ينبغي بالفعل أن نحافظ أو نستمر على المسار المرتبط باستيراد السلع الغذائية الأساسية بنسبة 95 بالمائة -على سبيل المثال- وإنما على الأقل تخفيض الاعتماد على استيراد هذه السلع بقدر الإمكان، رغم أن هناك قيودا على زيادة الإنتاج سواء كانت المواد إنمائية وهي قضية أساسية، أو قدرة الاقتصاد على التوسع في هذا الجانب، ولكن مع ذلك كانت هناك توجهات على مستوى المنطقة للنظر في العمل الجماعي. واعتقد هذه نقطة أساسية من مسؤوليات الجامعة العربية من خلال آليات العمل العربي الموحد أن تساعد على التنسيق والبحث في أطر جماعية مشتركة تخفف من الأزمات سواء الأزمة -كما أشرت- الأولى، وأيضا الأزمة المالية العالمية، كيف يستطيع العمل المشترك أن يخلق قدرا من الحاجز الذي يمنع حالات ربما الإفلاس في بعض الاحتمالات في هذا الشأن، وبالتالي خلق قاعدة اقتصادية تستفيد من المزايا والفوائد المالية المتاحة في المنطقة، وأيضا تقلص من السلبيات التي يمكن أن تنتج عن الاختلالات في النظام العالمي الحالي أو أية أنظمة يمكن أن تشترك بها المنطقة العربية بشكل أساسي. * بالنسبة لليمن هل هناك تأثيرات للأزمة المالية على اليمن؟ وكيف يواجه هذه المشكلة باعتبار أن اليمن بلد زراعي؟ - كما أشرت- أن اليمن رغم أنه بشكل عام يعتبر القطاع الزراعي قطاعا أساسيا في الاقتصاد الوطني؛ لكن ناتج هذا لقطاع ما زال منخفضا نتيجة تركيبته وهيكليته، وأيضا اعتماده على زراعة "الكفاف" بشكل رئيسي، ولهذا اليمن يستورد جُل احتياجاته الغذائية وهو ما أثر سلبا. الأزمة المالية أثرت سلبا العام الماضي على الاقتصاد اليمني من خلال الصعوبات التي واجهت الغذاء لكن الحكومة اليمنية قامت بمراجعة سياساتها بشكل أساسي في ما يتعلق بالأمن الغذائي، وتم التوجيه أو العمل في عدة مسارات، مسار يتعلق بزيادة التوسع في الإنتاج الزراعي قدر الإمكان، طبعا، لا يمكن الوصول إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي ولكن يمكن تقليص الاستيراد. أيضا كان هناك اتجاه نحو تعزيز التنافسية في الأسواق حتى يمكن الحصول على أفضل الأسعار، وفي الوقت نفسه التعامل أو المبالغة في الارتفاعات السعرية، والتي تنعكس سلبا على المستهلك، فضلا عن التفكير بتوسيع البُنية التحتية المرتبطة بالتخزين، وبالنقل وصوامع الغلال. وغيرها من القضايا التي تساعد على الحصول على المنتج في ذروة موسمه، وبالتالي تستطيع أن تعكس أسعارا مناسبة وملائمة للمستهلك. طبعا اليمن طرح العام الماضي على الجامعة العربية من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي فكرة دراسة إستراتيجية الأمن الغذائي للمنطقة العربية، هناك بدائل، هناك دول مثل السودان لديها مقدرات وموارد طبيعية، يمكن أن يتم الاستثمار فيها، وبالفعل الحصول على إنتاج وفير من المحاصيل الزراعية الغذائية الأساسية وتحتاج إلى متابعة حقيقية حتى لا ننسى الأزمات، بعد أن تهدأ الأمور، ولكن يجب أن نستفيد من الأزمات والدروس التي من خلالها نضع السياسات المناسبة والاستراتيجيات المستقبلية لتفادي أي تكرار لتلك الأزمات. * كيف تعاملت وزارة الصناعة والتجارة اليمنية في الوقت الحالي مع أزمة ارتفاع الغذاء؟ هل هناك دول معينة، مثلا تشترون منها الأغذية بأسعار منخفضة؟ - النظام الاقتصادي هو نظام اقتصاد السوق الحُر، وبالتالي يعتمد على العرض والطلب، ودور أساسي للقطاع الخاص. القطاع الخاص هو الحقيقة المحرك في اليمن، وهو الذي يستورد السلع الغذائية الأساسية. هناك دور محدود لإحدى مؤسسات الدولة (المؤسسة الاقتصادية اليمنية) التي تقوم أيضا بالاستيراد، لكن نصيبها أيضا من السوق لا يتجاوز ال15 بالمائة من سوق السلع الغذائية الأساسية، وبالتالي كان لا بُد بالفعل من التنسيق مع القطاع الخاص، والعمل سويّة للحصول على ضمان توفير السلع الغذائية، وجودها وتوفرها بكميات كافية كان ألهم الأكبر حقيقة؛ لأن عدم توفر السلع هو الذي يخلق الاضطرابات في أسعارها، ومن ثم أيضا البحث عن الأسواق المختلفة، عادة حتى في الأوقات الطبيعية اليمن تستورد احتياجاتها من مناطق مختلفة بالنسبة للقمح بشكل أساسي من مناطق مختلفة ليست مقتصرة على منطقة معيّنة تستورد من الولاياتالمتحدة، من استراليا، من البحر الأسود، أيضا بعض الدول التي لديها فائض في المنطقة العام الماضي كسورية -على سبيل المثال- وبالتالي كان هناك تنسيق مع القطاع الخاص. والقطاع الخاص يعلم بالفعل المصادر والأسعار المُثلى في هذا الجانب، ومع ذلك اضطراب الأسواق يعني هي لا بُد أن تصيب البعض بخسائر، خاصة عندما ارتفعت أسعار القمح إلى قمتها حوالي 600 دولار للطن، ومن ثم تراجعت وانخفضت وأثّرت على بعض المستوردين بشكل سلبي لكن في نهاية الأمر هذه هي التجارة سلبياتها وايجابياتها، والحقيقة أنه -كما أشرت- الدروس المستفادة بالنسبة للحكومة اليمنية تعزيز التنافسية في الأسواق أو نريد أن نرى عددا أكبر من مستوردي السلع، أيضا تجار الجملة والتجزئة بما يمكن بالفعل الاستفادة من مزايا الاقتصاد الحُر في تحديد الأسعار وفق العرض والطلب، دون أن تكون هناك مبالغة لأوقات الأزمات. * معالي الوزير.. إلى أين وصلت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين اليمن والإمارات وبين اليمن ودول الخليج بصفة عامة؟ - الحقيقة، القرب الجغرافي جعل من دول الجوار وبالذات الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية شركاء اليمن التجاريين الأوائل سواء تعلق بالاستيراد أو بالصادرات، طبعا مع استبعاد النفط، وهذا يعني يمثل عاملا أساسيا نستطيع من خلاله أن نعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية، الميزة الجغرافية -كما أشرت- تجارة الترانزيت أيضا واسعة مع المملكة، ومع الإمارات، ونأمل -إن شاء الله- الآن مع بدء إعادة تشغيل ميناء المنطقة الحُرة في عدن وميناء المعلا، من خلال الشراكة مع شركة موانئ دبي، التي استلمت الميناء قبل حوالي أسبوع، وبدأ تشغيله من جديد، هذا بالفعل سيدخل ضمن سلسلة الموانئ التي تديرها شركة موانئ دبي دون أدنى شك، أيضا سيساعد على إنعاش المنطقة الحُرة في عدن واستغلالها الاستغلال الأمثل باعتبار الموقع الجغرافي المتميز لها، ومن خلال تجارة الحاويات لا ينبغي أن نغفل دوره في تعزيز أيضا تبادل تجاري مع الجوار، نريد أن تسعى الحكومة حقيقة لتعزيز الصادرات اليمنية إلى دول المنطقة، بالذات الصادرات الزراعية والسمكية، وأيضا المتعلقة بالأحجار (المحاجر)، بشكل أساسي تتفادى مجالا واسعا، ولهذا نضع خططا وبرامج للعمل على إدماج الاقتصاد اليمني أكثر في اقتصاديات دول المنطقة، دول مجلس التعاون الخليجي، والبحث في عملية التكامل باعتبار هناك مزايا في الاقتصاد اليمني يتكامل مع اقتصاديات المنطقة بما يحقق المنافع للجميع. حجم التبادل التجاري الآن يعني تقريبا تستحوذ دول الخليج على 30 إلى 40 بالمائة من تجارة اليمن، وبالتالي هذه نسبة كبيرة، ويمكن أيضا أن تتعزز أكثر من خلال فتح مجال أبواب الصادرات للمنتجات اليمنية. * ما هي الإستراتيجية التي يعتمدها اليمن لجلب الاستثمارات الأجنبية والعربية؟ - نحن نعتبر أن اليمن بلد واعد، وإلى حد كبير، البعض يعتبره أنه ما زال في مراحله الأولى بالنسبة للاستثمارات في كافة القطاعات المختلفة، سواء تحدثنا عن القطاع الصناعي، والسياحة، وتحدثنا أيضا عن مجالات الزراعة، وكذلك لا ننسى قطاع البترول، وخاصة أنه من بداية العام القادم سيتم بدء تصدير الغاز المسال، وعقد في أبريل 2007 مؤتمر استثمار دُعي إليه عدد كبير، وتجاوز حتى توقعاتنا في الحضور، وخاصة المستثمرين من دول مجلس التعاون. وكان المؤتمر الأول بهذا المقياس، تم استعراض الفرص الاستثمارية المختلفة في اليمن، بالإضافة إلى تواجد عدد كبير اطلع بنفسه على بيئة الاستثمار والإمكانيات المتاحة في هذا الشأن بشكل كبير، والنتيجة كانت مباشرة أننا وجدنا استثمارات على أرض الواقع خلال هذا العام 2008، نحن نروّج للقطاعات المختلفة، وبدأنا إعداد إستراتيجية للاستثمار وخارطة استثمارية، بحيث تساعد على جذب مستثمرين بشكل عام، وفي ظل الفوائد المالية التي تحدثنا عنها سابقا، وكان هناك مجموعة من المشاريع بالذات في التطوير العقاري، ابتداء من شركة "الديار" القطرية لديها مشروع كبير أيضا، شركات إماراتية، هذا مدخل أساسي نعتبره مساعدا على توفير متطلبات الاستثمارات في القطاعات الأخرى، عندما تتوفر بُنى تحتية أساسية يمكن بالفعل نرى أنها ستساعد على جذب استثمارات كبيرة في اليمن في القريب العاجل. * ما هي أهم الدول العربية التي تستثمر في اليمن؟ - المملكة العربية السعودية حقيقة تحتل المرتبة الأولى فيما يتعلق بالاستثمارات، سواء كانت استثمارات سعودية مائة بالمائة، أو مشتركة مع شركات ورجال أعمال يمنيين، وهذه المؤشرات والأرقام تظهر تنامي هذا الحجم من الاستثمار، تليها أيضا الإمارات العربية المتحدة -كما أشرت- أيضا قطر من الدول التي تستثمر في اليمن لديها مشاريع، وأيضا الشركات النفطية متعددة مصادر تمويلها، عربية وغير عربية، هذه مجمل الاستثمارات، ونحنا في نهاية الأمر نأمل عندما تبدأ سوق الأوراق المالية أن تكون أيضا فرصة إضافية لاستثمارات عربية في العديد من الشركات، وخاصة شركات المساهمة. * معالي الوزير انتشرت في الوقت الحالي ظاهرة القرصنة في سواحل البحر الأحمر، ما هو تأثيرها على التجارة اليمنية؟ - الواقع أن القرصنة في البحر الأحمر هي نتيجة مجموعة عوامل -كما نعلم أن عدم الاستقرار في الصومال أحد الأسباب الرئيسية- ولكن أهمية الموقع جزء أساسي وكبير من التجارة الدولية تمر عبر مضيق باب المندب، وله أهمية اقتصادية في هذا الجانب، وبالإضافة إلى الأهمية الجيو- سياسية باعتبار أن مضيق باب المندب خلفيته أو تاريخه يعود إلى حرب عام 73، هذه أهم ابرز الأدوار، أو اعتبار أن البحر الأحمر يمثل بحيرة عربية، وبالتالي كان لا بُد بالفعل لليمن أن ينطلق من موقعه على هذا المضيق الهام والتنسيق مع الدول العربية المختلفة لوضع حد لظاهرة القرصنة، وأيضا تحقيق أمن البحر الأحمر هناك مشاورات مستمرة ونتوقع -إن شاء الله- خلال الأيام القليلة القادمة أن يعقد مؤتمر برئاسة كلٍ من مصر واليمن في القاهرة لبحث أمن البحر الأحمر، ومحاولة وضع معالجات، خاصة أن اليمن يحاول أن يضع حلولا محلية دون أن يكون هناك أي يد طولى للدول الكبرى، تحديدا بشكل عسكري. في تواجد عسكري في المنطقة مما قد يخلق مشكلات وأزمات وصعوبات مستقبلية في هذا الجانب. * ما هو مستقبل العلاقات التجارية اليمنية مع الدول المحاذية لها مثل دول القرن الإفريقي؟ - نحن نتطلع ونعتبر أن منطقة شرق أفريقيا هي الأسواق للصادرات اليمنية؛ لاعتبارات كثيرة، بعضها امتداد تاريخي. اليمنيون منذ العصور القديمة مهاجرون إلى تلك المنطقة، واستقروا في دول شرق إفريقيا، أو خلقوا كيانات تجارية مستمرة إلى اليوم، وبالتالي هذا يعطي اليمن ميزة إضافية تستطيع من خلاله أن تنفذ إلى تلك الأسواق. وعلاقاتنا التجارية مع دول شرق إفريقيا ممتازة غير أنها رغم قِل من الإمكانيات التي يمكن أن تتحقق في حال تعزيز هذا الدور مستقبلا. اليمن حظيت على صفة المراقب في تجمع "الكونسيا"، ونحاول أيضا من خلال التكامل بين منطقة التجارة الحُرة العربية الكبرى أشقائنا في المنطقة المتواجدين في القارة الإفريقية وأيضا في الشرق والجنوب أن نحقق المنافع للجميع بما فيها تلك الدول، ابتداء، وأيضا من خلال الاستثمارات التي نرى إمكانيات أن تُوجّه إلى تلك المناطق لتكامل التجارة والاستثمار بطبيعة الحال وللقُرب الجغرافي يعني لا تبعد الشواطئ الشرق أفريقية عن اليمن كثيرا.. * إلى أين وصلت خطوات انضمام اليمن إلى منظمة التجارة العالمية؟ - الحقيقة نحنا في إطار مفاوضات طويلة ابتدأت من عام 2000 تقريبا مع مجموعة العمل التي تم تحديدها من قبل منظمة التجارة العالمية، مؤخرا في الشهر الماضي التقينا بما يسمى "مجموعة العمل الخامسة" التي هي متعددة الأطراف، وتم الإجابة على بقية الأسئلة التي تم طرحها من قبل المفاوضين، وتحديدا الولاياتالمتحدة الأميركية والاتحاد الأوربي. وأعتقد أننا نستشعر الآن قرب الوصول إلى شبه اتفاق مع الاتحاد الأوربي بدرجة أساسية، وهذه خطوة أساسية بما يمكنا بالفعل من البدء أو الانتقال إلى ما يسمى "مسودة الاتفاقية"، وتحديد الالتزامات التي ينبغي على الحكومة اليمنية أن تتبناها خلال المرحلة الانتقالية على الأقل، ثم بعد توقيع الاتفاقية نأمل في القريب العاجل أن نقطع خطوات أساسية نحو الانضمام، خاصة وأن القضايا المتعلقة لم تعد مثل الحجم الكبير الذي يتطلب فترات طويلة للمفاوضات. * كيف يمكن جعل الاقتصاد اليمني محفزا للاستثمار؟ - هناك متطلبات عديدة بهذا الشأن، ولا يمكن أن ندّعي أن الاقتصاد اليمني أصبح جاذبا بشكل منافس للاستثمار بشكل كبير، ومع ذلك نشعر بالارتياح نحو ورود استثمارات أجنبية خلال الأعوام الماضية، مما يدفع إلى مزيد من الإصلاحات المرتبطة بالجوانب التشريعية. هناك، أيضا، مراجعة لقانون الاستثمار الحالي، وفي الوقت نفسه نحاول -كما أشرت سابقا- أن نضع خطة للاستثمارات، المشاريع الاستثمارية بالإضافة إلى الإستراتيجية، والمحك الحقيقي هو أيضا تحسين وتطوير البنية التحتية. تطوير البنية التحتية في حد ذاته يمثل مشاريع استثمارية ندعو الاستثمارات الأجنبية إلى الدخول فيها، خاصة أن القوانين اليمنية وتشريعاتها هي منفتحة بشكل متكامل على الاستثمارات الخارجية دون أي معوّقات أو محددات تشريعية. القطاع الخاص له مطلق الحُرية أن يدخل في كافة القطاعات الاستثمارية دون استثناء. ولهذا الآن الشراكات التي تعقدها الحكومة اليمنية مع شركة موانئ دبي، مدخل آخر لبنية تحتية على الساحل، أيضاً نبحث عن استثمارات محطات الكهرباء، نريد توليد طاقة كهربائية تتجاوز ال3 آلاف ميجاوات خلال الأعوام الثلاثة القادمة المتبقية من خلال أنظمة ال"بي. أو" و ال"بي. تي"، هناك أيضا مشاريع قروض قيد الدراسة، ونأمل من خلال تعزيز البنية التحتية أن تكون في حد ذاتها أيضا جاذبة للاستثمارات. هناك لدينا -بطبيعة الحال- مناطق صناعية نريد أن يصبح القطاع الخاص شريكا، ويدخل في استثمارات كبيرة لإنشاء مناطق صناعية سواء في عدن أو في الحديدة أو في لحج أو في حضرموت، بالتالي هذا مدخل حقيقي لتنفيذ الاستراتيجيات والرؤى التي يمكن أن تحقق النمو الاقتصادي الذي تستهدفه خطط التنمية الخمسية. * ما هي المشروعات أو القطاعات التي يقبل المستثمرون الأجانب على الاستثمار فيها؟ - الحكومة حددت القطاعات الواعدة بناء على دراساتها للإمكانيات المتاحة في الاقتصاد اليمني، أشرت إلى قضية الأسماك كقطاع واعد لم نبحث ونحاول أن نعقد شراكات -كما أشرت- مع استثمارات أجنبية، مع الأخذ في الاعتبار المحافظة على المخزون أو الاحتياطي من الثروة السمكية من الاستنزاف. لدينا قطاعات "المحاجر" هناك اليمن عبارة عن سلاسل جبلية متعددة ويزخر بكافة أنواع الرخام وأحجار البناء وغيرها من مجالات مختلفة، بما في ذلك ما نشاهده الآن من اندفاع نحو إنشاء مصانع اسمنت -إن شاء الله- في العام القادم سيتم افتتاح ثلاثة مصانع، وبالتالي هناك عدد كبير من الصناعات الإنشائية التي يمكن أن تكون واعدة في الاقتصاد اليمني، صناعات تحتاج إلى بنية تحتية متمثلة في مناطق صناعية، وبالتالي يمكن بالفعل أن نلاحظ الصناعات التكميلية سواء كانت غذائية أو غيرها بما يمكّن من استخدام المواد الخام اليمنية، وتحويلها إلى صناعات قيمة مضافة. بالنسبة للسياحة نحاول أن نقارب أو نتبنى مقاربة مختلفة لتشجيع السياحة في اليمن، من خلال التركيز على السياحة العربية التي يمكن بالفعل أن تكون دافعا وحافزا لارتباط السياحة ببقية القطاعات في الاقتصاد اليمني. الزراعة أيضا، كما نعلم أن اليمن يصدر العديد من المنتجات الزراعية، وإن كنا نرى أننا بحاجة إلى ترشيد أو تحديث المنتجات الزراعية التي تستهلك مياه أقل باعتبار أن الماء عنصر نادر في المنطقة العربية بشكل عام، ولهذا النظرة إلى هذه القطاعات ترتبط بالاستفادة من موقع اليمن، وخاصة المنطقة الحُرة في عدن، الموقع الجغرافي، ويمكن أيضا أن يُترجم أو يتبلور في القطاعات المالية أو المصرفية إلى غير من ذلك. * ما هي أهم المشاريع الصناعية القائمة في اليمن حاليا؟ وما هي المشاريع التي تعملون على تطويرها؟ - المشاريع الأساسية مرتبطة بإنشاء المناطق الصناعية، لدينا أحد عشر موقعا، على امتداد الجمهورية اليمنية و خلال الأعوام القادمة عبر مراحل متعددة نبدأ بالتركيز على إنشاء هذه المناطق وتهيئتها ببُنى تحتية متطورة، تستطيع من خلالها إعادة توزيعها بين صناعات ثقيلة ومتوسطة وخفيفة، هذا هو المدخل الأساسي مع الأخذ في الاعتبار أن كل منطقة صناعية ترتبط بالمزايا التي تقع في حدود نطاقها الجغرافي -على سبيل المثال- منطقة الحديدة باعتبار أن تهامة تمثل 60 بالمائة، من سلاّت الغذاء اليمني، لا بُد أن تركز على الصناعات الغذائية، وغيرها من المناطق بشكل أساسي، أنا اعتقد أيضا أن الأحجار للتشييد والبناء مدخل أساسي ومهم لتوفير صناعات مستقبلية، وليس فقط محلية، وإنما أيضا للتصدير، وهذا يضم إستراتيجية تم إعدادها ويتم العمل على وضعها في خطط تنفيذية. * ما هي البرامج التدريبية التي تضعونها من أجل رفع كفاءة العمالة اليمنية؟ - التدريب هَمٌ حقيقي للحكومة اليمنية منذ سنوات، وخاصة في ظل التغيّر والتركيز على المهارات اليدوية والفنية بشكل أساسي، ولهذا الحكومة أعادت الاعتبار للتعليم الفني والتدريب المهني، التركيز عليه من خلال، إنشاء عدد كبير من المعاهد الفنية بتمويلات من الدول المانحة، وخاصة الدول الشقيقة المملكة العربية السعودية على رأسها؛ لكن الآن يتم استكمال هذه المعاهد التي بالفعل ستعيد تركيبة العمالة اليمنية للانتقال من التعليم العالي إلى التعليم الفني والتدريب المهني، ونأمل أن تكون هذه العمالة نواة بالفعل لتحل محليا محل العمالة غير المدرّبة، وفي الوقت ذاته يمكن أن تصبح منافسة للعمل في دول الجوار. * تعرض اليمن في الفترة الأخيرة إلى سيول، ما هو تأثير آثار هذه السيول على التنمية الاقتصادية في اليمن؟ - الحمد لله على قضائه، الحقيقة هذه سيول غير معتادة وبالذات في هذا الوقت من السّنة، ولكن نتيجة المنخفض الجوي هطلت الأمطار لفترة تتجاوز ال48 ساعة بالمنطقة الشرقية لليمن، في محافظتي حضرموت والمهرة، بشكل أساسي، وتضرر وادي حضرموت باعتباره واديا زراعيا، وأيضا سكان القرى المتناثرة في الوادي تضررت بشكل كبير، ولكن تم الجهد للإغاثة وكانت موفقة والحمد لله، والآن يتم تقييم الأضرار بشكل كامل بالتعاون مع البنك الدولي. وهناك تقارير أولية في هذا الجانب بحدود المليار دولار؛ لكن ما زال في مرحلته الأولية، تضرر في البنية الأساسية حقيقة البني التحتية من طرق وجسور والكهرباء ومشاريع المياه ...الخ.