كيف يمكن أن نبني وطناً وحتى الآن لم نقم بإزالة بؤر الاحتقان والتوتر وننزع فتيل الخلافات والأزمات التي تتزايد يوماً بعد آخر بدلاً من أن تتلاشى وتنتهي، فالمعروف أن بناء الأوطان وتنميتها لا يمكن أن تحدث في ظل هكذا أوضاع متوترة بل تتطلب بيئة آمنة مستقرة ووفاقاً واتفاقاً بين مختلف القوى السياسية حول الوطن القضية الأهم التي يجب أن تكون محل إجماع بين كافة القوى المكونة للنسيج الاجتماعي والسياسي للبلد. فما نجده على الساحة السياسية في بلادنا أن هناك تباينات وقضايا ثانوية لا تزال هي المسيطرة والمتحكمة بالعلاقات بين مختلف الأطراف السياسية، بينما القضية الأهم التي تتمثل بوجود دولة قوية آمنة مستقرة تتمتع بمقومات وسبل العيش اللائق والحياة الكريمة للجميع للأسف لا تزال غائبة أو مغيبة لدى النخب السياسية في الوقت الذي تستحوذ فيه الخلافات الهامشية التي تُعد عقبة كأداء أمام تحقيق الهدف الأهم وهو مصلحة البلد وأبنائه على كل الاهتمام. يعقد الكثيرون عديد الآمال على مؤتمر الحوار الوطني القادم وما سيتمخض عنه من نتائج لإخراج البلد من دوامة الأزمات التي يعاني منها، لكن هل يمكن أن نعول عليه في الخروج بنتائج إيجابية تحقق الأهداف والآمال والتطلعات المرجوة منه خاصة في ظل الخلافات التي لا تزال قائمة في الساحة الوطنية وتقف أمام إمكانية حدوث أي اتفاق أو توافق بين القوى السياسية؟! إن الشرط الجوهري لضمان حوار وطني ناجح وإيجابي يتمثل في ضرورة تهيئة الأجواء والمناخات العامة وإيجاد نوع من التوافق والتقارب بين المتحاورين قبل الشروع في الحوار، ودون تحقق هذا الشرط إنما يعني فشل الحوار بل قد يؤدي إلى المزيد من الاختلافات والتناقضات وتعميقها بدلاً من إحداث التوافق والتقارب، وهذا هو أشد ما نخشاه خاصة وأن اهتمامات الأطراف السياسية لا تزال متباينة تماماً، وينطبق عليها المثل القائل : »كلٌّ يغني على ليلاه«، حيث كل طرف لا يزال منشغلاً بقضاياه الخاصة على حساب القضية الأهم المتمثلة في الوطن ومصلحته العليا. نقلاً عن صحيفة تعز