برغم ما يمر به الوطن من مشكلات في مختلف المجالات إلا انك لو عممت سؤالا على الشعب مفاده أيكم يرغب في أن يكون محافظا لعبر عدد من العامة عن رغبتهم في ذلك ولو قلت وزير لزاد عدد الراغبين أما لو قلت رئيسا لكانت هناك أعداد مضاعفة من الراغبين في رئاسة البلاد وكل منهم يحمل في ذهنه صورة خاصة عن المسؤولية لم تكن من إنتاج خياله ولكنها مستوحاة من واقعه وقد رآها في بلده باعتبار أنها ( أرصدة مالية كبيرة وعمارات ضخمة وسيارات فاخرة ورحلات متعددة ) وفي نهاية المطاف حفل توديعي ومنصب تشريفي وإذا لزم الأمر حصانة تقيد صاحب الحق عن أن يطالب بحقه . لم يسأل المسؤول سائل عما حل بالبلاد والعباد في عهده ولا عن ما قدمه لها أثناء فترة حكمه ولا عن كيف تمكن من جمع ثروة هائلة في بلد لم يجد بعض سكانه قوت يومه ولا عن ما صودر من حق الشعب من حريات تحت سمعه وبصره . وكأننا لم نستوعب حديث رسولنا الكريم وهو يعلمنا المسؤولية في قوله : ( كلكم راع وكلكم مسؤولا عن رعيته ………… ) . الحديث الذي شمل كل جوانب المسؤولية ومن بعده قال الخليفة العادل عمر بن الخطاب : ( لو أن بغلة عثرت في العراق لسألني الله عنها لما لم تمهد لها الطريق ) قمة المسؤولية والخوف من الله كان عمر يومها خليفة للمسلمين ومسؤولا عن الدولة الإسلامية التي كان مقرها في المدينةوالعراق البعيدة عنه جغرافيا هي جزء من الدولة التي يقف هو على رأسها لذلك كان يستشعر بمسؤوليته حتى عن بغلة فيها . وفي اليمن شعب بأكمله يتعثر على مرمى حجر من قصر الوالي دون أن يستشعر والينا – المعظم – مسؤوليته عنا وعن ما حل برعيته في ظل رعايته .وقد تخلى المجتمع عن مسؤوليته في مسآلة حاكمه عن تقصيره بل وفي مواقف كثيرة يكرم المسؤول الفاشل رسميا على فشله بمسؤلية أكبر أو بمنصب تشريفي لتستمر مسيرة الفشل في البلاد . وقبل أن يغادر منصبه الأول يقام له احتفال توديعي رسمي تتحدث الكلمات الملقاة فيه عن نجاحات وهمية وتتحدث قصائد النفاق عن مستوى الرخاء الذي شهدته البلاد في عهده والذي لا وجود له إلا في أبياتها أي القصائد وهو يسمع دون خجل ويبتسم ومن حوله المنافقون وحولهم عدد من الجياع يسمعون ولجهلهم يصفقون . في ذلك تطمين لمن سيخلف بأن ليس هناك من سيحاسبه على فشله وأن الحساب متروكا ليوم الحساب. وحتى في هذه لن يجد إماما مخلصا يذكره بحساب ربه ولا رفيقا صالحا يدله على الخير ويرشده . وعليها فقد أستبد بالشعب باسم العدالة الاجتماعية وصودرت الحقوق باسم الشرعية الدستورية واستباحت الأرض باسم الديمقراطية وحين تسي حالة الوطن بفعل إدارتهم الفاشلة له يغادروه إلى آخر تسبقهم إليه ما نهبته أياديهم الآثمة من أموال الشعب وكأن الوطن فندق يغادروه عندما تسئ الحالة فيه تاركين الشعب يكابد آلام غربته في وطنه ووطن أجداده . تستغرب أحيانا من انه برغم الجوع والبؤس والشقاء لا يزال هناك شعب يقوى على التصفيق لهذا الحاكم أو ذاك برغم ضعف قيادته وزيادة ثروته بمتوالية هندسية بينما حالة الفقر في عهده اتسعت بنفس المتوالية في وطن يدين شعبه بدين قال نبيه ورسوله محمد صل الله عليه وسلم : (………. لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) وقال في حديث آخر : ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ) بينما الشعب في يمن الإيمان والحكمة لا يزال يلدغ من ذات الجحر منذ الاستقلال إلى اليوم . وقد آن الأوان لأن يتعلم من أخطاء الماضي من أجل حاضره ومستقبل أولاده وأن تكون علاقته بحاكمه بمثابة عقد اجتماعي جوهره خدمة هذا الوطن ومسؤولية الحاكم تجاه المحكوم الذي سيؤدي إلى مغادرة الظلم وقبله سيغادر الظالمون لأنهم لن يجدوا من يصفق لهم على ظلمهم وسيجد المنافقون أنفسهم دون عمل كما سيجد المطبلون أنفسهم عن امتهان التطبيل عاطلين .