(1) إن شبه الجزيرة العربية هي المهد الأول للأقوام السامية، يقول جوستان جاردير: "إن الساميين يأتون في الأصل من شبه الجزيرة العربية"، وقد هاجروا إلى شمال شرق الجزيرة العربية واستوطنوا العراق، وهم الآكاديون واتحدوا مع السومريين 3000 سنة قبل الميلاد فأنشأوا مملكة عظيمة بقيادة سرجون الآكادي، ثم اشتُق منها الحضارتان البابلية والآشورية، بعدما هاجر الكلدان والعموريون الآراميون "الساميون" من شمال الجزيرة العربية إلى بلاد ما بين النهرين "العراق". من الشعوب التي هاجرت من الجزيرة العربية شمالا إلى بلاد الشام العاموريون، كما ذكرت، والكنعانيون إلى فلسطين وانفصل عنهم الفينيقيون في لبنان، والأنباط في شمال غرب السعودية. أما من بقي من الساميين في شبه الجزيرة العربية فهم العرب. (2) قسَّم علماء اليونان والرومان بلاد العرب إلى ثلاثة أجزاء؛ فدعوا القسم الأول بلاد العرب السعيدة "اليمن"، والثاني بلاد العرب الحجرية - بلاد العرب البترية - والثالث بلاد العرب الصحراوية. ومع وبعد الفتح الإسلامي هاجر العرب من شبه الجزيرة العربية في موجات كبيرة إلى العراق والشام، ثم مصر وليبيا ومراكش وإسبانيا غربا، وما بقي من كل الساميين والعرب هم العرب التاريخيون في شبه الجزيرة العربية والشاملة على المملكة العربية السعودية وجمهورية اليمن وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة وقطر والبحرين والكويت، أضف إلى ذلك قبائلنا وعشائرنا العربية في شمال شبه الجزيرة العربية في العراق وسورية والأردن، فنحن وهؤلاء نحمل ذات التراث النفسي والعقلي والمظهر والشكل الخارجي الواحد، إن كل هذه الوحدة صنعها التاريخ والجغرافيا والنشأة الأولى، وهي راسخة مع تبدل الدول والسياسات والمصالح، ثم جاء التوحيد العقدي وشدّ من وثاق وحدة البشر بتوحيد رب البشر. ( 3 ) إن اليمن من قومنا الذي زكَّته النبوة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: جاء أهل اليمن، هم أرق أفئدة، الإيمان يمان، والفقه يمان، والحكمة يمانية" أخرجه مسلم، وفوق الإيمان والحكمة: الشجاعة والكرم العربيان.. إن هاتك وتلك جاءتا من التاريخ الغابر المجيد لأمتنا، سبأ وحمير وكهلان ومعين وقتبان وحضرموت، ثم اختلط الدم بالدم فجاءت حضارة جنوب ووسط الجزيرة العربية طسم وجديس وكِندة، ثم التقي البأسان معا بعد النبوة ووظفا التاريخ والجغرافيا والثقافة لصالح الدين الحنيف، إننا سنكون أوفياء لتاريخ مشترك عمره 5000 سنة، كيف لا والتحديات أمامنا كبيرة، بدءا من الإرهاب والشعوبية بقيادة الفرس الساسانيين الجدد والتدخل الأجنبي بقيادة البيزنطيين الجدد، فضلا عن تطلعاتنا للتنمية المستدامة وتحقيق الرضا والسعادة لجزيرة العرب، وعلى الآخرين أن يحترموا خصوصياتنا ويسمعوا لصوت العقل والحكمة حينما قال الفيلسوف سقراط قبل 2400 عام للإسكندر المقدوني بعدما قرر إسقاط فارس انتقاما لاغتيال أبيه "غيلة"، وهي عادتهم حتى يومنا هذا: "إياك وجزيرة العرب فإنهم قوم أُنف ذو بأس يعرفون أرضهم جيدا". إننا لن نخضع لرأي من هنا أو هناك معلّب ومسبق الصب متخندق على ذاته ويعتقد أنه محور العالم وبليد بالسياسة فلا يتذكر من القومية إلا عبد الناصر ولا يتذكر من اليمن إلا حرب الوديعة أو الحوثيين، لقد قالها كبيرنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أهلنا باليمن: "أصل العرب" ومن يفقد أصله يفقد مستقبله، إنك دائما كلما اتجهت جنوبا فلن تجد إلا النخوة؛ لأنك تقترب دائما من النبع التاريخي الصافي غير الملوث لخيرة أمة قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ) سورة آل عمران آية 110؛ لذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرج أهل اليمن لفتح فارس، وهكذا كان. (4) خصصت المملكة العربية السعودية الوفية مبلغ ثلاثة مليارات ريال سعودي لتنمية اليمن؛ على أن تكون المساعدة مباشرة لأهلنا؛ كي يلمسها المستفيد النهائي "المواطن" وتعبر عن صلة رحم صادقة، فالمال لن يكون معبرا دون يد حانية تقول له إني مهتمة بك وعليه يقترح إنشاء: "المفوضية السعودية لتنمية اليمن السعيد" على غرار المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة، يعمل فيها قادة سعوديون وآخرون سعوديون ذوو أصول يمنية؛ لتنفيذ وتنسيق البرامج التالية: 1) كفالة خمسة آلاف يتيم. 2) إنشاء البنك السعودي اليمني للإسكان لتمويل بناء عشرة آلاف وحدة سكنية. 3) ابتعاث خمسة آلاف طالب يمني في الجامعات السعودية والدولية على مدى عشر سنوات في تخصصات علمية. 4) قبول ألف حالة مرضية مستعصية للعلاج في المستشفيات السعودية سنويا. 5) بناء خمسة مراكز إسلامية باسم الإمام الشوكاني - رحمه الله - وفيها معهد لعلوم الحديث يقبل خريجوه في الجامعة الإسلامية وأم القرى. 6) بناء خمس مدارس نموذجية متقدمة بمناهج عالمية في المدن الرئيسة. 7) إلحاق 50 قائدا يمنيا سنويا ببرنامج التنمية الحكومية "دبلوم الإدارة العامة" في معهد الإدارة العامة. 8) إنشاء خمسة معاهد مهنية في وظائف يحتاج إليها القطاع الخاص السعودي. 9) عقد الأسبوع الثقافي السعودي سنويا على أن تكون كل سنة في محافظة يمنية مختلفة. 10) عقد 100 برنامج تدريبي للصحافة والإعلام اليمني خلال عشر سنوات. 11) حفر 100 بئر مياه مع شبكتها في القرى النائية. 12) إنشاء فرع لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن في عدن. 13) إنشاء شركة مساهمة سعودية يمنية برأس مال مليار ريال سعودي، تكون شراكة بين صندوق الاستثمارات العامة ومستثمرين سعوديين ويمنيين ومتخصصة في زراعة القهوة، بدلا عن القات وإطلاق علامة تجارية دولية وشبكة للمقاهي الحديثة. 14) استضافة 500 حاج ومعتمر سنويا. 15) تأسيس دار نشر لطباعة الإنتاجين العلمي والأدبي لليمنيين باسم "دار المعارف السعودية اليمنية". 16) تأهيل وتدريب سلاح الحدود والبحرية اليمني. 17) إلحاق كبار الضباط اليمنيين بجامعة نايف للعلوم الأمنية. 18) رعاية 100 رياضي يمني في الألعاب العربية. 19) إنشاء صالة كبرى للرسم والتصوير في صنعاء بالتعاون مع الجمعيات السعودية ذات العلاقة. 20) تشجيع ابتعاث 30 أستاذا سعوديا جامعيا وسنويا كأستاذ زائر في الجامعات اليمنية. 21) إنشاء بنك للبذور والتقاوي الزراعية. 22) إطلاق برنامج القروض الصغيرة لتنمية الثروة الحيوانية. لقد رأينا كيف الالتحام الأخوي في بطولة الخليج العربي المنعقدة في اليمن حاليا، وكيف ابتهج أهلنا هناك بها.. إنهم مشتاقون للتفاعل والتعامل بلطف ونديّة؛ فهم جبابرة بقلوب حانية.. كما نحن.. هم... هم.. إن الإنتاج والمبادرة هما ممارسة الأقوياء الواثقين بالله.. ثم بإرادة الرجال ذوي الذاكرة، قال سمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز: "ما يصيبنا يصيب اليمن وما يصيب اليمن يصيبنا". أيها السعوديون.. أنتم العرب التاريخيون يا أصحاب العقول والعقال واليمن بانتظارنا.