كم مرات كتبت عن المظاهر المسلحة التي تجوب شوارع العاصمة صنعاء وكأننا نعيش في منطقة اقتتال أو في مدينة ملغومة بحرب عصابات!!.. وفي كل مرة أكتب عن ذلك استشهد بموقف أو مواقف حدثت في العاصمة وكان فيها صوت الرصاص ملعلعاً والأرواح تغادر إلى الدار الأخرى بسهولة ودون استئذان!. ماذا أحدثكم؟! عن السلاح والمدججين به ومن يستخدمونه في «أتفه» المواقف ومن يزهقون برصاصاته أرواحاً كثيرة وبلا حساب؟!. كثيرة هي الحوادث، وجولة الحباري التي يسمونها جولة «الموت» تشهد كم مرات حصل فيها إزهاق للنفوس تحت مبرر ما يقولون عنه "ثأر"!!. وحتى شارع المطار في جانب وزارة الداخلية لم يسلم من ذلك، وإذا أردتم حسبة صحيحة؛ ارجعوا إلى عمليات الأمن لتعرفوا كم الذين قُتلوا في شوارع الأمانة. والأشد مرارة والأكثر ألماً أن يأتي الشيخ الفلاني أو القبيلة العلانية إلى الأمانة؛ عاصمة الدولة لأخذ الثأر من «غريمه» وينتقل العداء أو الثأر من الريف أو من القرية إلى داخل الأمانة وبشكل استفزازي لم أعد أعرف ما معناه؛ هل هو تحدٍ للدولة وللأمن، أم هو استعراض قوة وقدرة؟!. والأغرب من ذلك كله أن ينتشر رجال النجدة والأمن المركزي والشرطة العسكرية في كثير من الشوارع وعند الجولات في حملات تفتيشية مفاجئة ويستفز «بعض» الأشاوس المواطنين «المساكين» وأحياناً يمشطون سياراتهم، وفي الوقت نفسه تمر شخصيات أو وجاهات من الوزن الثقيل بسيارات تحمل المرافقين المدججين بالأسلحة ولا نجد من يقول لهم: "على جنب أو إلى أين؟!". شخصياً فقدت الأمل في أن يصلح حال العاصمة، وأصبح عندي من المستحيلات أن يأتي اليوم الذي لا أشاهد فيه مظاهر مسلحة، فهي مكملة لما هو موجود من صخب وعشوائية وشوارع «مكسرة» وضوضاء وعبث وعدم احترام لإشارات المرور ولآداب التعامل وتعليمات المحافظة على النظافة!. حتى الدكتور/رشاد العليمي، نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية رغم كل ما يبذله من جهد وحرص وجد نفسه أمام مشكلة كبيرة حلولها صعبة وبحسه الأمني وأبعاده المنطقية رأى أن محافظة عدن هي الأنسب لاستضافة «خليجي20» لأنها مدينة خالية من السلاح، منظمة، مرتبة، وحزام الأمان أثناء قيادة السيارة «أبسط» شاهد إثبات على نجاح التعامل الأمني بقيادة الشاب الأنموذج/عبدالله قيران، والتزام وتفهم الآخرين. ولأني لست من المتشائمين إلى حد اليأس؛ فقد جاء ما يبشر وما يدعونا لأن ننتظر الفرج بعد طول الانتظار، حيث صار بوسعنا أن نتخيل أمانة العاصمة خالية من السلاح حتى وإن كان هذا الخيال له علاقة بخيال وأحلام النوم. وزارة الداخلية خرجت عن الصمت أخيراً، وبدلاً من أن تتفرج كالعادة على ما يحدث من تراشقات بالرصاص ما بين فترة وأخرى، وما يحصل من حروب ساخنة على الأراضي، وملاحقات مسلحة في الشوارع الرئيسة تحت داعي الثأر؛ هاهي تتخذ أولى الخطوات الصحيحة باتجاه عاصمة دون سلاح. ولا أظنها ستخسر الرهان إذا ما رافقت «المنع» إجراءات صارمة وعقوبات شديدة؛ خاصة مع الوجاهات والمسؤولين والمشائخ وأبنائهم وفي إطار ما هو محدد وواضح في القانون. ربنا يعينك يا دكتور رشاد، أنت أمام مهمة أعتبرها صعبة، ونجاح وزارة الداخلية في إيجاد الأمن والأمان رغم الكثير من المنغصات وفي محاصرة «الأرهاب» رغم شبكاته يدفعنا لأن نتفاءل بنجاح قادم في ما يخص الأسلحة. وللتدليل على أن بالإمكان أفضل مما كان؛ أؤكد لكم أنني استبشر بإعلان وزارة الداخلية حول منع حمل السلاح في العاصمة وجميع عواصم المحافظات. وفي اليوم الثاني هاتفت أحد الأعزاء على قلبي وهو شيخ من قبيلة شهيرة، وقلت له: "أيش أخبار المرافقين والأسلحة حقك؟!". فقال لي: نحن مع الإجراءات الرسمية ونحترمها، وقد أمرت المرافقين بوضع أسلحتهم في المنزل وامتثلنا للقرار، وما نتمناه هو ألا تكون هناك استثناءات أو مجاملات لبعض القيادات وأبنائهم، وأن نشعر بالأمان الحقيقي!!. [email protected]