بين يدي قضيتان سبق لي أن كتبت عنهما مراراً وتكراراً دون جدوى، واليوم سأعيد الكرة من باب أن الذكرى تنفع المؤمنين.. القضية الأولى، تتعلق بمشكلة المرور في أمانة العاصمة، والأزمة المرورية التي تقع على عاتق رجال المرور والمواطنين، ويبدو أن الحديث عن أزمة المرور سوف يستمر حتى تتحول المشكلة من مشكلة مرورية إلى مشكلة سياسية. كنا بالأمس نشكو من ضيق الشوارع وعدم وجود مواقف للسيارات، لكننا اليوم أمام ظاهرة جديدة، تتمثل بغلق الشوارع وضرب الخيام الخاصة بالأعراس وتعاطي القات على حساب حركة المرور!!. بالأمس كانت الخيام تنصب في الشوارع الفرعية، لكنها اليوم أصبحت تنصب في الشوارع الرئيسية، وما حصل يوم الخميس يعد انتهاكاً للعقل والحق العام والقيم والأخلاق، فقد فوجئ الناس بزحمة شديدة في شارع الدائري الغربي، وتوقفت حركة السير، وحدثت مشادات بين أصحاب السيارات، وكانت المفاجأة أن الدائري أغلق بسبب عرس نصب في هذا الشارع الذي يعاني من ازدحام طوال الليل والنهار. كنا نتكلم عن المشكلة المرورية بوصفها مشكلة مجتمعية، الكل فيها يعاني، والكل فيها متسبب، وفي القريب العاجل ستتحول إلى قضية سياسية، وسنجد أحزاب المعارضة تستغلها في تثوير الناس ضد الدولة. وعلى هذا الأساس أردنا أن ننبه القائمين على التخطيط الحضري ورؤساء المجالس المحلية في المدن الرئيسية والمرور إلى تدارك الوضع قبل أن تسيّس قضية المرور وتتحول إلى جدل ومناظرات وتبادل الاتهامات على النحو الذي صارت إليه كثير من قضايانا السياسية المطروحة على طاولة الجدل. ومهما يكن، فإن مسألة إغلاق الشوارع ونصب الخيام بهدف تعاطي القات مسألة لا يمكن السكوت عنها، وأمين العاصمة مسئول عن ذلك مسئولية مباشرة؛ لأن الأمر له أضرار اقتصادية وصحية وأخلاقية، فقد أصبحت حركة السيارات داخل الأمانة محدودة ومتدنية تهدر موارد وتنهار صحة الإنسان، بسبب ارتفاع الضغط والسكر. وتبرز للواقع سلوكيات لم يعتدها الشارع اليمني من قبل، ونصب الخيام في الشوارع ينتج عنه تدمير لهذه الشوارع من خلال الحفر ونقل الأتربة ومخلفات آدمية أثناء المقيل، إضافة إلى تعطيل حركة المرور. وهنا أقول للأخ أمين العاصمة: أليس من حق المواطن اليمني في هذه العاصمة أن ينعم بسيولة مرورية، وهذه مسئولية أمانة العاصمة في أن تمنع ضرب الخيام في الشوارع واستفزاز الناس؛ حيث يجلس البعض تحت هذه الخيام لتعاطي القات؛ ويذهبون في خدرهم بينما البعض يعاني في الشوارع الفرعية من أجل الوصول إلى منازلهم أو أعمالهم؟!. لقد خالف المجلس المحلي دوره الذي قام من أجله، وغيّر مفهوم المواطنة ودمّر الشعور بالحق والواجب. على الحكومة أن تتدخل لحماية الشوارع، فلماذا تتحمل خطأ أصحاب البيوت والعقارات الذين لا يوفرون أماكن وقوف أو انتظار، هل يعقل أن يبني مواطن عمارة ويفتح فيها دكاكين أو سوقاً أو مكاتب دون مكان واحد لانتظار السيارة؟!. وهل يعقل أن يؤجر أحدهم خيمة في وسط الشارع ويستلم مقابل ذلك مئات الآلاف؟! نعم هذا ممكن في أمانة العاصمة؛ لأن الشوارع متاحة وليس لها صاحب، وهكذا تحولت شوارع أمانة العاصمة إلى أماكن لوقوف السيارات، وما بقي منها يستخدم في خيام الأعراس!!. أما القضية الثانية فهي مطروحة أمام الأخ محافظ محافظة تعز؛ وهي قضية سبق لي أن كتبت عنها أكثر من مرة، وسبق للأخ المحافظ أن وجّه فيها أكثر من مرة؛ ولكن ظلت هذه التوجيهات حبراً على ورق. وأنا هنا أضع الأخ المحافظ أمام مسئوليته القانونية والأخلاقية بصفته ممثلاً لرئيس الجمهورية ومعنياً بحل قضايا الناس، هناك توجيهات من قبله في قضية العميد سيف محمد غالب الذي اعتدي عليه وعلى أرضه من قبل بلاطجة الأراضي في تعز الذين يفرضون أنفسهم بقوة في تعز متحدين القانون. أما القضية الثانية، فهي قضية المواطن علي قائد مرشد والتي وجّه فيها الأخ المحافظ وحكم فيها القاضي فلم تحل القضية حتى الآن، وهي قضية مشابهة لقضية العميد سيف، فيها اعتداء ويمكن أن تتطور إلى قضية قتل بسبب تقاعس الدور الأمني وتصاعد حركة مافيا الأراضي الذين فرضوا قوانينهم الخاصة على الأرض والمواطنين!!. والحقيقة أنني كنت قد كتبت بعد تسلّم الأخ المحافظ لعمله، ونبهت إلى أن جهات تريد أن تثير النعرات في هذه المحافظة، وتدخل المحافظ في مشاكل جانبية تحرفه عن دوره المتمثل برعاية أبناء المحافظة كلها. وهنا أذكّر الأخ المحافظ بهاتين القضيتين، وبين يدي قضايا كثيرة كلها متعلقة باغتصاب ونهب الأراضي حتى يضع لها حداً قبل أن تتفاقم وتتحول إلى مشكلة غير قابلة للحل؛ وحينها ستصبح تعز مسرحاً للثأر وإقلاق الأمن وخلخلة الاستقرار. والأخ المحافظ يدرك أنه لا يوجد ما يعزز من قوة الانتماء الوطني سوى شعور المواطن في أي مجتمع بالحرية والأمان، والجميع يدرك مخاطر غياب القانون واختفاء النظام. ومن هنا فإنه ينبغي الأخذ على يد أولئك الذين أصابتهم الغفلة واتجهوا نحو أخذ حقوق الآخرين وتغييب القانون. وفي اعتقادي أن السبيل الوحيد لتجنيب تعز دوامة الصراع على الأراضي يتمثل في وقفة جادة من الأخ المحافظ وحل هذه المشاكل بحزم وقوة.