انتهجت تونس منذ بيان 7 نوفمبر 1987 مسارا ديمقراطيا واضحا وقد حدد البيان ملامح هذا المسار في «بناء حياة سياسية متطوّرة ومنظمة تعتمد بحق على تعددية الأحزاب السياسية والتنظيمات الشعبية». ويبيّن تحليل التجربة التونسية أن الخيار الديمقراطي ليس مجرّد هدف بل هو فلسفة سياسية أملاها وازع الواجب والمسؤولية، فالديمقراطية في فكر الرئيس بن علي هي أساس الاستقرار السياسي ومفتاح التنمية الاقتصادية والاجتماعية. لذلك فإنه لم يفوّت أية فرصة ليؤكد على التلازم بين التنمية السياسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وعلى أن الخيار الديمقراطي هو خيار استراتيجي لا رجعة فيه، وأنه مقرّ العزم على إرسائه على أسس ثابتة محصنة ضد الانتكاس والتقهقر. إن الخيار الديمقراطي هو فلسفة وعقيدة. وهو ما يعكسه نجاح التحوّل في تجسيده نصا وممارسة من خلال تهيئة مناخ جديد قوامه الانتقال من القطيعة إلى الوفاق والاعتماد على منهجية في تكريس هذا الخيار تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الواقع التونسي بما مكّن من الانتقال من الأحادية إلى التعددية. تحقيق المصالحة الوطنية: عاشت تونس قبل تحوّل السابع من نوفمبر 1987 صراعات مختلفة الأبعاد، سياسية وأيديولوجية ونقابية أسهمت في إضعاف الجبهة الداخلية. لذلك ارتكزت أولويات التحوّل على تحقيق المصالحة الوطنية وتمتين الجبهة الداخلية. وحرص الرئيس بن علي منذ بداية التغيير على طي صفحة الماضي والتفرّغ للبناء الديمقراطي. واستندت مقاربة التحوّل في هذا المجال على أسس ثلاثة : المصالحة التاريخية والمصالحة السياسية والمصالحة الاجتماعية. وتمثلت المصالحة التاريخية في مشروع التغيير في قطع الطريق أمام كل توظيف للهوية باعتبارها قاسما مشتركا بين جميع التونسيين، فأعاد بيان السابع من نوفمبر الاعتبار لهوية البلاد وشعبها. ووضع التغيير حدا للجدل القائم حول الهوية والتاريخ. وأكد على الانتماء العربي الإسلامي لتونس والاعتزاز بتاريخ يمتد على أكثر من 3000 سنة. كما تمّ التأكيد على الانتماء الإفريقي ودور تونس العريق في محيطها المتوسطي.. وشملت المصالحة التاريخية إعادة الاعتبار للدين الإسلامي لكونه من أبرز مقوّمات الشخصية التونسية. وأصبحت جامعة الزيتونة رمزا لمدرسة فكرية قاعدتها التجديد والتسامح والانفتاح. وأمّن قانون المساجد الصادر في 3 (مايو) 1988 حرمتها وأنهى إشكالية التنازع حولها، حيث نصّ على أن الدولة وحدها مالكتها والمشرفة عليها والمتكلفة بجميع نفقاتها ومنع أي توظيف سياسي لها. أما المصالحة السياسية فقد تمثلت بالخصوص في إخلاء السجون من سجناء الرأي والسياسة. وشملت إجراءات العفو واسترداد الحقوق وإعادة الاعتبار لحوالي 20 ألف مواطن منهم من كان مهدّدا بالإعدام، كما شملت المصالحة السياسية أيضا إعادة الاعتبار لزعماء الحركة الوطنية الذين لفّهم النسيان، وكذلك إلغاء محكمة أمن الدولة وخطة الوكيل العام للجمهورية. وفتح قنوات الحوار مع أحزاب المعارضة دون شروط مسبقة باستثناء نبذ العنف والالتزام بالولاء لتونس وحدها.. وتجسّدت المصالحة الاجتماعية في ردّ الاعتبار لأغلب مكوّنات المجتمع المدني التي عانت الحصار والتهميش. فرفع الحظر عن منظمة الاتحاد العام لطلبة تونس وأنجز الطلبة المؤتمر 18 لمنظمتهم بعد تأجيل تواصل منذ سنة 1972.. كما تمثلت هذه المصالحة في حل الأزمة النقابية التي استفحلت في أواسط الثمانينيات وظلّت تهدّد الاستقرار الاجتماعي وتنذر بالانفجار. تحقيق الوفاق الوطني إن من القواعد الأساسية للديمقراطية توافق مختلف مكونات المجتمع على جملة من الثوابت والخيارات الوطنية تلزم الجميع أبرزها : الحرية، المساواة، احترام حقوق الإنسان، الالتزام بالدستور، احترام القانون والتداول السلمي للسلطة.. وهي كلها ثوابت تحترمها مختلف الأطراف سواء كانت في السلطة أو في المعارضة. ولضمان دوام المصالحة الوطنية وتأسيس حياة سياسية ديمقراطية متطوّرة كان لا بدّ من تحديد ضوابط العمل السياسي والنشاط الجمعياتي وشروطها والاتفاق على القواسم المشتركة بين مختلف مكونات المجتمع السياسي والمجتمع المدني، وقد جعل الرئيس بن علي من الوفاق الوطني أداة لضمان استمرارية الديمقراطية وإطارا لتعبئة الجهود وتشريك الجميع من أجل تحقيق التنمية وتأمين استقلال البلاد وسلامتها، واقترنت المصالحة الوطنية وتحقيق الوفاق الوطني باعتماد منهجية لتكريس الخيار الديمقراطي تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الواقع التونسي والتدرّج في الإصلاح. تكريس الخيار الديمقراطي اعتمد النظام الجديد في تونس تكريس الخيار الديمقراطي منهجية تقوم على شمولية الإصلاح أي التلازم بين التنمية السياسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأسلوب التدرّج في الإصلاح واعتماد الاستشارة كرافد من روافد الحكم. التلازم بين التنمية السياسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية : اعتمد العهد الجديد في تونس طريقا ثالثا في تكريس الخيار الديمقراطي وهو التلازم بين التنمية السياسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. هذان المساران متلازمان في فكر الرئيس بن علي. فالديمقراطية والتنمية بالنسبة إليه لا ينفصلان. فلا ديمقراطية بدون تنمية ولا تنمية بدون ديمقراطية. فتحقيق نسبة نمو ب %5 سنوياً وارتفاع الدخل الفردي من 960 إلى أكثر من 5000 دينار تونسي سنة 2009 وانحدار الفقر إلى أقل من %4 واتساع الطبقة الوسطى إلى حوالي %80 من مجموع السكان تزامن مع تحقيق الوفاق واعتماد الانتخاب كقاعدة للوصول إلى الحكم وتوسيع مجال المشاركة في الشأن العام وتكريس التعددية الحزبية وإرساء الديمقراطية المحلية وتفعيل دور المرأة في الحياة السياسية وترسيخ المجتمع المدني وضمان حقوق الإنسان وإرساء دولة القانون والارتقاء بأداء الإعلام. الانتقال من الأحادية إلى التعددية نجح الرئيس بن علي رغم تشكيك البعض في قدرة حزب التجمّع الدستوري الديمقراطي على مواكبة التغيير، ودعوة البعض الآخر إلى إحداث حزب جديد، وتمكّن من إعادة بنائه على قواعد صلبة ليصبح المُؤتمن على خيار الديمقراطية والإصلاح.. كما أدرك الرئيس بن علي أن بناء الديمقراطية لا يتم إلا بالأحزاب والتنظيمات الاجتماعية التي تعتنق مبادئ الديمقراطية. لذلك جاء القانون المنظم للأحزاب السياسية الصادر في 3 (مايو) 1988 ليحجر تكوين أي حزب سياسي على أساس الدين أو اللغة أو الجنس أو الجهة. وهكذا أرست تونس الديمقراطية بعيدا عن الأصولية. وبفضل هذه المقاربة تمكنت تونس من الانتقال من الأحادية إلى التعددية. وتجسّم ذلك بالخصوص في توسيع المشاركة السياسية وتكريس التعددية في المجالس المنتخبة وتنويع التمثيل وتفعيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية وحراك المجتمع المدني. توسيع المشاركة السياسية تقترن الديمقراطية بالمشاركة السياسية. ويعتبر توسيع المشاركة العنصر الأساسي في دعم الديمقراطية. وقد حرص التحوّل على توسيع هذه المشاركة التي اتخذت عديد المظاهر أبرزها: التخفيض في سنّ الانتخاب من 20 إلى 18 سنة، إشراك الجالية المقيمة بالخارج في الانتخابات الرئاسية والاستفتاء، الزيادة في عدد المسجلين في القائمات الانتخابية.. وسمح توسيع المشاركة السياسية بإدخال ديناميكية على الحياة السياسية خاصّة وقد أصبحت الانتخابات تعددية على المستويين الوطني والمحلي. تفعيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية : تمثلت أبرز مظاهر تكريس الخيار الديمقراطي منذ التحوّل في تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية نظرا لما بلغته من وعي وكفاءة، وتعميقا لمبدأ المساواة بين المرأة والرجل في مجال الترشح إلى مجلس النواب، نصّ تعديل الدستور في 27 أكتوبر 1997 على حق كل ناخب ولد لأم تونسية وبلغ من العمر على الأقل 23 سنة كاملة يوم تقديم ترشحه الترشح لعضوية مجلس النواب. وهذا الإجراء غير معمول به حتى في بعض الدول العريقة في الديمقراطية.. ومن تجليات تشريك المرأة في الحياة السياسية منذ التحوّل، تولي 6 نساء مناصب في الحكومة (وزيرة وخمس كاتبات دولة)، أي بنسبة %12.5، وارتفاع نسبة حضورها في مجلس النواب من %4.3 في انتخابات 1989 إلى %8 في انتخابات 1994 و%11.5 في انتخابات 1999 وارتقت هذه النسبة إلى %22.7 في الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر 2004.. وهي نسبة أرفع من معدل دول الاتحاد الأوروبي التي تبلغ %20.. أما بالنسبة إلى مجلس المستشارين الذي انتخب سنة 2005 فقد بلغ عدد النساء فيه 17 امرأة أي ما يمثل نسبة %16.3 ووصل إلى %27.4 سنة 2005. وتبلغ نسبة النساء في المجالس الجهوية %32، وقد بلغ عددهم في المجالس البلدية 1198 مستشارا، من بينهن 5 رئيسات بلدية. حقوق الإنسان.. مقاربة شاملة وإنجازات رائدة اعتبرت تونس منذ التغيير حقوق الإنسان كلا لا يتجزأ لا مفاضلة فيها بين حقوق الفرد وحقوق المجموعة، وبين الحقوق السياسية والمدنية من جهة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة أخرى. وفي هذا الإطار حرصت تونس على إعادة الاعتبار لدولة القانون والمؤسسات وتثبيت قيم الجمهورية ومبادئها، وعملت على توطيد أركان القضاء المستقل، العادل والناجز، وتجذير مقومات المواطنة، كما تم إيلاء عناية خاصة للطفل باعتباره مواطن الغد، حيث أقرت التشريعات والآليات والبرامج الكفيلة بصيانة حقوقه وتأمين تنشئته السليمة وحماية مصلحته الفضلى.. وأولت تونس أيضا اهتماما خاصا للفئات الاجتماعية الهشة بأن كرست سخي الجهد من أجل القضاء على كل مظاهر الإقصاء والتهميش، وضمن نفس الرؤية اتجه الجهد تخطيطا وقرارا ومبادرة من أجل ضمان المقومات الأساسية للعيش الكريم، من سكن وصحة وتعليم وشغل، وذلك بهدف بناء مجتمع متوازن ومتضامن. وقد أتاح هذا الجهد توسيع نسبة السكان الذين ينتمون للطبقة الوسطى التي باتت تمثل اليوم أكثر من %80 من السكان. نمو اقتصادي مطرد بادر الرئيس زين العابدين بن علي بتجسيم إصلاحات هيكلية مكنت من تحرير المبادرة الفردية وتنشيط آليات السوق وتنويع قطاعات الإنتاج وتعزيز نجاعة وتنافسية نسيج المؤسسات حتى يكتسب الاقتصاد الوطني مقومات الصمود إزاء التقلبات الظرفية وتداعيات متغيرات الفضاء الدولي. وبفضل نجاعة هذه الإصلاحات وسلامة الخيارات الاقتصادية التي انتهجها الرئيس بن علي، توفقت تونس في تحقيق نسبة نمو تعادل أو تفوق 5 بالمائة سنويا منذ 22 سنة. كما تم حصر التضخم في نسب دنيا. وتبرز المؤشرات الاقتصادية التالية أهمية التقدم الذي حققته تونس منذ تغيير 7 نوفمبر 1987: تسارع نسق نمو الناتج المحلي الإجمالي ليتضاعف حجم الناتج أكثر من 6 مرات، تطوير حجم الاستثمار الجملي ليتضاعف منذ التحول قرابة 7 مرات، تحقيق إسهام متنام للقطاع الخاص، الحفاظ على التوازنات العامة، حيث تراجعت نسبة التداين وتراجعت نسبة خدمة الدين. السياسة الخارجية : العمل من أجل السلم والتعاون تتميز الدبلوماسية التونسية بقيادة الرئيس زين العابدين بن علي بحركية ونظرة شمولية ومقاربة بناءة في التعاطي مع الملفات المطروحة على الساحة الدولية خدمة للمصالح التونسية. وتقوم هذه الدبلوماسية المتجذرة في محيطها الإقليمي والحضاري على جملة من الثوابت في طليعتها التعلق بمبادئ الشرعية والقانون الدوليين والسلم والأمن والاستقرار في العالم وكذلك التفاهم والتعاون بين الشعوب.. ومن بين الأهداف الأساسية للدبلوماسية التونسية تعزيز اندماج تونس في فضاءات انتمائها الإقليمي والدولي: بناء اتحاد المغرب العربي باعتباره خيارا استراتيجيا، تدعيم روابط التضامن والتعاون والعمل المشترك في العالم العربي، مساندة عملية السلام في الشرق الأوسط باعتبارها المدخل إلى تحقيق حل شامل وعادل ودائم في المنطقة، تنمية علاقات التعاون مع البلدان الإفريقية والمساهمة في حل الصراعات التي تشهدها القارة بالطرق السلمية، تحقيق الأهداف المنشودة في إطار اتفاقية الشراكة المبرمة بين تونس والاتحاد الأوروبي، تقوية التضامن الأورومتوسطي بفضل دعم الحوار بين مجموعة خمسة زائد خمسة خلال أول قمة بين هذه البلدان في شهر ديسمبر 2003 بتونس، إقامة علاقات شراكة وتعاون مع الدول الآسيوية والأمريكية وتدعيمها، مساهمة تونس في مبادرة الاتحاد من أجل المتوسط بحضور الرئيس زين العابدين بن علي قمة باريس في جويليه(يوليو) 2008 والتي شهدت الانطلاقة الرسمية لما اتفق على تسميته: مسار برشلونة، الاتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي أثناء الدورة السابعة لمجلس الشراكة بين الجانبين المنعقد ببروكسيل في نوفمبر 2008 على الارتقاء بمستوى التعاون إلى مرتبة الشراكة المتقدمة. العلاقات التونسيةاليمنية.. تطور مطرد يشهد التاريخ على عمق العلاقات بين تونسواليمن منذ القدم، إذ تشير بعض الدراسات إلى الأصول اليمنية لبعض قبائل البربر في بلدان المغرب العربي التي هاجرت قبل الفتوحات الإسلامية، كما يسجل مشاركة أهل اليمن الحاسمة ضمن الجيوش الإسلامية التي فتحت إفريقية وهجرة قبائل بني هلال اليمنية إلى شمال إفريقية واستقرارها بتونس. وقد اندمج المهاجرون اليمنيون في النسيج الاجتماعي لبلاد المغرب العربي وساهموا في إثراء الحياة الثقافية، وهو ما يؤكده تشابه العادات والتقاليد وشواهد اللغة والمعمار واللباس والأكل بين الشعبين الشقيقين. وأثبتت الدراسات أن أكثر من مائتي مصطلح لغوي لا تستعمل، في وقتنا الحاضر، إلا في تونس وفي اليمن. كما يتقاسم التونسيونواليمنيون عدة مظاهر اجتماعية وعمرانية وخاصة الألقاب العائلية الحضرمية (حوالي 47 عائلة)، وكذلك أسماء بعض المناطق من ذلك مدينة أريانةالتونسية ومدينة سوسة التي كانت تسمى حضرموت. كما تروي كتب التاريخ الإسلامي أنّ نسب حسان بن النعمان الغساني مؤسس مدينة تونس يعود إلى اليمن، ويقال إن عددا كبيرا من القبائل اليمنية انضمت إلى جيش القائد حسان بن النعمان الغساني وأن عددًا غير قليل من بطونها وأفخاذها مكثوا واستقروا في تونس وصاهروا البربر، وانصهروا معهم وصاروا جزءاً لا يتجزأ من نسيج حياتهم الاجتماعية.. كان التاريخ بما يحمله من إضاءات على الوجدان المشترك بين الشعبين التونسيواليمني خير حافز لدعم وتعزيز الحاضر من خلال التناصر والمساندة المتبادلة والتطلع إلى الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى المستوى المنشود، فالجمهورية التونسية من أوائل الدول التي اعترفت بقيام الجمهورية اليمنية بإعلان الوحدة اليمنية التي وضعت حدا للانقسام المصطنع بين أبناء الشعب اليمني الواحد. وتعزز هذا التمشي في ظل القيادتين الرشيدتين لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي وأخيه فخامة الرئيس علي عبد الله صالح اللذين يرتبطان بعلاقات وثيقة واحترام متبادل، تحدوهما إرادة راسخة من أجل مزيد دفع علاقات الأخوة والتعاون وتطويرها بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين.. وتجسمت هذه الإرادة من خلال تكثيف التشاور والاتصالات والزيارات بين المسؤولين، حيث تطابقت وجهات نظر البلدين في العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك. نقلة نوعية وتشهد العلاقات التونسيةاليمنية خلال الفترة الراهنة نقلة نوعية على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث تواترت دورات اللجان المشتركة التي تؤطر التعاون بين تونسواليمن لتصل إلى عشر لجان تم التوقيع خلالها على أكثر من ثمانين اتفاقية تعاون. ويستعد البلدان لانعقاد الدورة الحادية عشرة للجنة المشتركة التونسيةاليمنية في صنعاء خلال شهر فبراير 2010م، بدراسة عدد من مشاريع اتفاقيات تعاون في عدد من المجالات الهامة. وبفضل الرعاية الشخصية التي يوليها قائدا البلدين الشقيقين للعلاقات الثنائية، تكثفت خلال الفترة الماضية اللقاءات والزيارات بين المسؤولين، بما يعكس بصفة ملموسة الرغبة المشتركة التي تحدو تونسواليمن لتبادل الخبرات والتجارب في مختلف المجالات. كما أن تونس المتمسكة بعروبتها وببعدها القومي، لم تتوان عن تقديم حصيلة تجاربها لخدمة العديد من القطاعات في الجمهورية اليمنية الشقيقة بما يدعم مسيرتها على درب النمو. فالتعاون التربوي والتكويني بين البلدين ينمو بشكل مطرد من خلال احتضان المعاهد والجامعات التونسية لعدد هام من الطلبة و المتدربين اليمنيين. كما توثق التعاون في مجال الإعلام والإدارة والشباب والرياضة والبيئة والنقل والشؤون الدينية والفلاحة والصيد البحري والصناعة والتجارة والكهرباء وتكنولوجيات الاتصال والمعلومات وصيانة الأرشيف والصحة الإنجابية وغير ذلك، حيث تقام سنويا عدة دورات تدريبية في تونس لوفود يمنية. إلا أن حجم التبادل التجاري يبقى دون المنشود مقارنة بالإمكانيات والفرص المتاحة في كلا البلدين، وبلغ في نهاية سنة 2008 قرابة ثلاثة ملايين دولار في الاتجاهين، حيث تصدر تونس إلى اليمن مواد غذائية ( أجبان وبسكويت ومواد مخبزية ومعجون طماطم وتمور وزيت زيتون ...) ومواد إنشاء وتعمير وأدوية وزيوت وموّاد مكتبيّة وموّاد خزفية ومشتقات الفسفاط. وتستورد من اليمن الأسماك والمنتجات البحريّة ، فضلا عن المواد الدهنية والزيوت الطبيعيّة. وتسعى تونس إلى الرقي بالتبادل التجاري مع اليمن الشقيق من خلال تكثيف مشاركاتها في الفعاليات الاقتصادية اليمنية والزيارات المتواترة لوفود رجال الأعمال والمستثمرين التونسيين في مختلف القطاعات.. وفي هذا الإطار، شاركت تونس للمرة الثالثة في معرض صنعاء الدولي خلال شهر يونيو 2009م، كما زار اليمن بالمناسبة وفد هام من رجال الأعمال التونسيين، حيث التقى بنظرائهم اليمنيين بهدف النهوض بالتبادل التجاري وإحداث شراكات في العديد من القطاعات، وكذلك استكشاف فرص جديدة للتعاون في المجالات الاقتصادية. كما تم التوقيع على اتفاقية تعاون بين غرفة التجارة والصناعة لتونس والغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة صنعاء. وتعزيزا للتعاون التونسياليمني في مختلف المجالات، نظمت البعثة خلال السنة الجارية عدة فعاليات ثقافية بصنعاء، وفي هذا الخصوص.