تقرير البنك الدولي: الافتقار إلى البنية الأساسية لإمدادات المياه يشكل عائقاً أمام بلدان العالم النامي كثرة المياه أو شحتها يمكن أن تكون سبباً في حدوث كوارث في أشدَّ بلدان العالم فقراً. فمياه الأمطار الغزيرة في الفلبين أسفرت في شهر فبراير الماضي عن وقوع انهيارات أرضية أزالت قرية بأكملها من على وجه الأرض بسكانها البالغ عددهم 1800 شخص. وتهدد موجة الجفاف الشديدة في أفريقيا وحالات النقص الناجمة عنها في المواد الغذائية حياة ملايين البشر في هذه القارة. ففي كينيا، اندلع في الآونة الأخيرة نزاع حول موارد المياه والمراعي الشحيحة. وفي معرض تعليقه على هذا الوضع، يقول ديفيد غراي، كبير مستشاري الموارد المائية في البنك الدولي، إن الظواهر المتطرفة في إمدادات المياه تعرض بلدان العالم النامية لصدمات غير مقبولة. مضيفاً أن الرياح الموسمية وموجات الجفاف ونضوب موارد المياه الجوفية والأعاصير تلحق أضراراً كبيرة بالبلدان الفقيرة التي تعاني وضعاً اقتصادياً لا تستطيع في ظله تخفيض المخاطر المقترنة بتلك الظواهر. **تأزم الوضع هناك بالفعل بليون إنسان في هذا العالم لا يحصلون على إمدادات مياه آمنة. تقول كاثي سيرا، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون البنية الأساسية إن حوالي 15 في المائة من السكان أو ما يعادل 76 مليون شخص تقريباً في أمريكا اللاتينية لا يحصلون على إمدادات مياه آمنة، كما أن هناك حوالي 116 مليون شخص لا تتوفر لديهم خدمات الصرف الصحي. وفي إثيوبيا، ترتبط معدلات النمو وإمكانياته الإنمائية ارتباطاً مباشراً بمعدلات هطول الأمطار. ومن شأن وقوع موجة جفاف، ولو واحدة، أن تخفض إمكانية تحقيق النمو بما نسبته 10 في المائة لفترات طويلة، ويبدو أن تقلب مستويات هطول الأمطار في الماضي تؤدي إلى تقليص إمكانية تحقيق النمو بمعدل الثلث. وتعتمد اليمن اعتماداً كلياً على مياه الأمطار والمياه الجوفية ومياه السيول للحصول على احتياجاتها من المياه، إلا أنه لا تتوفر لديها مؤسسات فعالة للقيام بإدارة إحدى أشدَّ أزمات المياه حدة على مستوى العالم. ونتيجة لذلك، فإن إمدادات المياه المتناقصة تهدد بنزوح السكان. وفي كينيا، تسببت موجة الجفاف الناجمة عن ظاهرة النينيا (La Nina) خلال الفترة 1998-2000 والفيضانات التي سببتها ظاهرة النينيو (El Nino) خلال عامي 1997-1998 إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 16 و 11 في المائة على التوالي. وبلغ مجمل الخسائر التي تعرض لها قطاع الصناعة ما نسبته 58 في المائة. **المياه والنمو يقول غراي وسادوف إن البلدان الغنية قد استغلت عنصر المياه في وقت مبكر في عملية التنمية الخاصة بها، وحولت المياه إلى مُحرك لتحقيق النمو. كما أن بوسع بلدان العالم المُتقدمة التي تنعم بصفة عامة بظروف مناخية أكثر اعتدالاً وبنية أساسية مستقرة لإمدادات المياه أن تستوعب أحداثاً مروعة ذات صلة بالمياه كما كان الحال في إعصار كاترينا. يضيف غراي وسادوف أن البلدان النامية في حاجة إلى تحقيق هذا النوع من "الأمن المائي" الذي يرتكز على وجود إمدادات مياه يمكن التعويل عليها، ومستويات مقبولة من المخاطر الناجمة عن الفيضانات والأحداث الأخرى التي لا يمكن التنبؤ بها، بما في ذلك تلك الأحداث الناجمة عن ظاهرة تغيّر المناخ. ولكن بلدان العالم النامية تجد نفسها في موقف عصيب للغاية، فهي لا تملك المال الضروري لإقامة البنية الأساسية أو تحسين إدارة الموارد المائية الضرورية لتحقيق الأمن المائي، كما أنها تفتقر إلى الأمن المائي اللازم لمساعدتها في تحقيق النمو وخلق الثروات لإقامة مشروعات البنية الأساسية. **ضرورة توفير الاستثمارات وتحدد دراسة أعدها مجموعة خبراء في الشؤون المائية أربع طرق يمكن من خلالها للاستثمارات في كل من إدارة شؤون المياه والبنية الأساسية المساعدة في تقليص الفقر في بلدان العالم النامية، وهي: تنظيم تدفقات مياه الأنهار وتخزينها، سواء من خلال وسائل طبيعية أو صناعية إقامة مشروعات للموارد المائية تستهدف الفقراء، كمشروعات معالجة مناطق مُستجمعات المياه المتدهورة في المناطق الفقيرة واستعادتها إلى سابق عهدها إقامة مشروعات عريضة القاعدة لخدمات المياه تستهدف، على سبيل المثال، تحسين أداء مرافق المياه إطلاق مبادرات تعود بفائدة مباشرة على الفقراء كمشروعات تقديم خدمات المياه والصرف الصحي والري وتتوقع الدراسة أن تكون التكاليف المقترنة بتلك المشاريع "بالغة الضخامة"، ذلك أن أقل بلدان العالم نمواً تواجه أشدَّ التحديات الطبيعية حدة. وعلى حد تعبير الدراسة فمن الضروري على البلدان المعنية تكييف أي منهج ترغب في اعتماده ليلائم ظروفها الخاصة، كما يتعين أن يعمل ذلك المنهج على تشجيع المزيج الصحيح من البنية الأساسية والإدارة الجيدة."