لا يمكن في أي حال من الأحول الحديث عن محتوى القضية الجنوبية ومظاهرها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بعيداً عن جذورها التاريخية ولا يمكن اعتبار حرب 1994م هي جذر القضية، ولهذا علينا أن نعود القهقرى إلى ما قبل الاستقلال إذ بإمكاننا النظر إلى أربع مراحل أساسية لمستوى الهيكل السياسي لشكل الدولة على مستوى الجغرافيا: 1- مرحلة ما قبل الشكل الكامل للدولة حيث أن الجنوب قبل 1959م كان عبارة عن مشيخات وسلطنات صغيرة تحكمها الأعراف المستمدة من التراكم الثقافي والتشريع الإسلامي. 2- الجنوب العربي : وهو عبارة عن اتحاد فيدرالي لمشيخات الجنوب وسطناتها يستثنى من ذلك السلطنة القعيطية والكثيرية في حضرموت حيث أن هاتين السلطنتين لم تقبلا بالدخول ضمن الاتحاد المسمى بالجنوب العربي الذي يدخل ضمن ما كان يسمى بالكمنولث وهي المستعمرات البريطانية في آسيا وخصوصاً الهند وما يؤمَّن طرقها 3- المرحلة الثالثة: وهي المرحلة الممتدة من 1967م إي منذ الاستقلال الوطني وفقاً لاتفاقية جنيف حتى عام 1990م أي عام الوحدة.. هذا هو الشكل الهيكلي أو الجيوسياسي للجنوب وهذا يقودنا للحديث عن الأبعاد: أبعاد القضية الجنوبية 1- البعد السياسي:- ولا بد أولا من الحديث عن البدايات الأولى لممارسة الحكم في المحافظات الجنوبية، حيث كانت البداية عشية إعلان الاستقلال، وتأسيس جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية على أنقاض ثلاث وعشرين سلطنة ومشيخة وإمارة، وإذا كان يحسب للجبهة القومية أنها وحدت تلك الدويلات في دولة واحدة، فإنه يحسب عليها ممارسة أسلوب الإقصاء والتهميش والانفراد بالسلطة وتنصيب نفسها قائداً ثورياً وحاكماً وحيداً ومطلقا لتلك الدولة الوليدة، وذلك ما جاء تأكيده في بيانها الصادر يوم الثلاثين من نوفمبر عام 1967م الذي جاء فيه: (التنظيم السياسي الجبهة القومية هو قائد الثورة والسلطة الفعلية والعلياء وهو التنظيم السياسي الوحيد في الجمهورية وتقوم القيادة العامة للجبهة القومية بوظيفة السلطة التشريعية حتى يتم إعداد دستور مؤقت للجمهورية،) ومع تسلمها للسلطة بدأ مشوار الصراع الداخلي بين أفراد الجبهة القومية نفسها، وانحرفت بوصلة الثورة من نشاط دائب لمصلحة الوطن إلى صراع دموي خاضه الجناح اليساري في الجبهة القومية بمهارة فائقة ضد القوى السياسية التي تم الالتفاف عليها وضمها قسرياً في منتصف السبعينيات، وقد نجم عن ذلك الإلحاق القسري والضم المفروض أطول صراع دموي عاشته المحافظات الجنوبية منذ الاستقلال حتى نوفمبر 1989م، ومع ذلك الصراع تفرقت الأيادي وتواصلت سلسلة التصفيات وغدا الذين وهبوا أرواحهم عن إيمان عميق بالثورة وكفاح دؤوب ضد الاستعمار، ضحايا لذلك العنف دون سبب جوهري يذكر، إلاّ اعتقاد الجبهة القومية أنه لا يمكنها تأسيس هذه الدولة إلاّ بواسطة الثوار والمناضلين الشرفاء من منتسبيها فقط !! وباستبعاد مشاركة غيرهم من الآخرين، ولهذا كانت المهمة الأولى تتمثل في استبعاد الآخرين، ليس من المشاركة فقط بل من أرض الجنوب ومن الوجود أحيانا أخرى، إذا ما اقتضت مصلحة الثورة ذلك، وشكلت هذه المهمة مرحلة أولى في دورات العنف والصراع على السلطة ولم تتمكن الجبهة القومية من تحقيق أي نوع من الاستقرار السياسي حتى بعد أن تحولت إلى حزب طليعي من طراز جديد .. فقد جرى في غضون ذلك أن أقدم هذا الحزب على اغتيال الرئيس أحمد حسين الغشمي ليوفر بهذه الجريمة غطاءً للإطاحة بالرئيس سالم ربيع علي في واحدة من أكثر دورات الصراع على السلطة وحشية وفظاعة، إذ أزهقت معها أرواح المئات من البشر وتركت أخاديد عميقة في نفوس الناس ومشاعرهم، ولكن هذه المذبحة لم تكن هي نهاية المطاف، حيث ما لبث ذلك الصراع أن يعود مجدداً ليبلغ ذروته في أحداث يناير 1986م، التي عصف طوفانها بأرواح أكثر من اثني عشر ألف مواطن وفتح في ضمير هذا الوطن جراحاً غائراً لم يتوقف نزيفه حتى اليوم، وفضلاً عن هذه المحصلة من نتائج العنف السياسي والصراع الدموي على السلطة، فقد جرى قتل وسلخ وتعذيب واعتقال وتشريد عشرات الآلاف من المواطنين، وذلك في سياق التطبيق المتهور للسياسات الثورية. حيث أدَّى ذلك الصراع السياسي الذي جعلته الأيديولوجيا أكثر حدَّةً وعنفاً، إلى حالةٍ من الإقصاء والاغتيالات والسجون والإعدامات، وكان الصراع أحياناً يتطور إلى صراع دموي على شكل انقلابات مسلحة مثل حركة 22 يونيو التي وضعت الرئيس قحطان الشعبي تحت الإقامة الجبرية والتخلص من جبهة التحرير عند الاستقلال أي قبل ذلك وأحداث 1978م التي أدت إلى قتل الرئيس سالمين ثم أحداث 13يناير 1986م التي كانت الضربة القاصمة التي أدَّت إلى إضعاف الحزب الاشتراكي اليمني وبقي مفككاً ويعانى حالة من الصراع الداخلي والضعف الشديد وعلى الرغم من أن الصراع كان يُسوَّق على أسسٍ أيديولوجية إلا أنَّه تحَّول إلى صراع مناطقي واضح وصريح في أحداث 13 يناير التي قُتل الناس فيها على ضوء بطاقة الهوية، وهربت الكثير من القوى السياسية إلى شمال الوطن، إضافة إلى القوى التي هربت إلى الشمال غالبا منذ الاستقلال وما تلى تلك الأحداث حتى يوم الوحدة المباركة، وقد سُلبت هذه القوى كل حقوقها وأملاكها. وصلت القوى السياسية المسيطرة في الجنوب إلى حافة الهاوية نظرا لصراعها الداخلي ونظرا لفقدانها لسندها المرجعي وهو انهيار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي بشكل عام. وانهيار الاقتصاد الوطني وتضخم المديونية، ووصلت القوى السياسية المسيطرة في الشمال التي كانت هي الأخرى ترحِّل ازماتها إلى نقطة اللاعودة، فلم يكن أمام هاتين الدولتين الفاشلتين إلا الوحدة التي مثلتْ ملاذا أمنا بامتياز، فسُلقت الوحدة على عجلٍ وكأن الطرفين السياسيين كانا يهربان من شيء ما يلاحقهما، فلم تكن الأسس التي بنيت عليها الوحدةُ ضامنةً لاستمرارها، ولم تكن النوايا سليمةً تماما، بل إن كلَّ طرفٍ كان يتربَّصُ بالآخر ريب المنون، إذ كانت القوى الجنوبية ترى نفسها أكثر تنظيماً وأنها هي التي ستسيطر على السلطة، وكانت ثقتها بمقدرتها السياسية مطلقة ولا ترى في الشمال الا طرفا متخلفا تطحنه الصراعات، وتناستّْ أن هناك ثارات تنتظرها من قبل قوى كانتّْ قد تضررت من إجراءاتها ومن الصراعات السابقة، وهي قوى فاعلة سياسيا وخصوصاً بعد الوحدة، إذ أصبحت في موقع صناعة القرار، وهناك سلطة شمالية ما زالت تفكر بعقلية المنتقم من السلطة الجنوبية التي هزمتها في حربين، وكبدتها هزائم عسكرية وسياسية كبيرة بفعل الجبهة الوطنية الديمقراطية التي كانت تتبع الحزب الاشتراكي في الجنوب.. وقد كان أول مظهر من مظاهر هذه الإجراءات أن السلطة الشمالية بدأت الممارسات العدوانية التي ظهرت على السطح على شكل اغتيالات مستفزة للطرف الجنوبي، وممارسات عدم الامتثال للقادة الجنوبيين على مستوى القوى العسكرية والأمنية والمدنية، فوجد الطرف السياسي الجنوبي نفسه في وضعٍ لا يُحسد عليه ، فبدأ يفكر بالتراجع عن الوحدة خصوصاً عندما فشل على مستوى الممارسة السياسية أو الانتخابات التي لم يكن يتصور نتائجها مطلقاً، أو لعل القوى التي تحالفت ضد الماركسيين هي التي دفعت ذلك التيار إلى الزاوية الضيقة وأصبحت خياراته السياسية قليلة الحظ، فكانت النتيجة المنطقية لهذه الوحدة التي لم تحصِّن نفسها بمنظومة قانونية وسياسية، ولم توحد جيشها، هي حرب 1994م التي كانت نتيجةً وليست سبباً ، لكنها أصبحت فيما بعد من أهم أسباب القضية الجنوبية فحرب 1994م بهذا المعنى كانت نتيجةً وسبباً أي جذراً ومحتوىً. خلال هذه الأشكال الجيوسياسية الثلاثة قامت القوى الوطنية بأشكال مختلفة من نضالها ضد الاستعمار ومحاولة طمسه للهوية اليمنية للجنوب مثل تسميته بالجنوب العربي.. وكانت من أول مهام الحركة الوطنية إعادة الهوية اليمنية للجنوب والاستقلال الناجز، فكانت الحركات حينما تسمى نفسها تضيف إلى كلمة الجنوب كلمة اليمن مثل: - الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل. - جبهة التحرير لتحرير جنوب اليمن المحتل. - الجبهة الشعبية لتحرير جنوب اليمن المحتل. - وغيرها من الحركات التي تشكلت غالباً في عدن. لم يكن المنتصر في حرب 1994م يعي ما يقوم به من ممارسات سلوكية لا علاقة لها بالوطنية إذ فرضتّْ القوى الانتقامية أجندتها بالسلب والنهب لكلِّ شيءٍ أثناء الحرب وبعدها واتهام الاخر بالانفصالي... ثم حدث الإقصاء لكل القوى التي وقفت في الطرف الذي هُزم في حرب 1994م على كل المستويات، ولعلنا لسنا بصدد تعداد ما حدث من مظالم.. وقد كان لتزوير الانتخابات التي تلت الحرب الدور الأكبر في إيصال الجماهير إلى مرحلة اليأس، والبحث عن طرق جديدة للنضال وخصوصاً الانتخابات التي فشل فيها بن شملان2006م ومن مظاهر ذلك التصرف كان ظهور الحراك الجنوبي الذي كان ظهوره نتيجة منطقية ومسوَّغة كشكل جديد للنضال خارج إطار الصندوق الانتخابي الذي لا يقبل القسمة إلا على واحد.. فاندفع مع الحراك السلمي الكثير من القوى والشخصيات التي تمردتْ على أحزابها نتيجةً ليأسها من إزالة الظلم بواسطة التغيير الانتخابي 2- البعد الاقتصادي: شهدت المحافظات الجنوبية تركيبة اجتماعية جديدة قامت على الأساس الطبقي الذي تأسس عليه نظام الدولة استناداً إلى نظرية الاشتراكية العلمية (الماركسية اللينينية) المبنية على الصراع الطبقي، وقد تم توزيع المجتمع إلى طبقات فيما يعرف بمرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية تحت شعار (تحالف العمال والفلاحين) باعتبارها الطبقات الأساسية التي تقوم بمهام البناء الاشتراكي في تلك المرحلة، وتبعاً لهذا تأجج الصراع الطبقي بين الفلاحين الفقراء، وملاك الأراضي، وانطلقت الانتفاضات الفلاحية لتجتاح كافة مناطق المحافظات الجنوبية، في أكبر عملية نهب منظم لممتلكات الناس ومصادرتها من تحت أيديهم بدون وجه حق، وقد أفرزت هذه العملية واقعاً طبقياً جديداً تمثل في إظهار طبقة جديدة سميت (الإقطاع) وهم من تمت مصادرة أراضيهم ونهبت ممتلكاتهم، كما ظهرت طبقة البرجوازية الصغيرة والتي كانت مهمتها القضاء على أصحاب المتاجر والمحلات التجارية أثناء تطبيق قوانين التأميم، التي صدرت ضد من يسمونهم البرجوازية الكبيرة، أو الرأسمالية، وهكذا بدأت عملية التأسيس للواقع الاجتماعي الثوري الذي أوجد فئات اجتماعية، ونكل بفئات اجتماعية أخرى، لتبدأ مرحلة الصراع على أساس هذا التقسيم، وتعمقت مظاهر الحقد والكراهية بين أفراد المجتمع. وهذا أدى الى أن تمارس هذه القوى المنكَّلُ بها بعد عودتها بعد حرب 1994م سلوكا انتقاميا ممن ظلموها بوصفها جزءا من الطرف المنتصر في الحرب، فأخرجت الناس من مساكنهم ورمت بهم في الشارع، بحجة أن هذه المساكن من أملاكها، وهي كذلك فعلا، وهو سبب من أسباب ظهور طرف انفصالي أكثر تطرفا وعنفا في الحراك الجنوبي فيما بعد لقد كان لشكل الاقتصاد الماركسي الذي جاء ليقوض اقتصادا برجوازيا، كان يسير بخطاً ثابتة ومؤسسَّية، نظراً لما قامت به المملكة المتحدة من تنظيم لشكل الاقتصاد الذي استغلَّ كثيراً من موارد البلد بشكل جيد وعمل بعض الصناعات التحويلية كالمصفاة كما عمل حوض السفن وعمل المنطقة الحرَّة.. هذا الاقتصاد أدَّى إلى ظهور طبقة شبه برجوازية تتمتع بامتيازات خاصة، وشهدتْ عدن ازدهارا لم تشهده مدينة عربية أخرى.. جاء الاقتصاد البديل ليهدم كل هذا.. وهو لا يملك البديل محاولاً عبثاً أن يعمل قطاعاً تعاونياً بديلاً له، لكنه فشل تماماً، وحاول أن يعمل قطاعاً عاماً ولكنَّهُ فشل أيضاً، فتراجعت مصفاة عدن وحوض السفن والميناء وتصدير الملح والسمك وزراعة القطن وأصبح الاقتصاد الجنوبي يعتمد على ما تبقَّى من نشاط المصفاة وتسويق السمك والملح وعلى الهبات التي تأتيه من العالم الاشتراكي، وفي فترة متأخرة من دول الخليج. هذا هو ما أدى إلى هروب الكثير من التجار والرأسمال الوطني إلى الخارج؛ إلى الشمال ودول الخليج، وحين جاءت الوحدة كان أهم مظهر أفرزوه الاقتصاد المتخلف والجبري: أن المجتمع في الجنوب يعيش حالة من الفقر المدقع على المستوى التجاري والرأسمال الوطني للقطاع الخاص، فكان من الطبيعي أن يسيطر الشمال على الجنوب، وكان من الطبيعي أن يشعر الجنوب بأنه ظُلم وسيطر الشمال عليه، وهو شعور طبيعي ونتيجة منطقية، وكان يفترض على دولة الوحدة أن تراعي هذا الفارق المهم الذي ما زال أثره شاخصاً حتى اليوم أضف إلى ذلك أن المجتمع في الشمال يمثل تجمعاً بشرياً هائلاً بالنسبة للجنوب وهذا المجتمع يملك المهارات الفنية والتقنية والطاقات البدنية التي لم يمتلك شعب الجنوب الذي حوله الاقتصاد الماركسي إلى قوة عاطلة عن أداء أي نشاط اقتصادي ذا جدوى فعندما سيطر العنصر الشمالي على كافة المهن والحرف كان من الطبيعي أن يتولد عند الجنوبيين إحساسهم بالظلم والسيطرة من قبل الشمال وهو مظهر طبيعي لما سبق تعليله، وهذه الخصوصِّية لم تراعها دولة الوحدة كما أن الرأسمال الشمالي احتكر كل شيء بحكم علاقته بمراكز القرار، فاغتنى الرأسمال الشمالي على حساب افتقار الجنوب ومستضعفي الشمال من عامة الشعب. 3- البعد الاجتماعي:- لا شك أن الصراعات التي تناولنا جزءا منها كان لها كبير الأثر في تصدع النسيج الاجتماعي الجنوبي وما زال المجتمع يعاني منه حتى اليوم وما زالت بعض القوى تستجر ذلك الماضي لأنه من الصعب بتر الحاضر عن الماضي، فهذا التمزق الذي شهده النسيج الاجتماعي على أسس أيديولوجية، كما حدث أبان الاستقلال مباشرة أو على أسس أيديولوجية مناطقية، كما حدث في 13 يناير 1986 أو ما حدث في حرب 1994م ويظهر هذا التمزق الذي ظل يجر نفسه، أو أن كثيرا من القوى ظلت تستجره، في صراع القوى الجنوبية في إطار الحراك الجنوبي الذي ما زال يستجر المناطقية وإن أوهمنا بالتصالح والتسامح الزائف، ويظهر أحيانا بين التيارات السياسية الجنوبية التي تختلف على أبسط الأمور. 4 البعد الثقافي: وقد كان للثقافة الإيديولوجية الماركسية أثرها على مستوى السلوك الإنساني الذي حاول أن يعزل المجتمع عن جذوره العربية الإسلامية ويشطح ليكون أممياً وها هو اليوم يتخلى عن أمميته ليفكر بشرذمة الجنوب إلى دويلات كما هي الدعوات صريحة بفصل حضرموت أو عدن أو حتى تهامة أو تعز، هذه المناطق التي أصيبت بالعدوى الجنوبية. هذه الثقافة التي لم تراع الخصوصية، والهوية الإسلامية للمجتمع، وأفسدت المجتمع ولكنها كانت سبباً لظهور قوى أخرى تناهض هذا الفهم الفاسد المفسد، وكلنا نعلم أن القوى الدينية التي هُمِّشتْ واضْطُهِدَتْ هي القوى نفسها التي كانت أحد أسباب انهزام القوى السياسية الماركسية في صيف 1994م وهذا النوع من السلوك الثقافي الدخيل أدَّى إلى ظهور الحركات المتطرفة كالقاعدة وأنصار الشريعة وظهور انقسام في نسيج المجتمع ما زالت أثاره باقية إلى اليوم وما زالت بعض القوى وبعض الشخصيات تستهتر بالدين حتى اللحظة، وترى فيه مصدر قمعها وقد تظهر هذه القوى في الأيام القادمة بطريقة أكثر تطرفا وأثر شطحةً، وسيكون الفكر وسيلتها في الصراع مع الآخر، وكل ذلك مستمد من الماركسية التي ترى في الدين مصدر شقاء البشرية. وبإمكاننا رصد أهم المظاهر للقضية الجنوبية:- 1- الإحساس من قبل القوى التي طردت من الجنوب. 2- الصراعات التي ظهرت في كل منعطفات التاريخ 3- تضرر طائفة كبيرة من أسر ضحايا تلك الصراعات 4- ظهور طائفة من المتضررين من الأقصاء من الوظيفة والمنصب مما زاد في حجم البطالة3 5- ظهور عصابات التقطع والسلب 6- الذهاب نحو القوى المتطرفة 7- انتشار تجارة المخدرات 8- التهريب 9- الاغتراب المشروع وغير المشروع 10- الإحساس بالمرارة من قبل الرأسمال الوطني الذي اضْطُهِدَ وطُرِدَ من الجنوب. 11- الإحساس بالظلم من قبل القوى السياسية التي همشت وقهرت من قبل الحزب الاشتراكي. 12- الإحساس بالظلم من قبل القوى الدينية التي قهرها النظام وشوهتها الأيديولوجيا الماركسية. 13- ظهور قوى عسكرية ومدنية كبيرة مطرودة في الشمال وخصوصاً بعد 13 يناير. 14- الشعور بالظلم جراء حرب 1994م التي يترتب عليها:- أ) نهب منازل. ب) نهب أراضي. ج) طرد من المناصب. د- طرد من السلك العسكري. كل هذا أدى إلى ظهور قوى عاطلة عن العمل شكلت مشكلة كبرى. 15- الشعور بمرارة الهزيمة والرغبة في الانتقام. 16- السيطرة التجارية 17- السيطرة المهنية. 18- الشعور بعدم المواطنة المتساوية. 19- التوزيع غير العادل للسلطة. 20- التوزيع غير العادل للثورة. 21- الاستفزاز الذي ظلت تمارسه القوى العسكرية ضد الناس. 22- التغني بالانتصار الذي ظل يستفز المجتمع في الجنوب. 23- تزوير الانتخابات وتدخل الأطقم العسكرية لفرض هيمنة الرشاش على الصندوق. 24- وضع الكثير من العناصر الفاسدة الجنوبية على سدة الحكم. 25- تدمير القطاع التعاوني 26- تدمير مؤسسات الدولة الاقتصادية. 27- أحساس الجنوبيين بتحامل القوى الدينية عليهم من خلال اتهامهم بالكفر وتصدير الفتاوى التي رَوَّج لها الكثيرون.