بضعة أيام ويحل علينا ضيف عزيز يجب أن نحتفي ونحتفل به كما يستحق، بضعة أيام ويهلُّ علينا 22 مايو، عيد الأعياد، عيد إعادة الجسد الواحد، جسد اليمن الذي شطّره الاحتلال جنوباً والحكم الإمامي شمالاً، سيأتي 22 مايو وسنحتفل به كما لم نفعل من قبل، سنقهر باحتفالنا به الإرهابيين والفاسدين ممن يجتهدون ويجاهدون لتدمير هذا الوطن الغالي. لقد قرّرت أن أحتفل بهذا اليوم وأعلّم أبنائي أن يحتفلوا به كل عام؛ ويسعدوا بقدومه ويرحبوا به بالبالونات وأعلام اليمن؛ قرّرت أن أعلّم الجيل القادم ما لم يتعلّمه الجيل الذي لحق جيلنا، ذلك الجيل الذي لم يعش ما عشناه يوم إعلان الوحدة المباركة في 22 مايو 1990م، لم يذرفوا الدموع فرحاً كما فعلنا، ولم يشهدوا ما شهدناه من عناق بين شعب كان شعبين فعاد كما كان شعباً واحداً. أتذكّر جيّداً ذلك اليوم؛ كنت في الصف الأول إعدادي، أتذكّر الفرحة التي اجتاحت منزلي وحارتي ومدرستي، وأتذكّر أيضاً الصديقات اللواتي وفدن إلى الدراسة في مدرستي بعد انتقال أهاليهن للعيش في صنعاء، كانت سعادتنا بهن وسعادتهن بنا عنواناً لسعادة وطن بأسره. سنرسل أنا وأبنائي البالونات إلى السماء لنزيّن سماء الوطن بعلم اليمن لنُشهد العالم أننا نحب هذا الوطن رغم ما يعانيه من ألم، نحبه بصموده وقوته ووقوفه شامخاً كشموخ جباله في وجه كل أعدائه من الخارج ومن أبنائه أيضاً. هي دعوة لكل بيت بأن يرسلوا أبناءهم بالونات إلى السماء نحيّي بها الشهداء وهم في جنة الخلد، لنقول لهم إنكم أبناء اليمن البررة الذين لم تبخلوا بأرواحكم فداءً لتراب الوطن، ورسالة لذوي الشهداء بأن أبناءكم أبناء اليمن وأبناءنا وإخواننا وآباءنا لم ننسهم ولن نفعل وهم وفود الخير إلى الجنة. بضعة أيام ويأتي 22 مايو؛ سنرسل البالونات إلى السماء، وستشرئب أعناقنا إلى السماء نلوّح بأيدينا للشهداء الذين يراقبونا من الجنة، ستتجه عيوننا إلى السماء ندعو الله أن يحمي وطننا ويزرع المحبّة في قلوب أبنائه وينزع الحقد والكراهية من حياتنا لتكون تفاصيلنا محبّة وسلاماً، ونسمع الأهازيج والأغاني الوطنية التي لابد أن يعلو صوتها فوق صوت الرصاص والقذائف والانفجارات، ولتكن احتفالاتنا في البيوت حديث الصحف والأخبار ليكون يوماً جميلاً ومسالماً لا أخبار فيه عن القتل واستنزاف خيرات الوطن من دم أبنائه ومعادنه وطاقاته. فلنجعل يوم 22 مايو يوماً مميّزاً كما جاء قبل 24 عاماً بسلام ومحبّ زهرة اليمن